13 نوفمبر 2025
تسجيللقد تجاوزتْ بلادُنا مرحلةَ التَّصَـدِّي للحملاتِ الـمُغرضةِ التي اتَّخَـذَتْ مونديالَ 2022م ذريعةً للإساءة إلينا، واستطَعْنا مخاطبةَ العالَـمِ بلغةٍ رفيعةٍ تستخدمُ الإنجازاتِ التي تَتَحَقَّقُ على أرضِ الواقعِ في كلِّ مجالاتِ الحياةِ، وآنَ أوانُ الحديثِ عن إعدادِ الـمُجتمعِ لإقامةِ الـمونديالِ. عندما نتحدثُ عن الـمجتمعِ فإننا لا ننظرُ إليه ككتلةٍ بشريةٍ تسودُ جميعَ أبنائِـها مفاهيمُ ورُؤى واحدةٌ، وإنما عن مئاتِ آلافِ الأفرادِ الذين لهم رؤاهُم ومواقفُهُم الـمختلفةُ من القضايا، ويعكسونَ بذلك حيويةَ الـمجتمعِ، وتَعَـدُّدَ الـمَصادرِ الفكريةِ والـمنابعِ الثقافية التي يستندون إليها. مما يجعلُنا نُدركُ مدى ضخامةِ الجهودِ التي يجبُ بَـذْلُها لإعدادِ الحاضنةِ الاجتماعيةِ الضامنةِ لإنجاحِ تنظيمِ الـمونديالِ. ويُبَـيِّـنُ لنا ضرورةَ الحديثِ عن وجوبِ رَبْـطِ العمليةِ التعليميةِ، والعملِ الإعلاميِّ، ومؤسَّساتِ الـمجتمعِ الـمَدَنيِّ، والأنديةِ الرياضية، ومراكزِ الأبحاثِ، والإبداعِ الفنيِّ بتلك الجهودِ بصورٍ مختلفةٍ.في البدايةِ، لابدَّ من مناقشةِ مفهومِ إعدادِ الـمجتمعِ لأنه غامضٌ ومُتَّسِـعٌ لدرجةِ أنه أصبحَ مادةً للنقاشاتِ العامةِ التي أفقدتْـهُ مضامينَـهُ. لذلك نُعَـرِّفُـهُ بأنَّـهُ تغييرُ أنماطِ التفكيرِ لدى الأفرادِ، ومواقِـفِـهِـم من الآخرينَ القادمينَ من حضاراتٍ مختلفةٍ عنا في أديانِها وسلوكياتِها، وزَرْعُ الـمفاهيمِ الديمقراطيةِ والقبولِ بالآخرِ في نفوسِـهِـم. وبالطبعِ، فإننا نمتلكُ التربةَ البشريةَ الـمُؤَهَّلةَ، تعليماً وثقافةً ووعياً، لضَمانِ نجاحِ ذلك لو خُطِّـطَ له على أُسُسٍ علميةٍ، وتَمَّـتْ متابعتُهُ وتقييمُ الأداءِ فيهِ بحيثُ يتمُّ تَـخَـطِّي جوانبِ القُصورِ التي قد تَـعْتَرُيهُ.وأيضاً، لابدَّ من الحرصِ في التَّعامُلِ مع الـمفاهيمِ لأنَّ استخدامِها بصورةٍ خاطئةٍ يُـعيقُ سَعْـيَنا لتسريعِ بلوغِ الأهدافِ الـمَرجُـوَّةِ، ويُـوَجِّـهُ الطاقاتِ لـمَجالاتٍ أخرى ننشغلُ فيها بالجدلِ حولَ قضايا مَحسومةٍ مُجتمعياً ولا صِـلةَ لها بعمليةِ إعدادِ الـمجتمعِ وغاياتِها النهائيةِ. فلا ينبغي، مثلاً، إظهارُ الأمر وكأنَّ الـمَقصودَ منه تغييرُ القِـيَـمِ والأعرافِ، كما يظنُّ البعضُ، وإنما علينا إبرازه كجزءٍ أصيلٍ من تَـمَدُّنِـنا وتَحَضُّرِنا النابِـعَينِ من قِـيمِنا الإسلامية والعربية، وأعرافِنا الـمُرتَبِـطَةِ بها.كلمةٌ أخيرةٌ:وَضْـعُ الأُسسِ السليمةِ هو الـمُنْـطَلَقُ لبناءِ الـمُجتمعاتِ وإعلاءِ صُروحِ الأوطانِ.