07 نوفمبر 2025
تسجيلإن رمضان يدور بشكل رئيسي من بدايته إلى نهايته حول الخوف من الله عز وجل، فلا يصحُّ أن تخرج من هذا الشهر وأنت لم تصل إلى الإيمان بيقين بأن الله عز وجل أقرب إلينا من أنفسنا، فهو عالم بكل ما نفعل وما نخفي، فمراقبة الله لا تخصُّ الصيام فقط، ولا تخص شهرا دون شهر. فالعبد في حاجة إلى تلك المراقبة في كل أحواله وأوقاته فهي علامة على صحة الإيمان وصدق العلم. وقد قال ابن الجوزي – رحمه الله-: "الحق عز وجل أقرب إلى عبده من حبل الوريد. لكنه عاملَ العبدَ معاملةَ الغائب عنه البعيد منه، فأمر بِقَصْدِ نيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال له، فقلوب الجُهَّال تستشعر البُعد، ولذلك تقع منهم المعاصي، إذ لو تحققت مراقبتُهم لله لكفُّوا أيديهم عن المعاصي". فالله قريب من كل شخص منا، يعلم حاله ويأمره أن يفعل كل شيء مستحضرًا النية، فقد قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)، وذلك حتى تظهر مراقبة الله، ويزداد الإيمان بالله، لهذا فمَن يخاف من الله يُحسِن عمله، ويدعو الله أن يغفر له ويتقبَّل توبته، ومِن العجيب أن بعض الضعفاء في معصيته يخشى رؤية الناس ولا يخاف ممن خلقه وبرأه لينطبق عليهم قول الله -عز وجل-: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) (النساء: 108). فالله أحق بالخوف، الله أحق بالخشية، الله أحق بأن نراقبه في كل صغيرة وكبيرة؛ فعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا» ، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا». صححه الألباني. فعلينا أن نخرج من هذا الشهر مُراقِبين لله عز وجل وحده، ولا ننتظر ثواب أحد أو عقابه، أو حديث أحد ومدحه لنا أو ذمَّهُ، بل علينا أن نراقب اللهَ وحده، ولا نهتم بما يقول الناس عنا.