17 نوفمبر 2025
تسجيلنقد دائم.. تضجر.. تأفف.. سخط.. ملل.. عبوس.. كلمات وأفعال سلبية.. لا بكثير يشبع ولا بقليل يقنع.. هذا واقع ولانعمم، إدمان التنمر والاستياء.. الوقوع في دوامة الشكوى.. فهذا يشكو من كذا وكذا، وآخر يتضجر من كذا وكذا، وذاك يشكو من حظه العاثر، وهكذا..، يُكفر بالواقع.. نعم هموم الحياة تتوالى وتتصاعد ولا تقف، ولكن..! الرضا نعمة لا يتحلى بها إلاّ الكبار أصحاب النفوس والهمم العالية رجالاً كانوا أو نساء. والرضا واحة النفس المطمئنة وكما قيل "والرضا نعمة من الله لم يسعد بها في العباد إلاّ القليلا". والرضا يُخرج الهوى من القلب، والرضا سعي وحركة ونشاط، والرضا تقدم وعطاء، والرضا تفاؤل وأمل وعمل، والرضا استزادة من الخيرات في حركة الحياة بما يرضي الله سبحانه وتعالى. والرضا سر من أسرار الحياة الهادئة ولو هبت عليها الريح الشديدة، والرضا يكسب القلب طمأنينة وراحة. كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله عنهما: "أما بعد، فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر"، فبه نحيا حياة طيبة هانئة بإذن الله، وبه كذلك نكون أفضل ما نكون عليه من راحة وسعادة وحركة. ومن جانب آخر ليس من معاني الرضا الذل والخنوع والاستكانة وقبول الإهانة، ولا يعني التنازل عن الحق الذي لك في مجالات الحياة المختلفة، ولا يعني كذلك الرضا بالدونية، أو الرضا بالحرمان والفقر والجوع، والزهد في طلب المعالي، وكذلك الحذر من عدم الرضا بقسمة الله تعالى والتطلع إلى ما عند الغير بنظرة يملؤها الحقد والحسد أو الغيرة المذمومة. قال الحسن رحمه الله "من رضي بما قسم الله له، وسعه وبارك الله له فيه، ومن لم يرض لم يسعه ولم يبارك له فيه". وكان الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله كثيرا ما يدعو "اللهم رضّني بقضائك، وبارك لي في قدرك، حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته" فلنختر لأنفسنا أين نريد أن نكون مع الكبار أو مع الصغار. ومضة تأمل أيها الكريم هذه الكلمات النبوية "وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ"، إنه الرضا الذي يضبط التطلع ويحقق التوازن الداخلي في النفوس عن حب وعزيمة وتوكل.