06 نوفمبر 2025

تسجيل

هكذا تكلم سمو الأمير تميم بن حمد

17 ديسمبر 2020

تحتفل دولتنا الحبيبة قطر غداً الجمعة باليوم الوطني للبلاد، والذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، إحياءً لذكرى تأسيس الدولة واستذكاراً لتضحيات الآباء المؤسسين، تلك التضحيات والرؤى التي لولاها لما كنا هنا اليوم نحيي هذه المناسبة التاريخية المجيدة ونحتفل بها. إن هذه الذكرى لا تقتصر على مظاهر الاحتفال والسرور فحسب، بل إنها تمثل درساً تاريخياً في التضحية، وتذكرنا بدور الإنسان المحوري في بناء الأوطان وإعمارها، ذلك الدور الذي تجسد في التضحيات التي قدمها المؤسسون، لننعم نحن بخيراتها ونجني ثمارها وليستمر عطاؤهم لسنوات طوال، كما تجدد تلك المناسبة تذكيرنا بحجم الحمل الملقى على عواتقنا وضرورة عدم التهاون فيه ولو للحظة واحدة. لقد تمحورت كافة الخطابات السامية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، وفي شتى المناسبات، حول قيمة الإنسان وتنميته وتحقيق رفاهيته، والتأكيد على دوره المهم في بناء الوطن وحماية مكتسباته، وقد تجاوزت النظرة الثاقبة لسمو الأمير المفدى الحدود الجغرافية للدولة، ومد يده لأخيه الانسان في كافة أرجاء المعمورة، مؤكداً سموه بالقول وبالفعل أن الإنسان في كينونته هو محور الاهتمام وغاية التنمية، فساعد المحتاج وأغاث الملهوف وأعان الصديق ووقف إلى جانب البعيد قبل القريب. وترجمة لفلسفة سموه، فقد استحوذ قطاع الصحة والتعليم على النصيب الأكبر من الإنفاق الحكومي، في تأكيد على محورية الإنسان في نظر القيادة الرشيدة، التي لم تتوان عن رعايته وتعليمه وصون كرامته وتعزيز مكانته والحفاظ على مكتسباته، حتى باتت تلك العلاقة مشهودا لها من قبل الجميع، وأصبحت نموذجا يحتذى به ومثالا على جودة الحياة ورغد العيش، كما لم تغفل الخطابات السامية لسمو الأمير المفدى، التذكير بدور الإنسان تجاه وطنه، وضرورة أن يكون مبادراً لا منتظراً، ومساهماً لا متلقياً وحسب، مؤكداً سموه أن الانسان هو أساس وركيزة التنمية وهو غايتها. وأمام الحصار الجائر المفروض على دولة قطر منذ ما يزيد على ثلاث سنوات وأمام ما مر به العالم هذا العام من انتشار لوباء كورونا، والذي زاد من تعقيد الأوضاع العالمية على كافة المستويات، لم تتوان يد العطاء القطرية، وامتدت وفق توجيهات سمو الأمير المفدى، لتساعد المحتاجين في كافة أرجاء المعمورة، فأُرسلت المساعدات الطبية والإغاثية العاجلة للدول الصديقة والشقيقة، أما على مستوى الداخل، فقد كانت توجيهات سمو الأمير المفدى الحكيمة، كالدرع الواقي والحصن الحامي، فلم يشعر كل من يعيش على أرض قطر بتأثيرات تلك الجائحة، واستطاعت البلاد تجاوزها، أو كادت دون أن تترك آثاراً كبيرة على الانسان وعلى جودة حياته، وذلك عبر تسخير كافة الإمكانات والجهود لتحقيق ذلك الهدف. أما خلال سنوات الحصار، فلم ينس سمو الأمير المفدى في خطاباته السامية وفي أكثر من مناسبة خلال تلك السنوات، أن يبين للعالم أجمع أن أكبر مساوئ الحصار تمثلت في الزج بالإنسان في معترك الخلاف السياسي بين الدول، مبيناً الأثر السلبي لتقطيع أواصر القربى وتفتيت الوحدة الخليجية، والتي كان سموه وما زال حريصاً عليها، وهو ما يعطي دلالة أخرى على ان الانسان يحتل في نظر القيادة الرشيدة مكان الصدارة والاهتمام. لقد أثبتت قطر للعالم أجمع أن الدول لا تقاس بمساحاتها، وأن القيمة الحقيقية للدول