08 نوفمبر 2025
تسجيللا يختلف أي أحد على أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءا من الحياة لأي شخص . ولا يختلفون أيضا على أنها مؤثرة ، سواء كانوا مؤيدين أو رافضين لها ، فمنهم من يراها وسيلة للتسلية وغاية للترفيه ومعرفة للأخبار ووسائل إعلام جديدة سهلة ومتاحة ، وأكثر حداثة وسرعة . وهذا يعني أنها لم تعد مواقع " تواصل " بل " اتصال " . ومنهم من يراها تهدد البناء الثقافي والاجتماعي ، وأنها أبعدت القريب ، وقربت البعيد .. فأنت تتواصل مع صديقك أو قريبك وتتبادل معه التهاني بالمناسبات عبر الواتس آب ، وتعرف أخباره عبر تويتر ، وتشاهد يومياته من خلال سناب شات . والبعيد الذي لم تكن تصله خصوصا المشاهير الذين لا تعرف أخبارهم إلا من خلال المجلات والصحف ، أصبح يأتي إلى عندك في يومياتك ، وترى وتتابع أخباره ، وتدخل بيته أيضا وغرفة نومه من خلال ( سنابه وانستغرامه ، وتويتره ) ، وتتعرف على حقيقته بلا تضبيط وتنميق العبارات و المانشيتات والصور المعالجة . إن كانت هذه المواقع هددت أو هدمت البنى المجتمعية ، لكنها بنفس الوقت قد شكلت ثقافات جديدة من إلغاء الطبقية المجتمعية بين أفراده ، واختيار كل شخص لفضائه ومن يتابع ، فيختار مسكنه الافتراضي الذي يجلس فيه أكثر من غرفة نومه ، ويختار الحي ، والشارع والمدينة ، التي يحب من المتابعات ، والأفكار .. والكتابات عبر المحتوى الذي يريد . من هنا تبرز أدوار مواقع التواصل بأنها شكلت ثقافة جديدة على اعتبار أن الثقافة سلوك مكتسب ، ويمكن أن نقول أكثر بأنها شكلت نظاما جديدا للمكونات الاجتماعية وإلغاء الفروقات بينها ، وأفرزت التناقضات مثل أن تكون هناك مطالبات بحرية الرأي ، وممارسة له ، بالكتابة والتعبير بسقف مفتوح ، بل بلا سقف لدى الأكثرية . إلا أن "تطرف الأفكار" أصبح السمة الدارجة بين بعض المستخدمين ، فلا قبول للآخر ، وحالات الاستقطاب ، والمناصرين ، والحروب الالكترونية خير شاهد ودليل . فكل شخص يختار (time line ) على هواه ، ولا يقبل بمن لا يعجبه ، ويحدد من يتابع ، ويرفض الآخر ، سواء كان يختلف معه بالرأي أو السلوك ، أو الميول . حرية الرأي والوصول جعلت البحث عن الجديد ، وجعلت الكثيرين من المستخدمين هم أصحاب رأي بالأشياء ، ويفتون بها ، وغير ذلك أصبح الشغف بالمعرفة ، والدخول في كل الحوارات والجدل ، إلى أن أصبح هذا المستخدم مثقفا ومفتيا ، وعالما ، وصديقا لما يجهل ، لا عدوا له . فكيف نقول أن مواقع التواصل لا تكسبنا الثقافة ؟! وكيف نقول أنها سلبية وقد أخذت دور تمثال الحرية رمزيا . هذا الشغف جاء من عطش الناس للمعلومة ، وبمبدأ الحاجة أم الاختراع ، وطلبات المتابعين والجمهور هي التي تصنع الطاغية والنجم والخبير . أقولها مازحا طبعا .. ولو كان الأمر جديا عند البعض ، فإن علينا عدم النظرة إليها من برج عاجي ، أو الدونية . وعلينا أن نتفق ولو اختلفنا ، رغم أننا متفقون على ألا نتفق .. بأنها حققت تطورا ، ومنعطفا ، وهناك بعض العبث واللاوعي ، بتصرفات شخصية ، ولولا تدخلات الأيدي الطويلة " الجيوش الالكترونية " والحروب غير الشريفة التي تدار وتستهدفنا ليل نهار . وللحديث شجون وبقية .. تويتر : @jassimsalman سناب شات : jassim.salman