17 نوفمبر 2025

تسجيل

أنبوب النفط العراقي عبر السعودية هل يعيد وفاق البلدين؟

19 فبراير 2012

تشطح الذهنية العامة في غالبيتها إلى المحورة غير الجادة للأمور مما لا يحقق الفائدة لا للأمم ولا للشعوب على السواء حين تكرس العداوات وتُغلب التحليلات غير الناضجة على المصالح وعري التلاقي. كنت أتابع التعليقات المتعددة حول أطروحات وزير النفط العراقي السابق إبراهيم بحر العلوم حول ضرورة التفاوض مع السعودية لإعادة تشغيل خط الأنابيب الناقل للنفط العراق عبر الأراضي السعودية للتصدير عبر ميناء ينبع على البحر الأحمر وهو خط استراتيجي استحدث إبان الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات ووفر إمكانية تصدير 1.5 مليون برميل من النفط العراقي يوميا بينما أحداث المنطقة عقب احتلال العراق للكويت عطلت العمل في الخط الذي يرى بحر العلوم ضرورة إعادة تشغيله برؤية إستراتيجية تنفض تبعات الإسقاط اللحظي المشحون بالميول والتبعات المحمومة بأحداث المنطقة فرؤية الوزير السابق تتجه نحو ضرورة إيجاد منفذ أمن لنفط العراق لتأمين المداخل لبلاده فيما لو علقت حرب في المنطقة تعطل تصدير النفط عبر مضيق هرمز وفي ظل التهديد الإيراني المستمر لإغلاق المضيق. وحقيقة تبدو بعض العقلانية في هذه الأطروحة التي تدعو إلى بناء أرضية للتقارب العراقي مع السعودية تحقيقاً لمصالح العليا والشراكة بعيداً عن التشنج والمزايدات على الأدوار والنوايا وباعتبار التكتل العربي في بعض المجالات ضرورة حتمية للتنمية والتعايش. ومع أن الجانب السعودي لم يبد رأياً حول فكرة بحر العلوم إلا أن التعليقات من الجانب العراقي غير الرسمي لا تبدي تحفظاً حول الفكرة فحسب بل تسطر جملة من التكهنات وتقدم سيلاً عارماً من جمل الامتعاض والقذف والشتائم لذات الفكرة ومحاورها وحتى لصاحبها الوزير الذي حُسب أنه يقدم تنازلات عراقية للسعودية في مجرد التفاهم حول مشروع تاريخي قدم للعراق وشعبه الشقيق فرصة تحقيق موارد مالية في وقت كان عصيباً على العراق كدولة عربية بالمفهوم الشعبوي آنذاك. عموماً كانت معظم الآراء والتعليقات الملحقة بخبر تصريحات بحر العلوم وفي العديد من المواقع الإلكترونية مشحونة بالطيف الإعلامي المتشبع بالميول الطائفية وتحميل التبعات للحكومة السعودية في الكثير من الأحداث المحلية العراقية وهي في مجملها تنسجم مع حالات الانسلاخ العراقي من حض الأمة العربية وتبني الأهواء الطائفية وميولها مع تضخيم الاستعداء دون مبرر لغير ما هو طائفي بعيداً عن الاهتمام بالمصالح العليا ومشروع التنمية الشامل في العراق بعد إعلان انتهاء الاحتلال الأجنبي له وتولي العراقيين إدارة كامل زمام أمورهم هناك سوى أن آلة التعتيم وتكريس التباعد نحو الجانب العربي كافة وهي مشروع قائم ومخطط له يفوت على العراق والعراقيين فرص النهوض كدولة واقتصاد كبير وواعد في المنطقة ليتجه نحو البناء والتعمير والإنتاج بتمتين موارده واستغلالها لخدمة الشعب والتنمية ولكن مهمة التعطيل تظل جادة وواسعة دون فهم أو إدراك للمصالح العليا للبلاد للحضور كدولة مستقرة تجنح نحو السلام والخيرية لها ولمحيطها. وحقيقة أعيب على غالبية المداخلين وأصحاب التعليقات حول أطروحة بحر العلوم سطحية فهم الغالبية منهم وتكريسها للاستعداء والانتقام وتبرير هذا الشحن بمنطلقات معطلة للمستقبل وظواهره بل وأحرج الحكومة العراقية ومؤسساتها في غالب الأمور والاتصالات والعلاقات سواء مع جيرانها أو عموم محيطها العربي كما ندعو الإعلام بعمومه إلى تفعيل التقارب والتواصل بين الشعوب لا صناعة العداوات وتعميق الحنق وإمداده بطاقة الاستمرار والتوسع فيما لا يخدم الأمة ولا يعجل لها بالخير والاستقرار والتلاقي فالكل مدعو إلى العقلانية في الفهم وتبني الطرح النافع وهي في الحقيقة دعوة قد لا تجدي في زمن الانفلات الإعلامي الواسع والتراشقات المحمومة بالاستعداء سوى أن كلمة الحق يجب أن تقال. وحول أطروحة بحر العلوم أثق بأن كل السعوديين حريصون على خيرية الأمة وتقديم ما يمكن لدعم محفزات نمائها واستقرارها متى ما وجدوا في الآخر الحماسة لذلك والنوايا الصادقة[email protected]