16 نوفمبر 2025
تسجيلتستطيعُ أنديتُنا الرياضيةُ الخروجَ من حالةِ الاعتمادِ الكُـلِّيِّ مالياً على الدولةِ عَبْـرَ تنويعِ مصادرِ دَخْـلِـها، إلا أنَّ الإرادةَ ضعيفةٌ لاتِّخاذِ خطواتٍ عَمَـليةٍ تُحَـقِّـقُ ذلك لأسبابٍ كثيرةٍ أهمُّها سيطرةُ الفِـكرِ الإداريِّ للحرسِ القديمِ القائمِ على الإفادةِ من الـموازناتِ الرسميةِ الـمُخَصَّصَـةِ للأنديةِ دون التَّوَجُّـهِ حتى لـمُجرَّدِ التفكيرِ في القيامِ بنشاطاتٍ اقتصاديةٍ. ويعودُ هذا إلى حالةٍ نُخْـبَـوِيَّـةٍ مُتعالِـيَـةٍ لدى الإداراتِ لا تسمحُ للجيلِ الشابِّ، الـمُؤَهَّلِ علمياً ومعرفياً وعملياً، بأنْ يكونَ له وجودٌ فاعلٌ في مجالسِها بحُجَّـةِ أنه لا يمتلكُ الخبراتِ الكافيةَ ولا قدرةَ لديه على الإدارةِ. ومن هنا، تبدو الأهميةُ الكبيرةُ لقانونِ تنظيمِ الأنديةِ الجديدِ الذي يُناقشُـهُ مجلسُ الشورى تمهيداً لرَفْعِـهِ لـمجلسِ الوزراءِ ليُعْـتَـمَدَ رسمياً. الأمر الجديرُ بالتقدير في القانونِ أنَّـهُ يضعُ أسساً للاستثمارِ في الأنديةِ، ويُحدِّدُ الجهاتِ الرَّقابيةَ عليه، وهذا يعني إلزامَ إداراتِها بالسعي للقيامِ بدورٍ فاعلٍ في تعزيزِ اقتصاداتِها لتخليصِها من أزماتِها الـماليةِ التي تكادُ تُصبحُ مزمنةً بسبب الجمودِ الإداريِّ، وغيابِ روحِ الـمبادرةِ نظراً للحالةِ النُّخْـبَوِيَّـةِ السابقِ ذكرها. لابد من الإشارةِ إلى أنَّ القانونَ ينصُّ فقط على الاستثمارِ في الأنديةِ، وهو أمرٌ نفهمُـهُ لأنَّ الـمُشَـرِّعَ يتعاملُ مع الواقعِ الـملموسِ. إلا أنني أرى وجوبَ قيامِها بأنشطةٍ اقتصاديةٍ خارجيةٍ تُسْهِـمُ في دَعْـمِ موازناتِها، وتُعطيها مجالاً أوسعَ في الخَيارِ الأفضلِ لها بشأنِ الاستثماراتِ فيها. ولنضربْ أمثلةً لهذهِ الأنشطةِ: (1) يمكنُ لإداراتِ الأنديةِ التعاقُـدُ مع مُخَتَصِّينَ اقتصاديينَ وقانونيينَ لوَضْـعِ خططٍ للاستثمارِ في العقاراتِ، والـمنشآتِ السَّكَـنِـيَّةِ بخاصةٍ، يتمُّ تمويلُها بقروضٍ مُيَـسَّرَةٍ من الـمصارفِ الوطنيةِ وبفترةِ سَـماحٍ كافيةٍ للانتهاء من إقامتِـها بحيثُ تُسَـدَّدُ من مردوداتِها. وبعدَ ذلك، تُطْـرَحُ في سوقِ الأوراقِ الـماليةِ كأسْهُمٍ تحتفظُ الأنديةُ لنفسِها بنسبةِ واحدٍ وخمسينَ بالـمائة منها. وهذا يُؤمِّنُ لها مورداً متصاعداً بمرورِ الزمنِ. بالطبعِ، سيخرجُ الحرسُ الإداريُّ القديمُ بحُججٍ للحيلولةِ دون ذلك، كعدم القدرةِ الـمالية على توظيفِ كوادرَ تُشرفُ على متابعةِ عملياتِ الإنشاءِ، وعملياتِ الصيانةِ مستقبلاً. فأقولُ إنَّ الأنديةَ ستعتمدُ على شركاتٍ تقومُ بهذه الأعمالِ وتكونُ أتعابُها جزءاً من القروضِ، أو نسبةً بسيطةً يُتَّفَقُ عليها من الـمردوداتِ. (2) يمكنُ للأنديةِ إنشاءُ مشاريعَ تجاريةٍ صغيرةٍ كالصالاتٍ الرياضيةٍ التي تُـمَـوَّلُ من خلالِ صندوقٍ استثماريٍّ تُسهمُ الأنديةُ فيه بنسبةِ واحدٍ وخمسينَ في الـمائةِ، ويُسْـهِـمُ الـمواطنونَ بالنسبةِ الباقيةِ، بحيثُ تُوزَّعُ الأرباح سنوياً مما يضمن دخلاً جديداً للأنديةِ. وهنا، سيقولُ البعضُ إنَّ القيامَ بذلك يعني منافسةَ القطاعِ الخاصِّ في هذا الـمجالِ الاقتصاديِّ، فأقولُ إنَّ الكثافةَ السكانيةَ في بلادِنا تستوعبُ هذا النشاطَ ولن يؤديَ إنشاءُ صالاتٍ جديدةٍ إلى خَفْضِ أرباح مثيلاتِها القائمةِ. (3) الأسهم، مجالٌ ثالثٌ تستطيعُ الأنديةُ استثمارَهُ لتعزيزِ مواردِها الاقتصاديةِ، فهي قادرةٌ على تخصيصِ جزءٍ بسيطٍ من موازناتِها لهذا الهدفِ تحت إشرافِ مختصين ذوي كفاءاتٍ علميةٍ وعمليةٍ في هذا النشاطِ. كلمةٌ أخيرةٌ:نشرتُ مقالاً بتاريخِ 3 /9/ 2014م، بعنوانِ: تمويلُ الأنديةِ بين الإرادةِ وإدامةِ الـمشكلةِ، وأحمدُ اللهَ أنَّ ما جاءَ فيه يتطابقُ كثيراً مع ما تَـضَـمَّنَـهُ القانونُ الجديدُ