05 نوفمبر 2025

تسجيل

دور البورصة في خفض المخاطر والتكلفة بالاقتصاد

17 يناير 2016

تمر هذه الأيام بورصة قطر، علي غرار بقية أسواق المنطقة والعالم بأوضاع صعبة نتيجة عوامل عديدة، منها الاقتصادي والسياسي وحتى النفسي، تدفع البعض للتبرم والابتعاد عن الاستثمار في الأسهم، ويتجاهل الكثير منا الدور الكبير الذي أنشئت من أجله هذه المؤسسة المالية، حيث إن بعض الناس من غير المتخصصين يخلطون بين الأحداث اليومية من هبوط وارتفاع للأسهم وبين الوظيفة الحقيقية للبورصات، وأجدني اليوم مضطرا للتذكير بمهام هذه المؤسسة المهمة والحيوية في أي اقتصاد وذلك لتجنيب الخلط بين الأحداث اليومية وأهداف المؤسسات الماليةفالهدف الذي أنشئت من أجله البورصة ليس هبوط وصعود الأسعار، وإنما الهدف الرئيسي هو جذب الفوائض المالية المحلية والاستثمارات الخارجية، وتوظيف هذه المدخرات في تشغيل ورفع كفاءة الاقتصاد ودعم جهود التنمية، هذا بالإضافة إلى خفض المخاطر في الاقتصاد بشكل عام سواء على مستوي الأفراد أم المؤسسات، حيث تعمل البورصات من خلال استقطابها للسيولة على خفض هذه المخاطر لمستويات كبيرة، وبالتالي فإن البورصة تحقق أهدافها العليا من خلال خفض المخاطر والتكلفة بشكل عام في الاقتصاد، وبالتالي يجب علينا فهم أن التداول ليس هو الهدف الرئيسي للبورصة وإنما هو آلية من آليات عملها، فالبورصة توفر للمستثمرين ميزة الادخار، خصوصا أنه في غياب هذه المؤسسة يتجه كثير من الأفراد إما للاستهلاك أو الاستثمار المباشر في مشاريع بمخاطر عالية، فمثلا الاستثمار في القطاع العقاري بشكل مباشر يحتاج لسيولة كبيرة وفي الوقت نفسه يعتبر مخاطرة كبيرة، بينما البورصة توفر للمستثمر مثلا فرص الاستثمار بمبالغ، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، في شركات عقارية ناجحة ومخاطرها قليلة، فمثلا يمكن لمستثمر أن يصبح شريكا في شركة مثل إزدان العقارية التي تعتبر من أكبر الشركات العقارية، ويحصل على أفضل إدارة ذات رؤى وخطط واضحة وتملك عقارات متنوعة سكنية وتجارية وخدمية وأبراج وفنادق، ولديها الإمكانيات التي تؤهلها للحصول على التمويل بفوائد منخفضة مقارنة بالفرد، وتملك التدفقات النقدية والتنوع، وهي قادرة علي تحقيق وفورات بالحجم الكبير، فالإدارة لديها تتابع حجما كبيرا من العقارات ما يجعل توزيع التكلفة الثابتة علي الأصول يبلغ مستويات منخفضة، وهي أمور لا تتوفر للمستثمرين الأفراد مهما كان حجم السيولة المتوفرة لديهم، وبالتالي أنت هنا تصبح شريكا في استثمار بمخاطر قليلة وعوائد مضمونة والبورصة توفر أدوات استثمارية أخرى، فالمستثمر قادر علي الاستثمار في الصناعات وأوريدو والبنوك والتأمين وقطاع الخدمات، وبذلك يكون وبحجم الاستثمار نفسه قد حقق درجات كبيرة من التنويع في حقيبته، بتنويع للمنتج يوفره القطاع الذي يستهدفه وتنويع بشكل عام من خلال شراء شركات أخرى، ما يخفض المخاطر في تقلبات الأسعار ويحقق الاستقرار في التدفقات المالية. وهنا نلاحظ أهمية الاستثمار غير المباشر الذي تؤمنه البورصة في قطاع العقارات وغيره من القطاعات بينما الاستثمار المباشر يتحمل مخاطر كبيرة، فمثلا التركيز في موقع محدد في نوعيه محددة من العقار دون معرفه بالقطاع التجاري دون معرفة مدي جودة العقار وصلاحيته، وهنا لا بد من ذكر أو تذكير المتطلعين للاستثمار في العقار من مقارنة مدخول الاستثمار في العقار المباشر بالدخل في البورصة بخصم واحد في المائة للصيانة وواحد في المائة للإهلاك ونصف في المائة للإدارة والتشغيل، فقد يطول ببعض المرات الوقت قبل أن يتم الإيجار وتبدأ التدفقات المالية. ولا ننسى هنا عامل السيولة، فشراء أو بيع العقار يستغرق شهورا ويصعب إيجاد مشترٍ، بينما لا يأخذ شراء الأسهم وقتا، وهذا عامل السيولة وهو ذو مخاطر كبيرة، هذا بالإضافة إلى أن البورصة تلعب الدور الرقابي على الشركات المدرجة بها من إدارة البورصة إلى هيئة الأسواق ومجالس الإدارة والمدققين الخارجيين، والرقابة العامة من صحف ومؤسسات عامة، وهو ما يقلل مخاطر الاستثمار في هذه الشركات، وعليه فإن البورصات بشكل عام تعكس الوضع الاقتصادي للدول، ومؤشر لأصحاب القرار من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الاقتصاد والمجتمع، وبالتالي عندما نطالب بإدخال أوعية أو أدوات استثمارية جديدة فهدفنا هو التنويع وليس التشكيك في الدور المهم والحيوي الذي تضطلع به البورصة في الاقتصاد الوطني، خصوصا أن البورصة كبنية اقتصادية تقوم بدورها، وعليه يجب عدم الخلط بين مطالبنا لإدارة البورصة ولهيئة الأسواق المالية بطرح هذه الأدوات للمستثمرين، وبين البورصة كمؤسسة اقتصادية تقوم بدورها في توظيف السيولة بشكل كفء لخدمة الاقتصاد وتقليل المخاطر وخفض التكلفة وما أود التأكيد عليه هو ضرورة "مأسسة" المستثمرين بسوقنا المالي لتجنيبه التقلبات والتذبذبات والتي في أغلبها ناجمة عن ترك الأمور للمستثمرين الأفراد وانجرارهم وراء الشائعات وعدم الوعي بأهمية اتخاذ القرارات الاستثمارية المبنية على معطيات ومؤشرات اقتصادية، سواء في قرارات البيع أم الشراء، وهذا ما يجب أن تقوم به مؤسسات لها خبرة ودراية ومتخصصة في هذا المجال، وهو ما يستدعي من القائمين على البورصة السماح ببناء مؤسسات لإدارة الاستثمار في البورصة بدلا من الأفراد، فلو كانت هناك مؤسسات تدير استثمارات هؤلاء الأفراد لما رأينا موجة التراجعات الكبيرة في وقت تحقق فيه شركاتنا المساهمة نتائج مرضية ويظل الاستثمار فيها يحقق عوائد أفضل من الاستثمار في أي قطاع آخر، فالبورصات التي تعتمد على الأفراد هي التي تشهد تذبذبات كبيرة وتقلبات غير محسوبة