11 نوفمبر 2025

تسجيل

اليوم الوطني والإنسان

18 ديسمبر 2018

يصادف اليوم الثلاثاء ، الثامن عشر من ديسمبر، ذكرى اليوم الوطني لدولة قطر، تخليدًا لذكرى المؤسس المغفور هل الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، الذي أرسى قواعد الدولة الحديثة. ويأتي الاحتفال تحت شعار ( فيا طالما قد زيّنتها أفعالُنا) ، وهو شطر من بيت لقصيدة للمؤسس ، والمعني جليٌّ في شطر البيت. ويحقُّ للقطريين الفخر بما تم تحقيقه في حقبة ، ليست بالطويلة، في شواهد عديدة ، كان للإنسان التأثير الأول فيها. كما يأتي هذا الاحتفال تجسيدًا لتلاحم القيادة والشعب، وصولاً لخير الوطن وتنميته ورخائه. ولقد دخلت بلادنا، خلال العام والنصف الماضية، فترة الحصار غير المُبرر، مرحلة جديدة من الاعتماد على الذات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، وبرؤية ثاقبة من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، والذي واجه الحصار بثبات وعزيمة استمدّهما من التفات كل القطريين والمقيمين حول، لأنه واجهَ الباطل بالحق، والجور بالثبات، وجمعَ أهل قطر على الوقوف مع الحق ، فكان هو الأيقونة، التي التفَّ حولها القطريون والمقيمون. اليوم الوطني لدولة قطر، يومٌ نؤكد فيه الولاء والتقدير لكُلِّ الذين ساهموا في بناء هذا الوطن، ولكُلِّ المُخططين لرفعة الشعب القطري، ولكُلِّ فرد من أفراد هذا الوطن العزيز، وهو أيضًا مناسبة كي نتلمس كُلنا الطريق نحو الإنتاجية والحماس ، وحفظ مقدرات الوطن . ومن المعاني التي يستلهمها المواطنون والمقيمون على أرض قطر الطيبة: الصدق والولاء لهذه الأرض الطبية، وبذل الغالي والنفيس من أجل صيانة رفعة البلاد، وبذل الجهد والوقت من أجل المشاركة في تنميتها، ودعم مشاريعها الإنمائية ، التي تعتمد على سواعد الشباب المؤهل، في كل التخصصات، ومحاربة كل أشكال التطرّف والعبث ، الذي قد تمارسه بعض الأطراف المريضة، للنيل من إنجازات هذا الوطن، والتزام حكومته الرشيدة تجاه حقوق هذا المواطن، وتأمين الحياة الكريمة للأسرة القطرية وللأُسر المقيمة. الحفاظ على السلوك القويم للإنسان القطري، تفكيرًا وممارسة، وهو ما تشهد عليه شعوب دول الخليج والشعوب العربية ، وأيضًا الشعوب الأوروبية والإسلامية، ذلك السلوك ظلّ ( فيا طالما قد زيّنتها أفعالُنا)، منذ حياة المؤسس وحتى اليوم. ولقد سار على ذلك أحفاد المؤسس ، من شيوخ قطر الكرام ونقلوه الشعب القطريين ، والذي تجسّد في التواضع والكرم وإنقاذ الملهوف ، ما جعل للشخصية القطرية مكانتها بين الشعوب ، وما أطّر إنتاجية هذه الشخصية ومحافظتها على منجزات الوطن. حبُّ الحياة، ورفضُ الظلم، وقبولُ الآخر.. وهي من المعاني التي تقوم عليها الأممُ الراقية ، فالموت حقّ، ولكنّ الحياةَ حقٌ أيضًا، والحفاظ على الروح من سمات أهل قطر، فهم لا يُعادون ، ولا يُغيرون على غيرهم من البشر، كما أن المجتمع القطري قام على العدالة، والاعتراف بحق الآخر في الحياة، وهذا ما أبعد – هذا المجتمع – عن التطرّف الذي ساد بعض دول المنطقة ، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001، وأصبح « نهمُ» قتلِ الآخر ، ديدنَ بعضِ أفراد شعوب المنطقة العربية. والتعايشُ السلمي الذي