13 نوفمبر 2025
تسجيلالعبرة من جريمة القتل المروعة أن الله سبحانه يظهر الحق ويكشف الباطل الوجه الآخر لجريمة اغتيال الزميل الكبير جمال خاشقجي هو اكتشاف الرأي العام العالمي بما لا يدع مجالا للشك، للأيدي الملطخة بدم الأبرياء وبالمقابل للأيدي البيضاء البريئة التي تقاوم الإرهاب وهو ليس اكتشافا في واقع الأمر، بل جاء تأكيدا جديدا لحقيقة معلومة لكن مع الأسف أتاحتها عملية بشعة من ورائها مأساة مروعة مهما كانت نتائج البحث فيها راح ضحيتها مثقف وطني أصيل عربي سعودي، ذو قامة شماء وقلم حر ذاع صيته في العالم كصاحب فكر واعتدال لم يعرفه العرب والأمريكان كمعارض للنظام السعودي بل كان دائما يحرص على تقديم نفسه في الفضائيات كمثقف يتمسك بحريته ويحترم الأسرة الحاكمة في بلاده ومن هنا نفهم فداحة الاغتيال الأثيم وعبثية الجريمة النكراء! حين يتحول الاغتيال إلى إرهاب دولة أو في أقل الاحتمالات سوءا إلى إرهاب تسمح به الدولة أو تتغاضى عن محاسبة مقترفيه (سوف تظهر الحقيقة ويتجلى النور وينكشف المستور). نعم يكتشف العالم اليوم وهو مندهش مصعوق من خلال هذه الفاجعة المزلزلة أن الحجة التي رفعها الذين حاصروا دولة قطر كيدا و بهتانا هي إدعاؤهم بأن قطر تدعم الإرهاب وتؤوي الإرهابيين وفي مقدمة هذه الدول الأربع المملكة السعودية التي علت أصواتها منذ 500 يوما بالتهم الملفقة لقطر بكونها «دولة تمارس الإرهاب» فأفاق العالم يوم 2 أكتوبر مندهشا من شدة الصدمة قائلا بصوت واحد في القارات الخمس (يا للهول !) وهو لا يكاد يصدق أن سلطة رسمية عربية أو بعض مشتقاتها يمكن أن تقتل رجلا فاضلا كاتبا مفكرا و تقطع أوصاله في مجزرة بشرية مقززة أو لعلها أذابته في خليط كيميائي أو ربما رحلت الضحية قسرا في حقيبة دبلوماسية (كل الاحتمالات واردة ما دمنا لم نعرف الحقائق وتسلسل الأحداث !!) استيقظ الرأي العام العالمي يوم 2 أكتوبر على كابوس مفزع يخجل المرء حتى أن يحكيه لزوجته وبنيه وأهله وذويه ! فكيف وبأية لغة نقص على عيالنا وأهلنا ما شاع إلى اليوم من مصائب تذكرنا بعصر المغول والتتار وبأنظمة القمع العربية في الستينيات والجرائم الاستعمارية في الجزائر وفي تونس وعصر محاكم التفتيش الأسبانية !! بل يكتشف العالم اليوم أن قطر المتهمة بالإرهاب هي ضحية الإرهاب وهي التي تخطط أمنيا وعلميا واقتصاديا وتربويا و دبلوماسيا لمقاومته واجتثاثه بمشاريع حضارية عملاقة مثل التي أعلن عنها صاحب السمو الأمير على منبر الجمعية العامة مثل الشروع في إتاحة التعليم والتمدرس لعشرة ملايين من أطفال العالم محرومين بسبب بؤر التوتر والعنف والحروب و مثل إنشاء الصندوق العالمي للقضاء على الكوليرا ومثل الدعوة لإنشاء تحالف إقليمي و دولي ضد الإرهاب وبذلك تنقذ قطر بإرادة قيادتها هذه الملايين من مخاطر الانخراط في الإرهاب. ثم إن قطر هي التي أعادت إعمار قطاع غزة بعد أن دمرته طائرات الإرهاب الإسرائيلي و ساهمت في تأسيس بنيته التحتية و مستشفياته ومدارسه و مفاعلاته الكهربائية و شاركت في تشييد مساكن للعائلات الغزاوية المشردة وهي أعمال جليلة توجها صاحب السمو الشيخ حمد بكسر الحصار المضروب على غزة وأدى لها زيارة تاريخية ظلت حاضرة في ذاكرة الشعب الفلسطيني، كما أن قطر هي التي أعادت إعمار جنوب لبنان إثر تحريره وبعد ما ناله من تدمير المحتلين. هل هذا يسمى إرهابا أو يسمى مقاومة ميدانية للإرهاب والعدوان ؟ ثم إن المواقف القطرية الثابتة والصادقة نحو الشعب الفلسطيني وتمسكها كما قال سمو الأمير بالثوابت الأخلاقية والمبادئ الإنسانية العربية الإسلامية تؤكد أن قطر ليس لها وجهان في السياسة الخارجية بل لها دبلوماسية قيم لا دبلوماسية الحرباء، وقطر لا تريد إرضاء أحد سوى الله تعالى ومصالح الأمة لا تتلون مع الصفقات المشبوهة فتوصم بالإرهاب مناضلين شرفاء يدافعون عن استقلال بلادهم وكرامة شعبهم وهو حقهم الموكول لهم بميثاق الأمم المتحدة ليس فيه مقايضة و لا مساومة. الحمد لله رب العالمين أن نصر الحق كما بشر سبحانه الصابرين فاكتشف العالم برمته من هو الإرهابي ومن هو ضحية الإرهاب و من هو حامل معول التخريب و من هو الذي يؤسس سياسته على التقوى والصلاح والسلام ثم إن الحقيقة الخالدة في القرآن المجيد هي انتصار الحق على الباطل ومن تلك الآيات التي تقرر هذه الحقيقة قوله تعالى: (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ )(الكهف56)، وقوله عز وجل: (ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ، كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (محمد:3)، فهذه الآيات تبين حقيقة مسار التاريخ، وأنه صراع بين الحق والباطل و بين الخير والشر.