08 نوفمبر 2025
تسجيلفي يوم من أيام الصيف الملتهبة، وبينما كان بو راشد يقود سيارته في طريق كثرت فيه الحفريات والمطبات والتحويلات وحواجز الشركة المنفذة للمشروع وإعلانات الجهة المشرفة وأرقام التواصل بها، متوجها إلى بيته بعد انتهاء يوم شاق من العمل الوظيفي، فإذا به يلمح شيئا غريبا متروكا على جانب الطريق المليء بالحفريات والمطبات والتحويلات وحواجز الشركة المنفذة للمشروع وإعلانات الجهة المشرفة وأرقام التواصل بها، فقد ابصر شيئا ما يلمع بشكل باهر نتيجة انعكاس أشعة الشمس الحارقة عليه، فأثار هذا الأمر فضول بو راشد الذي حاول أن يركن سيارته على جانب الطريق الذي كثرت فيه الحفريات والمطبات والتحويلات وحواجز الشركة المنفذة للمشروع وإعلانات الجهة المشرفة وأرقام التواصل بها، وبالفعل وجد فسحة ضيقة استطاع أن يركن سيارته فيها، وترجل من سيارته واتجه مهرولا إلى مكان الشيء اللامع، والذي كان انعكاس أشعة الشمس عليه يكاد يخطف أبصار المارة من مستخدمي الطريق المليء بالحفريات والمطبات والتحويلات وحواجز الشركة المنفذة للمشروع وإعلانات الجهة المشرفة وأرقام التواصل بها، اقترب بو راشد من مصدر انعكاس الضوء، فإذا هو فانوس شكله غريب ومصنوع من مادة معدنية مصقولة يعلوه بعض التراب والطين، ويبدو أنه خرج من باطن الأرض، تناول بوراشد الفانوس من الأرض ورجع مسرعا إلى سيارته حتى لا يتسبب في عرقلة السير أو لفت الأنظار إليه، وتوجه إلى منزله القريب من الشارع الذي كثرت فيه الحفريات والمطبات والتحويلات وحواجز الشركة المنفذة للمشروع وإعلانات الجهة المشرفة وأرقام التواصل بها. وضع بو راشد الفانوس على طاولة الطعام وأخذ ينظفه من الأتربة والأوساخ التي اجتمعت على سطحه بخرقة قطنية مبلولة، ولكن ما هي إلا ثوان قليلة من بدء بو راشد في المسح والدعك حتى اهتز الفانوس في يده، وبدأت أصوات غريبة تصدر منه مصحوبة بدخان كثيف، فرمى بو راشد الفانوس على الأرض وقفز ليختبئ خلف أريكة كبيرة كانت موجودة في ركن من أزكان الغرفة، وفجأة وإذا برجل عظيم يخرج من بين الدخان يلبس ثيابا سوداء وعمامة صفراء وقف في وسط الغرفة وأخذ ينادي "أنا عتروس خادم الفانوس، يا سيدي يا سيدي يا من أخرجتني فملكتني، أين انت أين انت؟ "، لم يستطع بو راشد أن يصدق ما يرى، فقصص الجن والعفاريت إنما هي نسج من الخيال والخرافة تحكى من اجل التسلية، ولكنه يرى بعينيه ويسمع بأذنيه كيانا لعفريت من مردة الجن. استجمع بو راشد قواه وخرج من خلف الأريكة وقال "من أنت وشنهي السالفة"، رد العفريت بلهجة محلية وكأنه أدرك أسلوب كلام بو راشد "ما به شر السالفة وما فيها أني أنا عفريت متقاعد محبوس في هذا المصباح من اكثر من عشرة آلاف سنة، وانت الله يهداك ما أدري من طمرك علي وطلعتني، ولا أنا متقاعد ومرتاح من البشر وسوالفهم "، رد بو راشد باستغراب "بس ليش متقاعد وانت شكلك للحين قوي وتقدر تنفع وتفيد؟"، رد العفريت "عاد شسوي هذا اللي صار، وتصدق أني حاولت اشتغل وما خليت حد ما كلمته، والكل يقول لي إذا تبغي تشتغل عندك حلان, إما أن تكون عندك واسطة من مارد كبير من مردة العفاريت، أو انك تقدم أوراقك على المنصة الوطنية للتوظيف أونلاين". صمت العفريت لثوان ثم تأوه فخرج من فمه دخان اسود وقال "ولأني عفريت عادي فما عندي واسطة تشغلني، فقلت خلني اقدم على المنصة الوطنية للتوظيف للمواطنين العفاريت لعل وعسى ألاقي لي وظيفة، ولكن للأسف هل المنصة من أنشأها وهي ما تقبل طلبات المتقاعدين، ومسؤولوها العفاريت كل شوي طالعين ويصرحون ويوعدون ولكن كله كلام عفاريتي في الهوا، ومثل ما أنت شايف أخرتها حطوني في هذا الفانوس ودفنوني على عمق عشرة فراسخ، لكن جماعتك من البشر شكلهم وهم يحفرون طلعوا الفانوس وأنت لقيته، فالآن أنا خادمك وتحت أمرك، لكني لازم أنبهك، لأني متقاعد فما راح اقدر احقق لك أي طلبات لكني اعرف اسوي شاي كرك ولقيمات إذا ودك"، تعجب بو راشد من كلام عتروس خادم الفانوس وقال له "عين خير يا عتروس ترانا من شماليكم، وعندنا وعندكم خير، وتدري شلون، يبه ارجع لفانوسك ابرك لك ما دام ما وراك نفعة". رجع عتروس الى الفانوس، وذهب بو راشد إلى اقرب حفرة من الحفر العميقة التي في الطريق الذي كثرت فيه الحفريات والمطبات والتحويلات وحواجز الشركة المنفذة للمشروع وإعلانات الجهة المشرفة وأرقام التواصل بها، ورمى الفانوس. وختاما أقول: إلى كل المتقاعدين أنصحكم بسماع أغنية المرحوم طلال المداح "ما أطولك ليل.. ليل البعاد والانتظار.... ما أطولك ليل.. سارق من عيوني النهار".