15 نوفمبر 2025

تسجيل

ورحل صاحب المسيرة.. وبقيت السيرة

17 مارس 2024

حين يُغيّب الموت شخصية بارزة يُلمس أثرها في المجتمع من خلال ما تقدمه من نتاج فكري يتسم بالإبداع في أي مجال يخدم الثقافة المجتمعية، ومدّعم بالإخلاص والوفاء للوطن، طبيعي أن يكون لغيابه صدى من التأثير المؤلم في النفوس خاصة حين يكون رحيله إلى العالم الآخر فجأة، لكنه الموت أقرب من حبل الوريد، يباغت الروح وينتزعها من جسدها إلى عالم غيبي مجهول بلا مقدمات، والذي تعوذ منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: «اللهم إنا نعوذ بك من موت الفجأة في ساعة الغفلة» ونؤمن به وننتظره «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» «وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ» كما قال تعالى في كتابه الكريم ومكتوب في اللوح المحفوظ متى وكيف فلا يعلم الغيب إلا الله. …. بالأمس القريب وبالتحديد في يوم الأربعاء بتاريخ 13/ 3 وفي يوم فضيل وشهر فضيل رحل الكاتب والمفكر والمؤرخ والأكاديمي ربيعة صباح الكواري، رحمه الله، من عالم الوجود إلى عالم الغيب، ليترك خلفه ما بقي لذكره من أثر طيب في دماثة الخلق والمعشر كما ذكره من عاشره وكل من تابعه، حمل فكرًا سَخَّره في قضايا مجتمعه كما خطه قلمه، ودراية علمية تاريخية لشخصيات مجتمعية كما سردها بدقة على صفحات الصحف، فكيف لا يذكر وكيف لا يتألم لرحيله، ولكن كما يقال لم يرحل من ترك أثرا بعد رحيله ومنه علم ينتفع به. …. رحل ابن الصحافة وأحد مؤسسي صحيفة «الشرق» وزميل الصحفيين والكتاب الدكتور ربيعة شامخا بعطائه في المجال الصحفي، ثابتا على مبادئه في معالجة أي قضية مجتمعية التي تهم الرأي العام كما هي قضية التقاعد الأزلية والمطالبة بحقوق المتقاعدين التي شغلت فكره، وتوجيه الرسالة للمعنيين لإيجاد الحلول السديدة العادلة لمن خدم وأعطى وأخلص للوطن سنوات طويلة من أبنائه. كما هو سرده تاريخيًا لرجالات قطر ومن أعطى بإخلاص لوطنه وترك أثرا، ليترك لنا معرفة تاريخية من خلال تجسيد الشخصيات وأعمالهم وإنتاجهم كما هي سيرة الفنان الملحن عبد العزيز ناصر، رحمه الله، وذكر مسيرته الفنية الوطنية والإنسانية الذي لم يغب عنه ذكره سنويًا في مقالاته الصحفية. ويترك لنا «علامة استفهام» كما هي عنوان زاويته الأسبوعية حقًا إنه ابن الوطن البار الذي قال عنه عبد العزيز العويد من دولة الكويت «ومات ذاكرة قطر التوثيقية» وعلامة الاستفهام في زاويته اليوم لا تجد من يضيء دربها بالإجابة حول القضايا الوطنية والمجتمعية والقضايا الدولية السياسية،، وحين يغيب هامة إعلامية بارزة عاشق الصحافة والتراث والتاريخ طبيعي أن يترك مساحة فارغة في مجال الفكر والوعي والثقافة وصدق الكلمة وبالأخص في مجال الصحافة المحلية، سنفقده ولكن يبقى في فكرنا من خلال إنتاجه وعطائه وهويته الثقافية والفكرية والتراثية والتاريخية التي جسدتها كلماته في زاويته الأسبوعية ومؤلفاته،،،. لم يمت من يخلف إرثا طيبًا بعد وفاته وستبقى سيرته ومسيرته لا تنسى،، وكما قال الشاعر وصدق: الخط يبقى زمانا بعد كاتبه ….. وكاتب الخط في التراب مدفونا والذكر يبقى زمانا بعد صانعه ….. وخالد الذكر بالإحسان مكفولا …. رحم الله فقيد الصحافة رحمة واسعة وغفر له وجعل مثواه جنة عرضها السماوات والأرض وألهم أهله الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون …