11 نوفمبر 2025

تسجيل

عرفات.. بربك مُتْ

17 يوليو 2012

زمان.. حينما كان يقول لي والدي: إن لدينا جامعة عربية، كنت أسأله ماذا تعني جامعة هل تقدم فيها الدروس؟ فيجيبني لا فالمقصد منها جمع الدول العربية تحت مظلة العروبة التي توحدنا في المصير واللغة.. والآن.. حينما يقال لي دعت الجامعة العربية وقالت الجامعة العربية، فإنني أسارع إلى إكمال هذا الموشح القديم المتجدد بقولي: وقد نددت الجامعة العربية.. كما شجبت الجامعة.. ورفضت.. وغضبت.. وأنكرت.. و.. سكتت الجامعة بعد أن بلع القط لسانها الذي أزبد منذ قليل غضباً!!.. هذي باختصار قصة نشأة الجامعة العربية التي يرفرف عند مدخلها المهيب شكلاً لا مضموناً 22 علماً عربياً لا يمثلون في الأساس الوحدة التي تظهر عليها في الحقيقة!.. اليوم.. تخرج لنا هذه الجامعة بدعوة من السيد نبيل العربي لاجتماع وزاري (طارئ) ليس لبحث فك الحصار الجائر على أهل غزة منذ عام 2007 والتفاوض حول (تليين) رأس نتنياهو اليابس تجاه السلام وإحلال الدولتين كما أصبح متفقاً عليه، أو اختراع بنوداً تضاف إلى العقوبات المفروضة على النظام السوري، ولكن لمناقشة ما توصل إليه تقرير "الجزيرة" حول مقتل ياسر عرفات مسموماً، والعمل على التحقيق (الفوري) في هذه المصيبة التي أودت بحياة (المناضل) أبي عمار!.. ورغم أن هذه الدعوة قد تعد طبيعية لو كان عرفات قد مات أمس أو منذ شهر أو حتى منذ سنة، لكن أن ينشغل العرب اليوم بهذا الأمر الذي يجب أن نتجاوزه بمراحل وسط الأنباء المتصاعدة في سوريا من جرائم قتل، ومجازر فظيعة، ترتكب بحق شعب أعزل، استنسخ ثورته من باقي ثورات الوطن العربي الكبير ليلقى ما يلقاه اليوم!.. فالتقرير الذي يحسب فعلاً لقناة "الجزيرة" في الكشف عن سر مقتل (مناضل) عاش ومات وهو يحلم بالدولة، فخرج من الحياة بزوجة وابنة وعلامة نصر منكوسة.. لم يكن هذا وقته المناسب الذي يجب أن تفاجئ به "الجزيرة" متابعيها والعالم بأسره، لاسيما أنه جاء متقارباً مع مجزرة الحولة السورية ليبرز الأول وتضيع الثانية تماماً، كما بدأت مجزرة قرية التريمسة تنحسر عن الأذهان حتى وإن بدأ المراقبون الدوليون التحقيق الذي أعتبره صورياً تماماً كما هي كل التحقيقات التي تعقب الجرائم التي يرتكبها أعداؤنا ضد الشعوب!.. ولم يكن على الوزاري العربي أن ينزلق إلى هذا المنزلق المضحك في تتبع (قاتل) عرفات، وكأنه سيعاقبه في حال معرفته، رغم يقيني أن من قتل عرفات معروف لدى الجميع، ولكن لابد لذر الغبار أمام ذكاء الجامعة (الكونانية) في أنها اكتشف شيئاً ما وقادرة على تحديد هويته!.. بربكم استريحوا وأريحونا!.. فهل يعقل أن سوريا تنقص كل يوم ألفاً من شعبها، ونحن نمسك بتلابيب من قتل عرفات الذي شبع موتاً وتحت قبره الرخامي يوجد فتات مهترئ لجثته؟!.. هل يعقل أن (نشار الجسد) يزهق في الأرواح والعصابات التي تقع بين المعارضة والنظام وتستغل الخلاف فترتكب جرائمها المنظمة، وأنتم تبحثون هل مات عرفات مسموماً أم مغموماً مهموماً؟!.. نعم يا سادة أمرضه السم، وفتك به الهم، وقضى عليه الغم، وكان الله بعرفات أبصر وأعلم!!.. ماذا لديكم؟!.. إلى متى ستظل الجامعة مركزاً للاجتماعات وحلبة للمصارعات والمطاحنات وتصفية الحسابات؟!.. إلى متى يجب أن نقول بأن لدينا جامعة تحل المشاكل، ويلجأ إليها العرب كلما ألمت بهم ضائقة، بينما الواقع المرير ينفي هذا الحلم؟!.. سوريا تلحق ليبيا وهذه الأخيرة لحقت غزة، ومازلنا بنفس العجلة التي تدور بقسوة فتدهس آمالنا بأن نعيش قليلاً، ونحن أحرار تحت حكام نحن من نختارهم رؤساء ونقبل بأنفسنا مرؤوسين تحت مظلتهم!.. ماذا تفعل هذه الجامعة التعيسة التي نرى تبدل أمنائها كما يبدلون ثيابهم التي يحرصون على نظافتها وتلميعها على عكس أفعالهم المخزية؟!.. فيا عرفات لم أتخلص من (غثاك) حياً فإذا بك تلاحقني ميتاً! فاصلة أخيرة: يضحكني العميان حين يقاضون الألوان!! وينادون بشمس تجريدية تضحكني الأوثان حين تنادي الناس إلى الإيمان وتسب عهود الوثنية!! يضحكني العريان حين يباهي بالأصواف الأوروبية!! كان ويا ما كان كانت أمتنا المدنية تطلب صك الإنسانية من شيطان!! ( أحمد مطر)