10 نوفمبر 2025

تسجيل

أزمة القراءة..!

20 مارس 2019

يعيد الاحتفال باليوم العالمي للقراءة إلى الأذهان كل عام طرح العديد من التساؤلات حول معضلة القراءة، ويثير من خلاله جل المهتمين بالمجال النقاش حول الأرقام والإحصائيات الموضحة والمقارنة لمدى نجاعة الاقتراحات والسياسات والخطط الاستراتيجية المتبعة الكاشفة عن البون الشاسع والهوة السحيقة بين العالمين العربي والغربي، إذ يتردد دائما أن الوقت قد حان لإيجاد السبل الرفيعة والتدابير الناجحة لتذويب هذه المسافة الواسعة والتخفيف على الأقل من الأرقام المخيفة والفلكية في مجال القراءة ومجالسة الكتاب. وإذا كانت كثير من البلدان تبذل قصارى جهودها لتحقيق هذا المسعى عن طريق إضفاء مقاربة تشاركية للموضوع، فإن القائمين على الشأنين الثقافي والتعليمي في قطر قد أعدوا العدة لهذا الخيار عن طريق رؤية موسعة وشاملة تستند إلى عدد من الدعامات والأسس القوية الغاية منها النهوض بالفعل القرائي والإبقاء على مكانة البلد على مرمى حجر من البلدان الداعمة لهذه السياسة. ولعل موضوع القراءة، والحالة هاته، قد صار بحق يشغل كل السياسات والنظم وموضع دراسات ومناهج، بل إن العديد من التجارب أضحت تشرك فعاليات المجتمع المدني في هذا الإطار عن طريق خلق شبكات للقراءة حيث باتت من جهتها تطوق الموضوع استنادا إلى الطاقات البشرية الحاملة للهم الثقافي، واعتمادا على دعم الجهات الوصية وفق استراتيجية هادفة وبرامج يتم تسطيرها لهذه الغاية. وقد صارت هذه التجارب محل اقتداء ومثار اهتمامات المتداخلين في العملية التعليمية التربوية والثقافية بشكل عام، وقد خطت لنفسها اسهامات في هذا الباب وكانت لها بصمات على أكثر من صعيد يمكن إجمالا تفصيل أهم إشراقاتها في التوصيف التالي: - تبني مشروع مجتمعي غايته التحفيز على فعل القراءة. -السعي إلى ترسيخ عادة القراءة كإجراء يومي يهم الجميع. - شحذ الجهود الفردية والجماعية والمؤسساتية قصد الانخراط المكثف في خطة وطنية تستهدف التكوين بغاية توطيد الصلة مع هذه الثقافة بجميع الفضاءات من مؤسسات تعليمية، دور الشباب، المكتبات العمومية، النوادي، المخيمات الصيفية، المؤسسات السجنية ومراكز الإصلاح وغيرها. -إشاعة فعل القراءة لدى الجيل الناشئ باعتماد ممارسات وسلوكيات وجوائز تحفيزية، والدفاع عن أهمية هذه البادرة في المنظومة التعليمية والتربوية. -تنظيم لقاءات للمطالعة والقراءة الجماعية بالفضاءات العمومية: الساحات الكبرى، الشواطئ، الحدائق العامة فضلا عن وسائل الدعاية للحث على القراءة خلال فترات التنقل أو السفر بمختلف وسائل النقل: القطار، المترو، الطرامواي وغير ذلك. وارتباطا بذات السياق لا مناص من التأكيد على أن قطر تنهج سياسة رشيدة وتبذل جهودا حثيثة للرقي بالقراءة ومجابهة عوامل وجذور العزوف عنها باعتماد آليات ووسائل تعزز قيمتها وتحقق المأمول والمنشود من هذه العملية، من خلال عدد من المؤشرات تتبدى مياسمها في تشجيع عملية النشر وتوفير دعم الكتاب، إنشاء المكتبات المدرسية ومصادر التعلم بجل المدارس وتزويدها بالعدد الكافي والمطلوب من الكتب، إقامة مسابقات بين المدارس والمعاهد في مجال القراءة، في حين يبقى أبرز هذه المؤشرات إقامة المعارض الخاصة بالكتاب ولنا في المعرض الدولي للدوحة أفصح معطى إذ يصنف في طليعة المعارض العالمية من حيث مساحة العرض وعدد دور النشر وكذا العروض الثقافية المقامة على هامشه. ومهما يكن من بد، فإن الضرورة أضحت ملحة اليوم لتكثيف الجهود للتصدي لظاهرة العزوف عن القراءة خاصة لدى الشباب في ظل سيادة الوسائل الالكترونية ومزاحمتها للكتاب الورقي، وهذا موضوع آخر يقتضي نقاشا أوسع وتحليلا أعمق للوصول إلى خلاصة لا محيد عنها أن الكتاب الورقي يبقى شامخا وأكثر حضورا في المشهد الثقافي، أليس الكتاب بخير جليس؟.