11 نوفمبر 2025
تسجيلكان ما يربطني بالدوحة هو الذهاب إلى المدرسة صباحا أو الذهاب إلى مستشفى الرميلة عند الحاجة وأيام الأعياد، حيث نستأجر (تاكسي) وأذهب وبعض الأخوان إلى منطقه"البدع"، حيث بيوت أخوالي، وكان البدع عبارة عن فريج ضيق الأزقة والممرات. وأذكر أننا كنا نمر على جميع البيوت ما أمكن للحصول على العيدية، ولا نرجع إلى الريان، إلا وقد كنا استنفذناها، حيث البحر قبل الكورنيش الحالي مجاور للبيوت، وبعضنا يتعلم "الحداق" والبعض الآخر يقضي وقته على البحر أو أمام أحد الدكانين في البدع مع الأصحاب والأهل أو الأقارب من الشبان في ذلك الوقت. في غير هذه المناسبات المحدده كنا محكومين بجغرافية الريان صيفا وشتاء ماعدا الخروج للبر أو للبحر. كان للريان طبيعة خاصة وهي على ما أعتقد التي أعطته هذا المسمى الجميل فهو محاط تقريبا بالمزارع، وحتى كنا نستيقظ باكراً على أصوات ماكينات جلب المياه في هذه المزارع، وبه العديد من برك السباحة، ففي بعض المزارع هناك أكثر بركه، نقضى أوقاتنا صيفا في السباحة فيها وفي صيد الطيور، وكنا نواجه ممانعة ورفضاً أحيانا من المشتغلين فيها من أهل عمان أو البلوش، وكان زرع الشيوخ موكولا به رجلا من أهل الحوطة اسمه "ابن غميان"، ومعه علي العقيلي -رحمه الله- وكان والدي يمتلك مزرعة في غرافة الريان داخل سور المدينة التعليمية؛ الآن بها بركتان للسباحة، في الليل ليس هناك سوى جلعة "قلعة" عبدالله بن جاسم الذي يسكنها حفيده الشيخ جاسم الذي كان يحبه محبة خاصة حتى أنه كان يدعى باسمه جاسم بن عبدالله، وهو جاسم بن علي بن عبدالله، رحمهم الله جميعاً، حيث كنا مشدوهين بمشاهدة الأفلام وبالسينما بشكل خاص في طرازها الأول وكان أشهر الأفلام فيلم مغامرات عنترة بن شداد؛ بطولة سراج منير وكوكا، وكان يعرض باستمرار بالاضافة إلى فيلم آخر فظيع اسمه "لص بغداد" لا أدري ما جنسيته أو من هم أبطاله. كان في بيتنا "دجة" أو دكة خارجية للجلوس عليها في الليل، حيث الهدوء التام والسكون الجميل، ومعظم بيوت أهل قطر كانت تحتوي على "دكيك"، حيث لم يكن الضيق معقولا والمساحات خالية والفضاء واسعا. بالإضافة إلى المجلس بالطبع، تلفزيون أرامكو أدخل وعيا جديدا، فلم يكن في المنطقة سوى تلفزيون الكويت وكان إرساله ضعيفا ونادرا ما يكون واضحا ومستمرا، حين كنا نتشوق لمسلسل "أبو جسوم" الشهير في تلك الايام، أما تلفزيون أرامكو من الظهران فكان من الممكن مشاهدته بشكل شبه منتظم، وكان حقيقة على قدر من التخطيط الواعي لثقافة المنطقة. كانت جميع أفلامه مدبلجة تماما باللغة العربية، كما أنه ذو أجندة ثقافية فهناك برنامج "زاوية الكتب" لاسماعيل ناظر، وهناك "بابا حطاب" برنامج للأطفال، هناك أيضا المصارعة الحرة التي امتلكت قلوب الكبار"الشيبان" في ذلك الوقت وكأنهم ملوا من دعة الحياة وسكونها ويريدون استرجاع أيامهم الأولى في مصارعة البحر بحثا عن اللؤلؤ ولقمة العيش. [email protected]