يُبديه المجتمع القطري، تجاه جميع المقيمين، يُجسّده حُسنُ التعامل مع الخدم والسائقين، تماماً كما هو الحال مع المدرسين والأساتذة والأطباء ، وكلِّ أصحاب المهن. وهذا ما لا نجد له نظيرًا في العديد من الدول المجاورة، والتي تتغنى بالعدالة وحقِّ الآخر. ولقد آمنَ المجتمع القطري على نفسه من تغوّل القوانين – التي تُجيز الزجَّ بالمواطنين في السجون لآمادٍ طويلة دول محاكمة، كما يحدث في بعض دول المنطقة. إذ نصّت المادة السادسة والثلاثون – من الباب - الثالث من الدستور- على أن « الحرية الشخصية مكفولة، ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون، ولا يُعرّض أيُّ إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطّة بالكرامة، ويُعتبر التعذيبُ جريمة يُعاقب عليها القانون». كما أن المجتمع القطري قام على التآخي والتساوي ، ومن هنا نصّت المادة الرابعة والثلاثون – من الباب الثالث – على الآتي : « المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات». وهذا يعني – بطبيعة الحال – أن أية تفرقة ، لأي سبب كان ، أو سوء معاملة تقع على أي مواطن فبإمكانه اللجوء إلى القضاء لأخذ حقه. الحفاظ على الهُويَّة العربية والإسلامية بلا غلوٍ أو تطرّف، ويشمل ذلك الدفاعَ عن الحقوق العربية المُغتصبة ، وحمايةَ التراث العربي والإسلامي، وصيانةَ اللغة العربية، ورفضَ الدعاوى والأفكار المتطرفة، أو تحريفَ مقاصد الدين الحنيف، ولقد راعت الدولة المبادئ السامية للدين الحنيف وللشخصية العربية والحقوق العربية، في مناهج التعليم، وفي المؤلفات ، وفي الفنون أيضًا. ولم يحدث أن مسَّ أيُّ عمل أدبي أو فني المبادئ السامية للدين، أو جارَ مؤلفٌ على القيم العربية والإسلامية. كما قامت الدولة بإنشاء المتحف الإسلامي، والجمعية العالمية للنهوض باللغة العربية، ومُجمَّع الأديان، وحوار الأديان، لبثّ القيم العربية والإسلامية ، واتخاذ الوسطية الرزينة مرجعيةً ثقافية لنمط التفكير في المجتمع. توفير القضاء النزيه لكل من يعيش على أرض قطر، وحقّه في التقاضي، استناداً إلى المادة التاسعة والثلاثين من – الباب الثالث – من الدستور ، والتي تقول: « المتهم بريءٌ حتى تُثبت إدانتهُ أمام القضاء، في محاكمة توفِّر له الضماناتِ الضرورية لمُمارسة حقِّ الدفاع»، وانطلاقًا من هذا ، فإن من حقِّ المُتهم أن يلجأ إلى القضاء، بل ويوفر له القضاء المحامين اللازمين للدفاع عن التُهم الموجّهة إليه، دون ضغط أو انحياز عن حقه في الدفاع عن نفسه. الدعوة إلى السلام والمحبة والتعايش السلمي.. وظهر هذا في العديد من مواقف قطر تجاه الشعوب المقهورة، بل وفي الممارسات الدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة، ومنه انضمام دولة قطر إلى الأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة منذ الاستقلال، ومن ثم إلى جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية ، وهي تُطالب بتطبيق المواثيق الدولية ، صونًا للتعايش السلمي ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحفظ مقدرات الشعوب ، ورفضِ فرضِ الإكراهَ عليها. معانٍ كثيرةٌ نستلهمها في اليوم الوطني، وعاش الشعب القطري كريمًا مُعزَّزاً بقيادة تميم المجد.