08 نوفمبر 2025

تسجيل

المستديرة وهج وخزلان

20 يناير 2014

• لاسبوعين على التوالي ظلت المستديرة المصنوعة من الجلد تتدحرج بين ارجل لاعبي فرق عالمية وسودانية فمنحت وهجها "للزولات" هي كذلك حتى ولو كانت مصنوعة من بقايا "شراب" كاد ان يتمزق طالما هي تتدحرج إن كان ذلك في استاد معبد اخضر او في حواري وازقة افقر الاحياء الشعبية، فالمستديرة لها بريق يمنح النشوة والنشاط والشهرة لمن يحسن ملاعبتها ومغافلة حارس المرمى في الفريق المنافس ليشتعل الحماس والتصفيق قون قون..• انها كرة القدم معبودة شعوب الكرة الارضية.. هل لانها مستديرة ككوكبنا.. ام لان اي " خرقة قماش " يمكن ان تؤدي الغرض.. ام لانها اللعبة الشعبية الاولى في الحواري والازقة الضيقة.. ام لان قوانينها بسيطة طالما البشر في كل بقاع الدنيا فريقين قد يجتمعان في الشؤون الاجتماعية وشجرة النسل والاسرة الواحدة ولكن تظل اختلافاتهما على اللعبة متجذرة وقديمة.• السودانيون مثلهم مثل غيرهم عاشقون بدرجة امتياز للمستديرة ولهم عشق خاص بها وفي دول الخليج عرفوا بانهم " ملح الطعام " في المنافسات الكروية مشجعين يجيدون فن التشجيع " ولهلبت " الميدان حيث تتدحرج الكرة ولهم نكاتهم وتعابيرهم العفوية ومولعون باطلاق اسماء على " اللاعبين " لا علاقة لها بالاسماء التي اطلقتها عليهم امهاتهم وهي وليدة لحظة فوران ونشوة مثل " اطلع يا زفت او يا ظعيط يا ملك او يا ريشة " فيلازم الاسم اللاعب الموهوب في مساراته الكروية.• نازل فريق المريخ الذي يرتدي "تي شيرت" احمر مرصعا بنجمة بايرن ميونخ الفريق العالمي فاشتعلت جلسات الزولات تخمينا للنتيجة الفاصلة وساعة الصفر امتلأت مدرجات استاد السد وانتصبت القامات السمراء وهتفت الحناجر فوق فوق سودانا فوق.. وبرغم ان " بايرن " سدد هدفين نظيفين إلا ان الجمهور صفق طويلا بحسبانه انتصارا..• لينازل المريخ نديمه ومنافسة القوي فريق الهلال في مباراة استعراضية لا تقل عن اختها العالمية ان لم توازها وتفوقت عنها عددا من مشجعي الفريقين المرابضين بالدوحة او من هبطوا من دول الجوار الخليجي واقيمت قبلها مباراة بين فريقي السد والنادي الاهلي القطري.. وكان " ملح الطعام " حاضرا بعماماتهم وجلاليبهم ناصعة البياض واسرهم وصغارهم.• انها المستديرة او فلنقل المجنونة.. معشوقة الجماهير في اي بقعة بكوكبنا الارض التي تمنح الفرح وتجلي النفوس من الضيق وتغسلها عرقا يبلل الفلانيل وهتافا يخرج مموسقا إما للوطن او للفرد اللاعب الحريف كاسم لامع يرافقه اينما حل.. وفي ميادين النزال الكروي تسقط كل الانظمة السياسية والفروقات الطبقية والاختلافات العرقية وتبقى فقط المتدحرجة بين الارجل... فهل يأتي اليوم الذي تتحول الاختلافات السياسية البغيضة لما يشابه النزال الكروي الممتع.. كغالب ومغلوب وبينهما متفرج مستمتع برشاقة التهديف والتمرير النظيف.همسة: هذا العشق المجنون يبقى سرا من أسرار الحياة طالما ان كوكبنا ايضا مستدير.