06 نوفمبر 2025

تسجيل

قـطـر.. أدوار ومواقف في كتاب الخلود

19 مارس 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بحيادية وتَجرُّد مطلقين وبموضوعية لحمتها وسداها الصدق والإنصاف، لا أملك تحت ضغط ضميري الإنساني وشعوري القومي والإسلامي والأخلاقي، أقول لا أملك والأمة العربية تصارع بل تغالب، في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخها، قوى الشر لنيل حريتها والقبض على مستقبلها تحقيقاً لرقيها ونهضتها بعد طول سبات، أو أن هذه الأمة – بالأحرى - تقارع قوى الغزو من الداخل، على حد تعبير الشاعر العربي الكبير البردوني، أقول لا أملك في هذا الأفق السديمي والواقع المؤلم، إلا أن أشيد، بعثاً للأمل وانتصاراً للقيم وإحقاقاً للحق، بتلك الأدوار الاستثنائية، بل والمواقف الخالدة لدولة قطر الشقيقة تجاه أمتها العربية تحديداً، لاسيَّما وأن بعضاً من أصحاب الأقلام والأصوات المأجورة الذين في قلوبهم مرض وفي أعينهم غشاوة، قد حاول ويحاول - مع عظيم الأسف - وفي هذه الأيام بالذات، وعلى نحو من الأنحاء، التقليل من تلكم الأدوار والمواقف الذهبية، إن لم نقل حاول التعمية – وبوقاحة متناهية - إلى درجة الغمط والاستلاب، بل أكثر من ذلك؛ إذ سعى إلى قلب الحقائق ومحاولة تزييف وعي الناس والأمة، متناسياً بأن هذه الأمة قد شبت عن الطوق وما عاد من السهل تضليل وعيها أو تزييفه. من هنا رأيت أن من واجبي كعربي يهمه شأن أمته ككثيرين غيره، هذا من ناحية، وكمتابع محايد، أظنه يحسن سبر حقائق الأشياء والأفعال والمواقف، من خلال التوسل بأهداب العلمية والموضوعية ولا شيء غير ذلك، وهذا من ناحية ثانية، أقول رأيت أن أبين الأدوار والمواقف العظيمة لدولة قطر حيال أمتها العربية وشعوبها، ولا تخالجني، في هذا الصدد، ذرّة من شك بأن جلّ أبناء العروبة، إن لم يكونوا كلهم من الماء إلى الماء. يعلمون علم اليقين، عظيم ما صنعتْه وقدَّمته قطر- وبسخاء أخوي استثنائي - للأمة العربية في أكثر من مجال وعلى أكثر من صعيد، الشيء الذي يعرفه القاصي قبل الداني. ومن هذا الإيمان أجدني محقاً لو ذهبت إلى القول، يشاركني في ذلك – بالقطع - الغالبية العظمى من أبناء أمتنا العربية، القول بأن قطر تمثل اليوم – بالفعل - الضوء في زمن العتمة العربي، بل الضوء والأمل معاً؛ كيف لا، وهذه الدولة الصغيرة حجماً، والكبيرة أفعالاً قد قامت بأدوار ومواقف عظيمة خالدة تجاه أمتها، بحيث أن هذه الأفعال والمواقف لعظمتها وكثرتها وتتاليها، أصبحت مما لا تخطئه الأعين الصادقة ولا القلوب النابضة، ولا الضمائر الحية.والحقُّ أن كلَّ هذه الأعمال الجليلة، والمواقف الخالدة الكبيرة، التي نهضت بها قطر وما تزال، قد صبّت فقط في نهر مصلحة الأمة، والنهوض بها وبشعوبها المغلوبة على أمرها، من قبل عصابات الحكم وعلوج الطغيان والاستبداد الذين انتهوا بشعوبهم – كما يشهد الواقع والعالم – إلى دوائر الجوع والفقر، ومهاوي الهلكة والفساد واللا نظام.