12 نوفمبر 2025

تسجيل

يا صقرَ العربِ، قلتَ فكفيتَ وأوفيتَ

17 نوفمبر 2017

قطرُ لن تخضعَ (للأشقاءِ) الغادرينَ، وستظلُّ حرةً كريمةً تتقدمُ بثباتٍ في مسيرتها نحو الحضارةِ والمدنيةِ وبناءِ دولةِ الإنسانِ. هذا، باختصارٍ، هو مضمونُ خطابِ سمو الأمير المفدى أمام مجلسِ الشورى، يومَ الثلاثاءِ الماضي. ولأنَّ نورَ الحقِّ سطعَ في كلماتِ سموه، فإنَّ (الأشقاءُ)، كعادتهم، اندفعوا إلى أعماقِ كهوفِ جاهليتهم وتخلفهم الحضاريِّ بحثاً عن الأمانِ في ظلماتها وعفوناتها التي اعتادوا العيشَ فيها بعيداً عن أخلاقِ الإسلامِ والعروبةِ والقوانينِ الدوليةِ المنظمةِ للعلاقاتِ بينَ الدولِ. قالَ سموه إننا بخيرٍ من دونهم. وكان محقاً، لأنَّ حالةَ المدنيةِ والتحضرِ والعدالةِ التي نعيشها في بلادنا، لا يمكنُ لها أنْ تلتقي بحالةِ الاستبدادِ والتخلفِ والظلم التي تعيشها شعوبُ بلادهم. فعندنا، تُبنى المدارسُ والجامعاتُ ومؤسساتُ الحكمِ المدنيِّ، ويعيشُ المواطنُ ويعملُ ويفكرُ ويعبرُ عن آرائه بحريةٍ لأنه يعلمُ أنْ لا معتقلاتٍ تنتظره، ولا جلادينَ سيعذبونه ويقتلونه، بل يوجدُ أميرٌ عادلٌ مثقفٌ إنسانٌ ينظرُ إلى شعبه كقيمةٍ عظمى، ودستورٌ وقوانينُ لا تصلحُ الحياةُ الإنسانيةُ إلا بها. أما عندهم، فالمواطنُ يعيشُ كما يريدون، وكيفما يشاؤون، ولا حقَّ له إلا بمدحهم، وإظهارِ سعادته بشقائه بسببهم، وإبداءِ رضاه عن تكميمِ الأفواهِ واعتقالِ العلماءِ والمفكرينَ، والتطبيلِ لسياساتهم المعاديةِ للإسلامِ والعروبةِ، ولتذللهم المخزي والمهينِ للصهاينةِ وكيانهم في فلسطيننا الحبيبةِ. قال سموه إنَّ بلادنا ستشهدُ انتخاباتٍ لمجلسِ الشورى. ونقولُ له: يا صقرَ العربِ، لقد أنعمَ اللهُ على بلادنا بسمو الأمير الوالد وسموكم، فأخذتْ تسيرُ، منذ واحدٍ وعشرينَ عاماً، في دروبِ التنظيمِ السياسيِّ والمؤسساتيِّ كما ينبغي للدولِ الحديثةِ. وعندما تحدثنا عن انتخاباتٍ، فإننا ندركُ حجمَ الضغوطِ الهائلةِ التي ستتعرضُ بلادنا لها بسبب ذلك، لأنَّ (الأشقاءَ) لا يريدونَ لنورِ الحضارةِ والمدنيةِ أنْ يعمَّ خليجنا، وإنما يسعونَ لتعطيلِ حركةِ التاريخِ الإنسانيِّ فيه من خلالِ إخمادِ هذا النورِ لتستمرَّ الحياةُ في ظلماتِ الجاهليةِ والتخلفِ. ولكننا، كما قلتَ سموكم، لا نبالي برضاهم أو عدمِ رضاهم، لأننا أحرارٌ في بلادنا، ونعملُ ما يحققُ لها المكانةَ الرفيعةَ دولياً، والدورَ والتأثيرَ الإيجابيينِ في عالمنا. قال سموه إننا مطالبونَ باليقظةِ والانتباهِ لما يحيكه (الأشقاءُ) لبلادنا. ونحنُ نعي جيداً أنَّ قلوبَ هؤلاءِ الجاهليينَ تحترقُ رغبةً في زعزعةِ أمنِ واستقرارِ بلادنا، وإضعافها اقتصادياً وسياسياً، وتمزيقِ نسيجها الاجتماعيِّ. ولا ننسى الدعواتِ الصريحةَ من المسؤولينَ، والرعاعِ الإعلاميينَ، والمغنينَ الساقطينَ في بلادهم لإعلانِ الحربِ على بلادنا، والقيامِ بانقلابٍ فيها. ولذلك، سنظلُّ متنبهينَ متيقظينَ لمؤامرتهم، وساعينَ لزيادةِ وحدتنا الوطنيةِ حولَ قامةِ سموهِ الشامخةِ، مع يقيننا بأنَّ عيني سموه، وعيونَ أبنائنا البواسلِ في جيشنا وأجهزتنا الأمنيةِ لا تنامُ، بل تسهرُ على حمايةِ وطننا وشعبه. تزامنَ خطابُ الكرامةِ مع أمورٍ كثيرةٍ، منها: 1) التهابُ دملِ الحقدِ والبغضاءِ في إمارةِ دحلانَ الظبيانيةِ، وخروجُ بعضِ كبارِ الغلمانِ بحملاتٍ شعواءَ ضد بلادنا، قيادةً وشعباً. 2) استمرارُ حالةِ البلطجةِ السياسيةِ السعوديةِ في احتجازِ سعد الحريري وعائلته، والتي شهدتْ نهايةً فيها احتقارٌ للمجتمعِ الدوليِّ ولبنانَ تتمثلُ في سفرِ الحريري وعائلته لباريس. 3) خروجِ مفتي المملكةِ بفتواه ضد المقاومةِ الإسلاميةِ الفلسطينيةِ دعماً للكيانِ الصهيونيِّ الذي صارَ أقربَ لقلبِ المفتي من قطر العربية المسلمةِ وشعبها، فلم يتعنتْ مع الصهاينةِ كما تعنت معنا بقوله المخزي: إنَّ الحصارَ لصالحِ القطريينَ. 4) انكشافُ دورِ إمارةِ دحلانَ في الإرهابِ الذي يضربُ الصومالَ، كما أشرتُ في مقالٍ سابقٍ، مما يعني أنَّ إعلامها المنحطَّ ومالها الحرام لم يعودا قادرينِ على تغطيةِ جرائمها الدوليةِ. وهذا، كله، يثبتُ أنَّ دولَ الحصارِ تتصرفُ كعصابةٍ تمتهنُ الجريمةَ السياسيةَ، وأننا بخيرٍ ما دمنا ننأى ببلادنا عنها، ونأبى الخضوعَ لجاهليتها. كلمةٌ أخيرةٌ: قطرُ وسمو الأمير هما القلبُ ونبضه في صدورنا، وسيبقى القلبُ نابضاً بالخيرِ والعطاءِ والكرامةِ والحضارةِ، بإذن الله.