09 نوفمبر 2025
تسجيلأثار نبأ استشهاد علي حسن الجابر — مصور الجزيرة — في كمين مسلح غادر بالأراضي الليبية أصداء كبيرة من الغضب والحزن وسط جموع الإعلاميين العرب لما اعتبروه عملاً إجرامياً استهدف الإعلاميين الباحثين عن الحقيقة، غير أن النظام الليبي انتهك كل القوانين والأعراف في تحد سافر لتضليل المشاهدين في كل مكان، بعدما مارس حملة من التحريض على قناة الجزيرة وفريق عملها أثناء تغطية الأحداث في ليبيا منذ انطلاقها في السابع عشر من فبراير. وفي كلمة مؤثرة بدأها سعادة الشيخ رئيس مجلس إدارة الجزيرة نعى فيها الفقيد شهيد الحقيقة قال: "إن الجزيرة كانت سباقة على الدوام في استشراف المستقبل، والبحث عن الحقيقة ومواكبة رياح التغيير، ودفعت في سبيل ذلك أعز ما لديها وهو دماء أبنائها". لقد أحب علي الجابر مهنته ليوثق الحقائق وينقل للمشاهد ما تعكسه الصورة بأمانة في أي مكان نبيل كانت، كان دائماً على ثغرة من ثغور الإسلام، وكان محباً لخدمة الدين والحقيقة والكرامة وإغاثة الملهوف، لذا كان صديقاً لـ "هاني البنا" مسؤول الإغاثة الإسلامية العالمية في بريطانيا، لذلك ليس غريباً عليه أن يهب — رحمه الله — نصرة لإخوانه في ليبيا الجريحة وما يدري إن القدر منه على مسافة ليست ببعيدة، لكن حس الشهيد يتحدث، فقد ذكر مرافقوه أنه قبل تعرضهم للكمين الغادر من كتائب القذافي، كان يقول لهم لا تخافوا اطمئنوا ويمكن أن نموت في كل مكان، أجل كما قال تعالى: "وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير" لقمان: 34. لقد امتزجت دماء شهيد مسلم من قطر بدماء آلاف الشهداء الليبيين على أرض شيخ الشهداء عمر المختار، من منا كان يدري أن عشرات الالوف في ليبيا سيشيعون علي الجابر ومن كان يدري أن أحرار العالم من كل مكان، فضلاً عن بلده (قطر) أخذوا يؤدون حق العزاء. إن للشهيد مكانة لا يعلم قيمتها إلا الله تعالى، وخير دليل على ذلك أن جامعة عمر المختار بالبيضاء أطلقت اسم علي الجابر على رواقها ومدرجها الخاص بالمؤتمرات. حقاً لقد تقدم مصورنا علي حسن الجابر ليقول لكل حر هذا هو الطريق بالشوك والدماء لا الورود والزهور فتقدموا واصنعوا الثورة ضد الظالمين فكأنما هو أبو العلاء المعري يقول: وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام أو كأنما هو عمر أبو ريشة يحرض بقوله: تقضي البطولة أن نعد جسومنا جسراً فقل لرفاقنا أن يعبروا وهكذا فإن المجد لا يبنى إلا على رؤوس الضحايا، أليس الجود بالنفس أقصى غاية الجود؟! لقد كان علي الجابر صاحب رسالة، فأدى الرسالة وحفظ الأمانة في أفغانستان والبوسنة والهرسك، والكويت وغزة وأحراش إفريقيا، وها هو الفارس يترجل ثم يتمدد شهيداً في أرض شيخ الشهداء الذي علماً علمنا "النصر أو الشهادة" لقد شاء الله أن تزور مدينة "سنوب" فيها ضريح عمر المختار لتغطية أحداث مظاهرات مؤيدة للثوار هناك، ولدى العودة مع رفاق الدرب كان الكمين وهبت رياح الجنة عليك، كما هبت من قبل على شيخ الشهداء وصحبه، اسأل المولى عز وجل أن يتقبله مع الشهداء في جنان الخلد.