13 نوفمبر 2025

تسجيل

أجهزة الأمن.. وزارات الشؤون الإسلامية.. من خلط الدين بالشعوذة والدجل والاحتيال؟

17 أبريل 2011

تصدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية في وقفة محمودة لتوعية الناس بخطر التردد على كثير من القارئين أو بالأحرى المدعين الذين يدعون قراءة القرآن على المترددين من المرضى دون رخص تؤكد شرعية ما يقومون به ومدى تطابقه مع القراءة الحقيقية المنصوص عليها في الدين الإسلامي دون تحريف أو تدليس للقرآن، وقد قامت الوزارة في شهري مايو ويونيو من العام الماضي بوضع إعلانات توعية في الصحف المحلية لتنبيه الناس إلى لجوء البعض للقراءة دون ترخيص ومغبة اللجوء إلى مثل هؤلاء القراء وخطورتها مع وضع قائمة بالقراء المرخص لهم، وهذا أمر يعد في غاية الأهمية خصوصا في هذا الوقت من عمر المدنية الذي وفي مفارقة عجيبة ازدادت فيه الثقافة لدى المجتمعات ولكن ازدادت فيه الأمراض المدنية وتبعاتها، وازداد في الوقت ذاته تضليل الناس باطراد مع زيادة لجوء الدجالين والمشعوذين إلى استغلال الدين للحصول على الكسب السريع، حيث اختلط مؤخرا مفهوم الدين وقراءة القرآن التي ذكر الله تعالى بان فيها شفاءً للناس مع الشعوذة حتى غدت لدى البعض حرفة من لا حرفة له مع مغبة ما يستخدمه البعض فيها من طلاسم يزج بها وسط آيات القرآن الكريم واعتماد حركات وأصوات تسيطر على المريض وتغيبه عن الوعي وتبيعه الوهم بما يحدث له وبما يباع للمترددين من ماء وزيوت لا يعلم كنه مكوناتها ومضمون ما يقرأ فيها، تصل ليس فقط الى "التدليك بها" بل إلى حد التبرك والتمسح بها، والأدهى من ذلك كما ذكر لي أحد الأساتذة من حملة الدكتوراه في الرياض أثناء اجتماع عمل يتعلق بموضوع قريب من ذلك: أن عددا من "المطاوعة " في أحد مدن السعودية المعروفة باتوا يديرون صنابير مياه تدار ويزج فيها بقراءات لا يعلم كنهها بخزعبلات وخرافات ما انزل الله بها من سلطان وكأن هذه الصنابير ينابيع تجري لتصل من منبعها "الصنبور" الى ممر يدار فيه مسجل بصوت الشيخ بالقرآن الذي يتلوه حتى تصل بعد هذه الجولة الى مصب لتعبأ بها "جالونات"عن طريق موظفين لدى المطوع لتباع بعد ذلك لكل مريض في طابور لا ينتهي، وغدت بذلك مهنة من المهن التي تحقق الثراء السريع على حساب المرضى "المساكين" وسط عوامل متعددة: — مجتمعات إما جاهلة وغير واعية يسهل تضليلها وتغييبها، — أو مجتمعات متعلمة ولكن تعليم غير واع وغير مرتبط بالدين، إذ تسلم تسليما بالغا للروحانيات والثقة العمياء بان كل ما لديها من أمراض أو أسقام أو مشاكل إنما يعود سببه إلى العين والحسد أو الحقد أو السحر فقط لا غير دون النظر إلى الأسباب والمسببات، والذي يطرق له البعض باب رجال الدين فيختلط عليهم الأمر إما بعدم وعي أو بحسن نية، — أو مجتمعات متعلمة ومثقفة ولكنها تموه تمويها تاما بخديعة تنطع وانتحال الكثير من الدجالين والمشعوذين شخصية رجال الدين وامتهان مهنتهم باحتراف بالغ يصعب اكتشافه، — وأخيرا وهو الأهم في كل ما سبق هو تباطؤ أو غياب دور وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولها عن إصدار الرخص الرسمية أو متباعتها أو توعية الناس بها او الإعلان عنها رسميا سواء فيما يتعلق بقراءة القرآن أو من ينتحل شخصيات أطباء الطب الشعبي وما هم إلا دجالون ومشعوذون يستخدمون الطلاسم والسحر ويبيعون الناس ما لا تحمد عقباه.. كل ذلك أيضا وسط عدم قيام هذه الهيئات الإسلامية في دول الخليج بدور واحد مشترك رغم مظلة مجلس