وأحسبني لا أعدو الحقيقة، إذا ما قلت إن قطر - فيما يبدو جلياً ساطعاً - قد استشعرت من خلال قيادتها التاريخية الاستثنائية: أفقاً ورؤية وإستراتيجية، أقول استشعرت بل استلهمت اللحظة التاريخية والواجب القومي والأخلاقي والإسلامي، مدعومة بالإمكانات الذاتية والمكانة الكونية التي حباها الله – سبحانه – إيّاها، فما كان منها، وقد رأت ارتكاس الأمة، وأيضاً ارتكاس الدول الأكبر عربياً، أقول ما كان منها إلا أن آلت على نفسها، إلا أن تنهض بالدور التاريخي الفذّ، الذي غايته ومبتغاه الارتقاء بالأمة العربية وشعوبها، إيماناً منها بأن هذه الأمة جديرة بأن تكون في صدارة العالمين كما هو ديدنها وقدرها. وإنَّه – ولا ريب – لدور عظيم يقدِّره كل عربي حرٍّ من المحيط إلى الخليج، وقد تجلَّى هذا الدور في أفعال ومواقف لا أقل من أن توصف بالخالدة.وأول تجليات هذا الدور الخلّاق، تمثّل في إحداث قطر ثورة خلّاقة في فضاء الإعلام العربي وما أدراك ما الإعلام؟ حتى إنه فاق – وعن استحقاق - الإعلام العالمي كما شهد بذلك أساطينه وقادته، وقد تجسَّد ذلك الفعل البنّاء في قناة الجزيرة، التي استحالت إلى شبكة إعلامية متنوعة، حيث استطاعت هذه القناة العملاقة – وبجدارة فائقة – أن تحرِّر عقل الإنسان العربي من كل أشكال الخوف والإرهاب النفسي والضلال المبين الذي غلّه بها الحكام الطغاة وسدنتهم الفاسدون، بل لقد استطاعت هذه القناة أن تفجِّر طاقات هذا الإنسان العربي الكامنة والمكبوتة لتجعله، وخلال فترة ليست بالطويلة يدرك حقيقة أوضاعه وواقعه المشين، فما كان منه إلا أن ثار على ذلك الواقع القبيح والمأساوي بكل المقاييس، ألا وهو واقع النكوص الحضاري والتردي والضياع والتخلف والفقر والقهر والحرمان والجهل والاستبداد والظلم والطغيان، فضلاً عن واقع الشعور بالدونية وامتهان الكرامة، وكل أولئك من معطيات الأنظمة الفاسدة المتكلسة، التي ليست بأكثر من عصابات إجرامية امتلكت، فحسب، مشاريع للهدم لا البناء، من خلال ممارساتها لأفعال ممنهجة، ضدّ كل ما من شأنه النهوض والارتقاء بهذا الإنسان العربي، والتحليق به في آفاق الديمقراطية والحرية والتقدم والازدهار والمساواة والعدالة والحياة الكريمة.ونكادُ نؤمن إيماناً حاسماً، بأنه لولا قناة الجزيرة، لما كُسِرَ حاجز الخوف عند هذا الإنسان العربي المقهور، ولولاها أيضاً لما تحطمت تلك الأيقونات المزعومة من الطغاة المستبدين لعقود طوال، ولولاها أيضاً لما تململ الإعلام العربي في بقية المناطق العربية، نحو آفاق الحرية وكشف الحقيقة، والانتصار للشعوب.ويتجلّى دور قطر التاريخي تجاه أمتها أيضاً في أكثر من محطة، وعلى أكثر من صعيد، بحيث لا ينكر ذلك إلا جاحد حُقن عقله وقلبه وخلاياه، بل وكل كيانه الآدمي بفيروسات النكران والجحود والغياب والعمى الأبدي؛ فقـــطــر – بكلمة واحدة – تعشق أمتها وتحرص على وحدتها وتماسكها، وليس أدل على ذلك من موقفها الخالد تجاه وحدة اليمن عندما تعرضت للتآمر والخطر في عام 1994م، إذ قدّمت قطر كل غالٍ ونفيس من أجل ديمومة تلك الوحدة، في حين مارست قوى عربية أخرى الفعل النقيض المقيت.وقطر ذات أفعال مشهودة في دعم القضية الفلسطينية، حيث قدّمت – وعلى نحو استثنائي – كل أشكال الدعم، سواء السياسي أو الاقتصادي أو التنموي أو الإنساني أو الإعلامي، ولا أدل على ذلك من وقفتها الجسورة والمضيئة، مع الفلسطينيين في أوقات عصيبة من تاريخهم، في الوقت الذي أدار لهم الآخرون من أبناء العروبة الظهور، وحسبنا أن نتذكّر موقفها مع غزة عندما تعرضت للمحنة الكبرى في عام 2008.أما أبرز صور الأدوار القطرية الخلّاقة تجاه الأمة العربية، فتتجلّى ساطعة في دعم قطر للربيع العربي - بارقة أمل نهضة الأمة العربية؛ إذ وقفت إلى جانب الشعوب العربية الثائرة منتصرة لقضاياها في التحرّر والانعتاق من بين براثن الطغاة وزبانيتهم المنقوعين بالفساد والإفساد.والحق أنه لموقف خالد يسجله التاريخ لقطر بأحرف من نور في كتابه الخالد، كيف لا، وقد ساندت الشعوب الثائرة بكل ما تملك، فقدمت، بسخاء منقطع النظير. كل أشكال العون والدعم، حتى تغنّى بجليل فعالها وعظيم صنائعها ثوّار مصر، واليمن، وليبيا، وتونس، وسوريا. ولا نجاوز الحقيقة، إذا ما قلنا، لقد استحالت قطر – نتيجة لموقفها العظيم في هذا السبيل – إلى أنشودة تردّدها شفاه أبناء العروبة الحالمين بالحرية واسترداد الكرامة.وللإنصاف فقد كانت قطر في هذا الصدد – نعني وقوفها مع دول الربيع العربي - تمتلك من الشجاعة والإصرار والإرادة ما كان محط تقدير وثناء أبناء الشعوب العربية قاطبة، بل لقد نالها الكثير من سهام الطغاة الغابرين وأزلامهم قبل أن يترنحوا ويسقطوا، فما كان منها، إزاء ذلك، إلا الصبر والاحتساب؛ لأنها – باختصار – صاحبة رسالة تجاه أمتها، ومن ثم فلا عجب، كيف لا وهذا هو دوماً حظ وقدر أصحاب الرسالات الخالدة؟ وهكذا، فأدوار قطر ومواقفها الخالدة، التي تستهدف الارتقاء بالأمة العربية، تبدو من الكثرة بمكان لو رحنا نعددها، ناهيك بأدوارها الخلاقة في سبيل الأمة الإسلامية بل والإنسانية؛ وحسبنا أن نتذكّر جليل ما قدّمته للدول الإسلامية، سواء في آسيا أو إفريقيا أو أواسط أوروبا.وأخيراً، لا نملك مدفوعين بمشاعر التقدير والإجلال والإكبار لــقــطــر المعنى الكبير والحميم المنزرع في وجدانات الأجيال العربية الحالمة بالحرية والتقدم، لا نملك إلا أن نقول عاشت قطر: قيادة وشعباً، وبارك الله خطاها، وأدامها ضوءًا ساطعاً ينير كل أرجاء العروبة والإسلام بل والإنسانية، ولا يسعنا في هذا المقام سوى مخاطبتها كونها صانعة التحولات الكبرى في حركة تاريخنا العربي المعاصر، قائلين: أي قـــطـــر يا قبلة الأحرار سيري تحرسك رعاية الله، أيتها المملوءة بالمبادئ والقيم العليا المشتهاة، سيري فمن يمتلك رسالة سامية، ومشروعاً نبيلاً يستهدف صناعة الحياة للمظلومين والمقهورين على امتداد وطننا العربي الكبير، فإن الله حتماً معه، شاء من شاء وأبى من أبى، والله غالب على أمره، أيتها الرائدة التي لا تكذب أهلها.