تنبع من الإنسان ومركزيته فيها، ودون النظر لهذا الجانب بعين الاعتبار لن تستطيع دولة مهما كانت إمكاناتها النهوض وتجاوز العقبات التي تقف حائلاً في طريقها، وهذا هو النهج الذي انتهجته دولة قطر، وقد نجحت عبر التفاف الشعب حول قيادته في تجاوز كافة الصعاب التي واجهتها وفندت كل ما وجه لها من اتهام، بل ان تلك الاتهامات زادت من ترابط اطياف المجتمع، ونجح الرهان الذي راهنت عليه القيادة الرشيدة بأهمية الإنسان وجدوى الاستثمار فيه. إن مسيرة التنمية القطرية كانت وما زالت موضع إعجاب العالم أجمع، وقد استطاعت قطر عبر إسهاماتها الكبيرة على المستوى الاقليمي والدولي من أن تتبوأ مكانة مرموقة عالمياً، وأن تكسب ثقة المجتمع الدولي، وقد كانت جهود قطر الدولية ترجمة فعلية لمرئيات سمو الأمير المفدى بأهمية تعزيز التعاون الدولي، وعدم التهاون في الالتزام بالعهود والمواثيق وعدم النكوص بالوعد، وهو ما أثار إعجاب المجتمع الدولي ودعم موقف قطر الثابت المبني على ضرورة تحقيق الكسب المشترك وتعزيز السلم والأمن الدوليين. وقد نجحت دولة قطر عبر دورها الفاعل على الساحة الإقليمية والدولية من تفنيد كل تهمة وجهت إليها، فلم يلتفت المجتمع الدولي إلى كل ما قيل عن قطر، بل على العكس من ذلك فقد تعززت مكانة قطر الاقليمية والدولية، واصبحت أكثر رسوخاً من ذي قبل. إن نجاح التنمية القطرية مقترن بمحورية الإنسان في خطاب القيادة الرشيدة، فلم تكن تلك التنمية مبنية في يوم من الأيام على حساب الإنسان بل إنها كانت وما زالت تصب في صالحه، وتضعه نصب عينيها، إيماناً من القيادة الرشيدة بأن صمام الامان في مسيرة التنمية القطرية هو الانسان. ولم تكن تلك التنمية وليدة اللحظة، بل إنها كانت استكمالا للمسيرة التي قدح شرارتها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، باني نهضة قطر الحديثة، صاحب الطموح الملهم الذي حقق الإنجازات التي لم تكن لتتحول الى حقيقة واقعة لولا الإرادة والعزم والصدق في العمل، واستطاع سموه تحقيق المستحيل وتمكنت قطر من أن تكون دولة فاعلة لم تنشغل بتنمية الداخل وحسب بل إنها سعت لتنمية العالم أجمع، وقد أصبحت دولة قطر بفضل رؤية سموه أكبر مصدر للغاز المسال في العالم واستطاعت بمساعيها أن تنير الظلام الدامس في بقع متفرقة من العالم. واستكمالا لتلك الجهود النيرة، قاد سمو الأمير المفدى مسيرة التنمية بحنكة واقتدار نحو مرافئ الأمان، وحمل الأمانة وحافظ على عزة وكرامة قطر، ولم يتنازل عنها قيد أنملة، حتى بات العالم فضلا عن القطريين يفخر بهذا القائد الفذ والملهم، حاكم جمع الشمائل بالتواضع والإيثار والحكمة، وتحمل مسؤولياته الجسام رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، وعلينا نحن أبناء الوطن كذلك تحمل مسؤولياتنا تجاه وطننا، واستشعار تلك الجهود المضنية، وأن ندرك أن ما نمتلكه من نعم ليس استحقاقاً بل هي حقوق تقابلها واجبات، وينبغي علينا أن نعطي كما نأخذ، وأن نبذل جهدنا كل في موقعه من أجل رفعة قطر وتحقيق ازدهارها، وأن نحافظ على مكتسباتنا ونستذكر ما قدمه الآباء من تضحيات بتعاونهم ووحدتهم، ونوحد صفوفنا ونحافظ على وحدتنا، وألا نسمح لأي مساع بأن تعكر صفو مسيرتنا، وأن نؤمن بأننا جميعا شركاء فيها تحت قيادة ربانها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي تكلم فأسمع، فكانت كلماته أفعالا ترجمت إلى واقع نعايشه يومياً وشهد العالم به وأثنى عليه.