التعاون في كل القضايا التي وان بدت دينية الا أنها أمنية أيضا خصوصا وان الخليج كتلة واحدة وشهرة رجال الدين في مسألة المريض الذي يتعلق بشعرة أو قشة من اجل شفائه تجعله يمتطي الطريق لأي قارئ يسمع عن ذيوع شهرته خصوصا عندما تعجز أجهزة دولهم الإسلامية والأمنية عن مساعدتهم في الكشف عن الدجالين والمشعوذين بوسائلهم الأمنية والشرعية المفروضة في كل قطر. ولعله من نافلة القول هنا التذكير بضرورة الوعي القرآني السليم لشريحة كبيرة من البشر في دولنا تلك التي ترد كل موضوع حتى لو كان تافها أو حقيرا إلى العين والحسد أو العمل والسحر "اصبت بانفلونزا.. عين، ارتفاع درجة الحرارة.. عين، مشاكل في العمل.. عين، ينفجر صنبور ماء في بيتك.. عين، يتمزق جزء من ملبسك عين.. عين.. عين.. الخ " ومع التصديق بوجود نظرات خارقة للعادة ولكن ليس إلى الدرجة التي تحول فيها الحياة إلى الجحيم وتصبح مجرد الكلمات والعلاقات بين الناس بؤرا ومصايد تدمر العلاقات حتى بدا يخاف فيها المرء من أن يتفوه بكلمة إطراء لدى عقول مطبقة الجهل وضعيفة الإيمان. فليس كل ما يقع عينا أو حسدا بل هناك عوامل أخرى، وهناك أيضا وسائل أهدانا الدين إليها كقول "ما شاء الله" سواء على ما لديك أو لدى غيرك ولكن أن يوصلك مجتمع مطبق على الجهل إلى أن تقول على كل شيء حتى التافه تعميما: "تف تف ما شا الله: أو "تفّل" علي" بالعامية "التفلة " أعزكم الله وما تبعها من المسح والتيمن والتطير، نعلم ان المسح على المريض المعيون من العائن وارد ومذكور فيما جاء من مريض ابتلي ببلاء كبير في عهد الرسول ولكن الأمر اليوم ليس على المرض المعروف او الكبير بل على الصغائر التافهة، ناهيك عن تطورات ريق الإنسان أو عرقه أو هدمه أو لبسه أو أثره وما يجتره البعض من انقيادهم للمشعوذين لما يوضع في مقام العمل والسحر دون وعي. فقد أعطى الله تعالى الإنسان مفاتيح الأمرين: الوقاية "لولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله" و العلاج:** " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ " (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) وأمر آخر على درجة من الخطورة وصلني عن طريق الايميل ويجب ان تقف له الجهات المعنية بالمرصاد هو لجوء كثير من الشركات العاملة في مجال خدمات ضيافة الأفراح أيضا الى بيع "غسول فناجين الأعراس" حيث تعبأ مياه الغسول في "جالونات" تباع للحاضرات بعد الفرح، والتي تعد آفة خطيرة ليس للابتزاز فحسب بل لانتهاك وعي المجتمع والدخول في غياهب الشرك بالله. وأخيرا...... إن وقفة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر تستحق التقدير والشكر ولكن الجهود فيها لا تزال غير كافية، فالموضوع يحتاج إلى الإعلان المتكرر عن القراء المرخص لهم، فضلا عن حملة توعوية " تعليمية وإعلامية" شاملة تستوعب المجتمع كله بكل فئاته المتعلمة وغير المتعلمة كل بوسيلته، لا تعلّمهم فحسب بل تكشف وتفضح ايضا أساليب وأباطيل الدجالين، وضرورة تكامل الأدوار بين أجهزة الدولة المعنية جميعها في القطر الواحد التعليمية والثقافية والدينية والإعلامية، والأمنية "على وجه الخصوص"، ووجوب تعاونها على مستوى دول الخليج العربي قاطبة لتجنيب الأفراد مغبة المخاطر والمشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية والاحتيال والابتزاز المادي الذي يتعرضون له، ولإغلاق أي منفذ من منافذ الكفر والشرك بالله وهذا أهمها. كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com