05 نوفمبر 2025
تسجيلأنتم كتاب مفتوح.. حتى ما استغلق منكم... بريدكم، مراسلاتكم، بياناتكم، صوركم، محادثاتكم ودردشتكم بكافة أشكالها وبرامجها، بحوثكم، ملفاتكم ليست لكم.. توقعنا ذلك حقيقة عندما تردد البعض منا في فتح حسابات على الفيسبوك وقت تحذير امريكا موظفي البنتاغون من انشاء حسابات وفتحها على أجهزة وزارة الدفاع، دخلتنا الريبة وقتها من كون تلك البرامج أدوات طيعة للتجسس، وكان ذلك التقرير الإخباري قد نُشر عام 2008، كنا ننتظر تأكيد مثل هذه الوثائق، حيث نشرت مؤخرا خريطة التواطؤ التكنوسياسي في الاستخدام المعلوماتي والمؤرخة كاملة لكل برنامج منذ عهد الجمهوري بوش الى عهد الديمقراطي اوباما اي منذ جمهورية جوجل الى ممالك "زوكنبرغ" وطوايفه. تنصل السياسيون وتبرأ التكنولوجيون، ولكن برافو ل الجارديان البريطانية والواشنطن بوست لنشرهما تقريرا تضمن وثائق سرية سربها "إدوارد سنودن"، موظف سابق بوكالة الاستخبارات الأمريكية عن مشروع PRISM الضخم المستخدم ضمن وكالة الأمن القومي الأمريكية الذي يمكن من الدخول إلى أنظمة كبرى شركات الإنترنت والولوج المباشر الى البيانات الخاصة لمستخدمي الفيس بوك، جوجل، ابل، مايكروسوفت، ياهو وسكايبي، وغيرها متضمنة تاريخ المحادثات ونصوصها والصور والأسماء والملفات المرسلة والمكالمات الصوتية والفيديو، بل وحتى أوقات دخول المستخدم وخروجه وبشكل فوري.. هذا منذ اكثر من 6 سنوات، ادعت فيه الشركات بداية أنه بدون علمها، وعبطا تدعي ونحن في ظلها نطفح بإغراقات وروابط تشي باهتماماتنا وتصلنا بكل طوايفنا ولو كان عاشر جد.. هذا فيما يتضح لنا فقط وما خفي أعظم. التقرير المسرب كشف أن عمالقة الإنترنت يقومون، تحت مراقبة مستمرة من وكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي، برصد حركة المرور على الإنترنت عن كثب من خلال اتفاق للتطفل على البيانات الضخمة، لكنهم صرحوا بعدم مشاركتهم في هذا البرنامج. التنصت طال جميع أنحاء العالم، بحيث لا تعجزه ابدا اية لغة مستخدمة وأي أسلوب، اعتقد لم يعجزهم حتى ما عرف بـ"العربيزي" الذي — رغم غضبنا عليه — ربما تكون طول وقت ترجمته والتعرف على رموزه هي الحسنة الوحيدة له فقط منذ اختراعه عند شباب العرب، حيث عرضت الصحيفة على موقعها ضمن الخبر خريطة ملونة لأهداف التجسس يرمز فيها اللون الأخضر للدول الأقل خضوعا للمراقبة والتجسس، والبرتقالي للدول التي تخضع أكثر للتجسس وغالبها وطننا العربي، والأحمر لأكثر الدول خضوعا للتجسس وبدت فيها كل من الأردن وإيران وباكستان، ثم مصر والهند بنظام Boundless Informant الذي يخترق شبكات الهاتف والإنترنت. طال التنصت ايضا مواطني الولايات المتحدة الأمريكية وهي التي يحظر عليها من الناحية القانونية التجسس عليهم، ولكن الحكومة التي سكتت ثم نفت ما لبثت أن اعترفت بوضع هذا المشروع معللة انه تم بطريقة قانونية وبموافقة الكونجرس مؤكدة أن الأكثر أهمية هو تبادل الاتصالات بين من هم تحت المراقبة ممن قد يكونون أعضاء في خلايا إرهابية، حيث أكد الرئيس الأمريكي أن الكونجرس وافق عليه "لإيجاد ''تسوية'' بين الأمن والحياة الخاصة فيما لا تزال الولايات المتحدة مهددة باعتداءات." وفوجئ الأمريكيون، حيث لم يتوقعوا أنفسهم أن يصل الأمر إلى تقفي كشوفات من شركات الاتصالات الكبرى مثل (فيرايزون) للمراقبة السرية لهواتفهم، بحيث توضح اي مكالمة هاتفية تمت من ارقام داخل الولايات المتحدة ومن ارقام امريكية لأرقام في الخارج، فضلا عن بريدهم الالكتروني. ولم نتوقع نحن أيضا لا ان نكون — نحن العرب — ضمن خريطة الكشوفات المخابراتية الهاتفية والسيبرنتية فهذا مُجزم به سلفا ولكن ان يفضح خطتهم احد ابناء المخابرات انفسهم ليكشف التواطؤ الذي يطول البشر منهم خارج نطاق حدودهم دون وجه حق. الجميع يعلق ويجزم بأنه لا توجد خصوصية في أي وسيلة اتصالات على كل حال، والحقيقة المرة ليست في الخصوصية، فحسب بل لا توجد نية بريئة في اي وسيلة اتصالية خصوصا المجانية لمن يؤمن بالعظة والعبرة. برنامج ''بريسم'' يعيد الجدل ليس فقط حول الإطار الشائك بين انتهاك الخصوصيات ومراقبة البيانات بهدف حماية الأمن في محيط البلد الواحد، ولكن انتهاك خصوصيات الدول وقوانيها وخصوصيات مواطنيها من اجل امن قومي لدولة واحدة هي محضن كل وسائل التكنولوجيا ومولد حروب المصطلحات بل ومفرخ الارهاب في ذات الأوان، هذا دون توثيق مدونات أو أخلاقيات للاستخدامات الإلكترونية مثلها مثل الإعلام التقليدي ودون تحديد دقيق جامع مانع لحرية انتقال وتدفق المعلومات أو نوعها على الأحرى، ودون احترام المسائل القانونية الخاصة بكل قطر ودون تأطير لجرائم الانترنت الدولية والاختراق الانتهاكي العابر للدول والقارات. ونصاب بالجنون حين يستعر غضب الولايات المتحدة وتقلق وتندد بشأن انتهاك دول بعينها حريات الأفراد وخصوصياتهم، تسلب هي ذاتها مواطنيها حق الخصوصية في هذه الحريات دون ان يحاسبها أحد رغم انها اليوم مساءلةٌ مساءلةً قانونية داخليا، حول خصوصيات مواطنيها، وخارجيا، حول التنصت العابر للقارات وانتهاك الوضع القانوني للآخر. وفي الوقت الذي يتيح فيه القانون للمواطن الأوروبي الدفاع عن حقه في حماية معلوماته أمام المحاكم، طالبت خبيرة أوروبية الأوروبيين بالدفاع عن مفاهيمهم القانونية بكل وعي أمام الولايات المتحدة، مؤكدة أنه "علينا رفع شعار، الأمن وسيلة وليس غاية". وتسعى اوروبا لمشروع قانون لحماية المعلومات ينوي فيه المشرعون رسميا تحذير مستخدمي الانترنت من عدة أمور: إن استخدامهم لصفحة ما قد يعرضهم إلى المساءلة القانونية في الولايات المتحدة الأمريكية أو أن معلوماتهم الشخصية يمكنها أن تتعرض للرقابة الأمريكية. الأمر الأهم بعد هذه الفضيحة التجسسية أن الاتحاد الأوروبي سيمارس ضغطه لإجبار الجانب الأمريكي على توقيع اتفاقية تضمن الحقوق القانونية للمواطنين الأوروبيين. لم نسمع موقفا عربيا رسميا واحدا ضد منحى أمريكا تجاه اختراق خصوصيات نظم معلوماتهم خصوصا ان فيسبوك بالأمس أعلن بعد مماطلة وتفنيد عن تلقيه 19 الف طلب منها لبيانات معظمها تتجه نحو الشرق الأوسط، وتلقى اليوتيوب والانترنت من امريكا طلب حجب بعض المواقع او الفيديوهات التي تمس أجهزته والتي في مفارقة عجيبة لم تصدر من اي دولة عربية واحدة حسب تقرير نشر مؤخرا. لم نسمع ايضا تحركا عربيا شعبيا واحدا ضد هذا التجسس الاختراقي لبياناتهم لا امام سفارات أمريكا في دولنا ولا حتى موقفا موحدا فاعلا ضد محرّكات البحث وأدوات التواصل الاجتماعي التي غدت في ايدي امريكا "ادوات تجسّس ومراقبة" وفي أيدينا أدوات "فتنة" و"بث فرقة وشقاق". وصحّ النوم يا عرب....