05 نوفمبر 2025
تسجيلافتتح معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، منتدى قطر العقاري الأول بتاريخ 4 يونيو. وجمع المنتدى الذي استمر لمدة يومين حوالي 1,500 مشارك لمناقشة القضايا التي تواجه قطاعًا متنامياً قادرًا على تحقيق نمو كبير ويملك إمكانات هائلة، ولكن مع مواجهة بعض التحديات كذلك. وقد توسع حجم ونوعية العقارات السكنية والتجارية بشكل ملحوظ في قطر خلال العقد الماضي، إلى جانب تحديث البنية التحتية استعدادًا لاستضافة البلاد لبطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 وما بعده. ومع ذلك، فإن مدى تحقيق قطاع العقارات لعوائد قوية للمستثمرين بطريقة مباشرة، وتشجيع التنمية الاقتصادية، يواجه تحديات مستقبلية. وقد وفر المنتدى فرصةً ممتازةً لمناقشة التحديات والفرص ومجالات تطوير وتحسين السياسات المحلية في المجال العقاري. وذكر سعادة الدكتور عبدالله السبيعي، وزير البلدية، أن القيمة الحالية للمعاملات العقارية تتراوح بين 20 و30 مليار ريال سنويًا. ويرى سعادته أن هذه القيمة قد تصل إلى 100 مليار ريال في غضون خمس سنوات، وهو هدف طموح للغاية سيتطلب توسيع نطاق البنية التحتية، بما في ذلك البنية التحتية القانونية، ويعني ضمنًا تحقيق نمو اقتصادي كبير لدعم النمو السكاني الناتج. ومن غير المحتمل أن تكون السياسة المتمثلة في شعار «قم ببناء العقارات وسوف يأتي المستثمرون» Build it and they will come كافية كاستراتيجية لإدارة قطاع العقارات، وقد تم الاعتراف بذلك في المنتدى. وفي الممارسة العملية، يجب أن تتضافر السياسات المختلفة والاستراتيجيات الحكومية والتجارية مع القطاع الخاص لضمان عدم تعثر هذا القطاع. وهناك اتجاه متصاعد للعقارات الشاغرة، حيث تشير التقديرات إلى وجود الآلاف من الوحدات الشاغرة في قطر للبيع أو الإيجار. وكانت الحكومة قد استأجرت حوالي 45,000 وحدة عقارية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم، ولهذا السبب فقد تعود وحدات إضافية إلى السوق بعد بعض الوقت، وهناك مجموعة كبيرة من المشاريع العقارية التي من المقرر الانتهاء منها خلال السنوات الخمس القادمة. وقد أصدرت شركة ValuStrat تقريرها لسوق العقارات في قطر خلال عام 2023، وأشارت إلى وجود اتجاه تصحيحي للسوق في جميع قطاعات الإيجارات في سوق العقارات بعد نمو الإيجارات في عام 2022. وذكرت شركة ValuStrat في التقرير أن «الزيادة في العرض المفرط تساهم في حدوث التصحيحات المنتشرة بالسوق. ونظرًا لتطور قطاع العقارات بشكل شامل في عام 2023، فإننا نتوقع استمرار التعديلات المتمثلة في انخفاض الأسعار». ودعا بعض المتحدثين في المنتدى بشكل صريح إلى التوقف عن تطوير أي مشاريع جديدة، بالنظر إلى زيادة العرض. وقد ذكر ذلك أيضًا الرئيس التنفيذي لمجموعة الفردان، السيد عمر حسين الفردان، الذي قال إنه يجب أن تكون هناك وقفة في مشاريع التطوير العقاري الجديدة، وبدلاً من ذلك، يجب على القطاع التركيز على تسويق العقارات الموجودة حاليًا والعقارات قيد التطوير. ولاحظ الفردان كيف مثَّل قطاع العقارات «قوةً دافعةً» للتنمية الاقتصادية. كما شدد على أهمية تبني وجهة نظر طويلة المدى. وكان من المتوقع حدوث انخفاض في الطلب بعد انتهاء بطولة كأس العالم، ورغم ذلك ظلت قطر وجهةً ممتازةً للمستثمرين العقاريين. وأضاف أن أسعار الفائدة المرتفعة