14 نوفمبر 2025
تسجيلليس منّا أي إنسان لم يتجرّع مرارة الفشل في مراحل حياته بتفاصيلها وظروفها، وقد يتعرض لهذا الأمر مرات عديدة ويتلقى من خلالها الدروس المؤلمة التي يستفيد منها من كان قوياً صابراً ويحوّلها إلى نجاحات لم تكن تتحقق لولا تجرعه للفشل، والعكس كذلك عندما يكون ضعيفاً لا يحتمل نتائج هذا الفشل فيكون أسيراً للإحباط ويُحيط به فشله من كل جانب لاستسلامه لنتائجه التي أحدثت له صدمة أعجزته عن النهوض مجدداً! ولو تمعنّا في قصص الناجحين من أصحاب الاختراعات التي غيّرت مجريات التاريخ وأحدثت نقلة نوعية في مسيرة حياة البشرية وكذلك رجال السياسة والأعمال والفكر والثقافة لوجدناها مليئة بالعبر التي تُكتب بأحرف من ذهب، فعلى سبيل المثال المخترع أديسون قدّم 99 تجربة فاشلة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي، الفيلسوف سقراط كان ينعته أحد معلميه بأنه فاشل ولا يصلح لأي شيء، أما رجل الأعمال الناجح بيل غيتس فقد وصفه المحيطون به بـ " الفاشل " لتركه مقاعد الدراسة وهو في سن العشرين ؛ وفي غضون 10 سنوات فقط استطاع جيتس أن يكون من أثرى أثرياء العالم، قصص الفشل التي تسبق النجاح كثيرة لا تعد ولا تُحصى ولكن أثرها في نفوس أصحابها هو ما كلّلها بالنجاح وحوّلها لقصص نجاح كان ولا يزال أثرها على حياة شعوب العالم. إذن فالفشل في كثير من الأحوال يكون محفزاً ودافعاً قوياً لصاحبه لتحقيق الإنجازات والنجاحات، بل قد لا تكاد ترى ناجحاً وملهماً إلا وقد مرّ بتجارب فاشلة قبل أن ينطلق في عالم الثراء أو الشهرة أو تحقيق تجارب واختراعات خدمت البشرية وخلّدوا أسماءهم في ذاكرة الشعوب، وكلمة السر التي ليست سراً على أحد في هذه الإنجازات والنجاحات هي "عدم اليأس" و "النهوض مجدداً" و "تحويل المحن لمنح" وكل عبارات محفزة كانت بمثابة الشعلة المضيئة لدروب أصحابها نحو التميز والنجاح. ولكن من المؤسف أن نرى حالات فشل تنتقل من أفراد لأفراد ومن ثم لمجتمعات بسبب فشل على مستوى نظام دولة استشرى فيه الفساد وهدم أركانه وأصاب مؤسساته بالشلل، حتى أصبح الفشل هو عنوان المشهد، وبالتالي انعكس ذلك على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وكافة مناحي الحياة فيها، وهذا النموذج للأسف نراه في كثير من دولنا العربية والإسلامية، فعندما لا توجد أرضية خصبة للنجاح الذي يسبقه فشل طبيعي غير مقصود ومتعمد فحتماً لن يتحقق أي عامل أحدثته الفطرة الطبيعية لإفراز وإحداث تجارب ناجحة ترتقي بمستوى الأفراد والمجتمع والدولة. من وجهة نظري أرى بأن أخطر ما قد تواجهه الدولة والمجتمع عندما نرى الناجح يُهمّش والفاشل الذي يأبى إلا أن يستمر على طريق الفشل والكسل وعدم الإنتاجية يُمهّد له الطريق ويُفضّل على الناجح حتى نصل إلى مرحلة يتمنى الناجح بأن يصل لمستوى وحظوظ الفاشل، حينها لا تستغربوا عندما يُصاب بجائحة "الفشل" وتنتقل عدواها بين الأفراد حتى ينقرض الناجحون ونعيش في مجتمع فاشل ودولة فاشلة!! فاصلة أخيرة " الفشل يُصيب الذين يقعدون دائماً وينتظرون النجاح أن يأتي" د. إبراهيم الفقي – رحمه الله