15 نوفمبر 2025
تسجيلحضر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، هذه الأيام أشغال الدورة الخامسة والخمسين لمؤتمر ميونخ العالمى للأمن في المدينة الألمانية التى تحمل اسمه بعد أن احتضنت الدوحة عام 2013 دورة سابقة وحاسمة لنفس المؤتمر ولم تبالغ وكالة (وورلد نيوز) الدولية حين وصفت مشاركة سمو أمير قطر، في هذه الدورة بالأساسية والمهمة لأنها تعزز لدى الرأى العام العالمى ما بلغته دولة قطر بفضل خياراتها الدبلوماسية من عقد تحالفات استراتيجية مع الدول العظمى والقوى الاقليمية بغية تكريس مناخ أمن وسلام في العالم ومكافحة كل مظاهر الارهاب والعنف بل واجتثاث جذورهما واستئصال أسبابهما. ولعل العودة لبعض التصريحات الأميرية في الدورة السابقة للمؤتمر تنير لنا أهداف دولة قطر من حضور المؤتمر بأعلى مستوى للسلطة مع قيادات الحكومة حين أكد الأمير حفظه الله على أن حفاظ قطر على استقلال قرارها وحرصها على ممارسة سيادتها ضمن لها أمنها الى جانب تعزيز قوتها الدفاعية وصيانة ترابها واستثمار الدولة في بناء الانسان القطرى تعليما وتثقيفا وتأصيلا حتى تكون المناعة الوطنية هى الدرع الحامى للشعب في دولة توفر أمنه وتحرص على أمن جيرانها ومحيطها وترتبط مع كل دول العالم بعلاقات راسخة فهى الدولة التى تصنف ثانى مزود للغاز لدول العالم والتى تسجل أعلى معدلات النمو المتصاعد باستمرار بشهادة كل المنظمات الدولية كما أنها مستهدفة منذ الخامس من يونيو 2017 من بعض المغامرين الاقليميين بحصار جائر لم يؤثر لا في اقتصادها ولا في سلامتها بل زاد قطر قوة ورفع منزلتها الدبلوماسية في العالم وعزز مساهماتها في كل جهد دولى غايته الأمن والسلام. وكان صاحب السمو منذ سنة ونصف السنة عرض على الدول الشقيقة والصديقة تأسيس منظمة دولية لمقاومة العنف والارهاب توحد جهودها وتنسق سياساتها وتكون أداة مرنة وناجعة لتحقيق أهداف المجتمع الدولى ومنظمة الأمم المتحدة وما تزال قطر تسعى في هذا الاتجاه لا تتعب ولا تيأس مقترحة أن يكون مقرها في الدوحة لأنها عاصمة الوفاق بين أغلب فصائل عربية واسلامية كانت متناحرة ووفقت الدوحة في تأليف قلوب المتخالفين فيها كما وقع بين الاخوة السودانيين واللبنانيين والفلسطينيين والليبيين واليوم بين الأفغان. ومن ناحية أخرى استعرضت افتتاحية الشرق الغراء يوم السبت الروابط ما بين مؤتمر الأمن وبين دعم العلاقات القطرية الألمانية فقالت "تتميز العلاقات القطرية الألمانية بالقوة في مختلف المجالات وعقب مؤتمر ميونخ ستعقد اللجنة الاقتصادية المشتركة اجتماعاتها في برلين وهذا من شأنه تعزيز وتوطيد العلاقات بين البلدين ومن جانب آخر ستستضيف الدوحة خلال هذا العام مؤتمر الامن السيبرانى التابع لمؤتمر ميونخ الأمر الذى يعكس التعاون والشراكة الاستراتيجية بين قطر ومؤتمر ميونخ" ونحن نلاحظ أنه في حين يتدافع المسؤولون السعوديون والاماراتيون والبحرينيون الحاضرون في مؤتمر ميونخ من أجل التقرب الى نتنياهو حتى يؤكدوا لمن أوفدهم أنهم ساعون للتطبيع، يتولى سمو أمير قطر تعزيز تعاون بلاده مع الرئيس الأفغانى ورؤساء دول افريقية مثل رواندا الصاعدة ولم تغفل صحيفة (نيويورك تايمز) تعداد نقاط القوة في جدول أعمال المؤتمر فقالت: "تكمن أهمية مؤتمر ميونخ في جمع قادة العالم خلال ثلاثة أيام لمناقشة قضايا أمن العالم بلا حدود" لكن الصحيفة أشارت الى مواقف الرئيس ترامب التى هددت بابتعاد الولايات المتحدة عن هذا المشروع الأمنى العالمى للسلام بانسحاب واشنطن تدريجيا من المنظمات الدفاعية والاستراتيجية الكبرى مثل حلف الناتو ومعاهدة النووى الايرانى والاتفاق العالمى حول حماية البيئة ومنظمة اليونسكو وزرع الشقاق بين جناحى الغرب أى أمريكا وأوروبا واعلان حرب تجارية كونية جعلت الصين وروسيا تخشيان المواجهة مع الولايات المتحدة وتتخذان اجراءات حمائية. في هذا المناخ الدولى المتأزم يأتى مؤتمر ميونخ ليسجل موقفين مختلفين على صعيد الخليج: من جهة موقف الدوحة المستند الى قاعدة أخلاقية وقومية وقانونية عادلة لا تقبل التفريط في حقوق الشعب الفلسطينى ومن جهة ثانية موقف دول الحصار المهرولة وراء سراب التطبيع ظنا منها بأنه السبيل الأوحد لكسب تعاطف الرئيس ترامب وهو الذى يعانى من مشاكل دستورية داخلية عليه حلها. في زحمة هذه المعطيات الاستراتيجية تحقق قطر بحضور أميرها أشغال المؤتمر نجاحا اضافيا يعزز مكانتها ويعلى من رايتها وبموقعها كدولة عربية خليجية رائدة بين دول الشرق الأوسط على صعيد حماية الأمن العالمى والسلم الدولي.