الحالية لا ينبغي أن تثني المشترين عن الشراء؛ فمن الواقعي النظر إلى متوسط السعر خلال المدة الكاملة للقرض التي تتقلب خلالها أسعار الفائدة. وعندما يكون السوق في حالة انكماش، غالبًا ما تكون هناك فرصة جيدة تدفع المستثمرين للشراء، إذا كانوا قادرين على تبني رؤية طويلة الأجل، ثم البيع عندما يتحسن السوق. وأثار المهندس ناصر حسن الأنصاري، رئيس مجلس إدارة شركة «جست ريل استايت»، حالة استثنائية تتمثل في أن من يشتري سيارةً فاخرةً باهظة الثمن لا يتعين عليه سداد دفعة أولى، ولكن عند شراء عقار بقيمة مماثلة، يمكن أن تصل الدفعة الأولى إلى 40٪، رغم أنه من المرجح أن ترتفع قيمة العقار أكثر من السيارة، لذا يجب مراجعة اللوائح المصرفية المتعلقة بالتمويل العقاري، ومواءمتها مع الأسواق الأخرى. وهناك اختلال في نوعية المعروض العقاري، حيث يتم عرض العديد من المنازل والشقق الجديدة في سوق العقارات الفاخرة، وهناك حاجة لتلبية احتياجات الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض. واقترح الأنصاري أن تكون 30٪ من الوحدات السكنية في المشاريع السكنية ميسورة التكلفة. ويمكن تحديث بعض مشاريع التطوير العقاري القديمة من السبعينيات والثمانينيات، كبديل لعملية إطلاق المشاريع الجديدة التي هي فوق حاجة السوق. وقدَّم بعض المتحدثين في المنتدى طلبًا يتمثل في التنسيق الحكومي مع القطاع الخاص عند وضع أي متطلبات جديدة، وكانت هناك في السنوات الماضية الكثير من التغييرات في المتطلبات المتعلقة بعدادات المياه والكهرباء، واستخدام الكاميرات الأمنية، مما أدى الى تحمل المطورين تكلفة إضافية خلال عملية البناء رغم حصولهم على موافقات سابقة. وخاض المتحدثون والمشاركون في المؤتمر نقاشات حول ثلاثة أنواع من المستثمرين وهم: المواطنون، والمقيمون، والمستثمرون الأجانب الذين يهدف بعضهم للانتقال إلى دولة قطر أو الذين يبحثون عن فرص استثمارية مناسبة. وهناك تركيز كبير على الفئة الأخيرة من هذه الفئات الثلاث، وهي المستثمر الخارجي أو الوافد القادم. ولكن اللوائح تحتاج إلى تنسيق: وفي الوقت الحالي، لا تُعدُ الإقامة ضرورية لشراء العقار، لكنها مطلوبة لإيصال خدمات المرافق الأساسية مثل الكهرباء والماء، وهو أمر غريب يحتاج إلى معالجة. كما تم التأكيد على أن المطورين يجب أن ينظروا إلى المشاريع من واقع احتياجات المستخدم النهائي، وهو ما يعني الاهتمام بجوانب مثل المساحات الخضراء وملاعب الأطفال وتوافر مواقف للسيارات وما إلى ذلك، حيث إن بعض المشاريع لم تراع هذه الأمور، ثم يشتكي المستثمرون والملاك من صعوبة العثور على مستأجرين. ويوفر الاهتمام الحالي بدور القطاع العقاري في الاقتصاد فرصة للنمو الكلي. ورغم أنه من المرجح أن تكون القضايا على غرار زيادة العرض، وارتفاع أسعار الفائدة والتضخم، ظواهر مؤقتة، يجب التعامل مع هذه القضايا جنبًا إلى جنب مع القضايا والاستراتيجيات الأخرى. ويجب أن تعمل السياسات الصحيحة على المدى القصير والطويل على توازن العرض والطلب. وقد أفاد بعض الحاضرين أنه من أجل دعم المخزون الحالي والمتوقع من العقارات، سيحتاج السكان إلى الزيادة من 3 ملايين إلى 5 ملايين. ولجذب عدد كبير من السكان والمستثمرين الأجانب، يجب أن تكون هناك وظائف أو فرص كافية لبناء شركات أعمال تكفي لدعم النمو السكاني، وسأتحدث عن هذه المعضلة في مقالي القادم.