08 نوفمبر 2025

تسجيل

" مؤسسة راف " وحلم الشيخ ثاني بن عبد الله آل ثاني

16 أغسطس 2013

مرة أخرى أعود إلى " راف " (رحمة الإنسان فضيلة) بعد أن اطلعت على تعقيب من الأستاذ عائض القحطاني في جريدة الشرق في 5 / 8 الشهر الجاري يؤكد في بيانه ذلك أن مؤسسة راف لها باع طويل في تأسيس دور العلم والمعرفة وأنها أنشأت " جامعة راف العالمية " في عاصمة كينيا نيروبي وسوف تكون أكبر جامعة في شرق إفريقيا ويمثل تأسيس جامعات في مختلف أنحاء العالم حلما للشيخ ثاني بن عبدالله آل ثاني كما قال في بيانه. لا جدال بأن سعادة الشيخ ثاني بن عبدالله ينفق الكثير من ماله في سبيل نشر العلم والرحمة بالفقراء والمحتاجين، أما وقد تطرقنا إلى إنشاء جامعات أكاديمية في أكثر من عاصمة عبر دول العالم كما قال التصريح للأستاذ القحطاني فإني أستأذن الأستاذ القحطاني في أن أورد الملاحظات التالية حول تلك المشاريع المهمة ومدى استفادة المؤسسة " راف " وقطر من مثل هذه المشاريع المهمة. (1) كيف تعمل الجامعات الأجنبية المقامة في عواصم دول أخرى وما هي تكاليفها المالية وما هي أهدافها قصيرة وطويلة الأجل ؟ 1 ــ أن المؤسسات الأجنبية التعليمية معاهد مدارس مراكز بحثية التي تنشئها مؤسسات خاصة أو حكومية عبر العالم لابد أن يكون لها أهداف معلنة وواضحة ولا تدفع بالاعتراض عليها من أي جهة كانت وفي ذات الوقت هناك أهداف ليست معلنة ونتركها للملاحظة والمقارنة مع مؤسسات أخرى عبر العالم وما فعلت وما تفعل لتحقيق الأهداف غير المعلنة في تلك الدول.  2 ــ أن التوسع في إنشاء جامعات عبر العالم من مؤسسة خيرية قد يشتت الجهود والتوسع في الإنفاق المالي مما يحول دون إنشاء صرح علمي بمناهج تعليم متقدمة، وفي تقديري أن إنشاء جامعة قطرية في شرق إفريقيا " نيروبي ــ كينيا " والاهتمام بها وجعلها منارة علمية يفد إليها الطلاب من جميع دول القارة الإفريقية خيرا من التعدد في إنشاء جامعات في أماكن أخرى في القارة الإفريقية تكون ضعيفة وهزيلة في مناهجها ومكتباتها ومختبراتها وهيئة تعليمية ضعيفة.  3 ــ الجامعة الأمريكية في بيروت على سبيل المثال تأسست عام 1866 م كان اسمها في بادئ الأمر" الكلية السورية البروتستانتنية " نسبة إلى أحد الفرق الدينية المسيحية أسسها داعية أمريكي اسمه دانيال بليس وغير اسمها عام 1920 لتصبح الجامعة الأمريكية في بيروت وتبلغ مساحتها 736900 فدان (الموسوعة الحرة) تغيرت أو عدلت مناهجها التعليمية استجابة لتطور الأحداث السياسية والاجتماعية والعلمية وتخرج منها العشرات من رواد الحركة الوطنية العربية وعمل فيها خيرة العقول العربية، ومعلوم أن جميع رؤساء هذه الجامعة هم أمريكيو الجنسية. لن أدخل في مناقشة الأهداف غير المعلنة لمثل هذه الجامعة ذلك أمر يخرج عن نطاق مقالتي هذه، لكن أريد توضيح المسألة المالية للجامعة الأمريكية في بيروت إذ قدرت ميزانيتها للأعوام 2014 ــ 2018 بمبلغ 1.2 مليار دولار وأن الميزانية الرأسمالية بلغت 416 مليون دولار لذات الفترة. 4 ــ الجامعة الأمريكية في القاهرة تأسست عام 1919 م ومن أهدافها المعلنة ربط مصر ومنطقة الشرق الأوسط بالعالم من خلال البحوث والدراسات العلمية. تأسست من قبل فريق أمريكي. وتبلغ ميزانيتها السنوية 180 مليون دولار وبلغ العجز لهذه الميزانية لهذا العام(2013 ــ2012) 8 ملايين دولار. (2) استجابة لتحقيق حلم سعادة الشيخ ثاني بن عبدالله في بناء جامعة / جامعات فأني ادعوه وفريق عمله إلى تحديد الأهداف السياسية والاجتماعية والتعليمية وتحديد ميزانية تقديرية أقرب إلى الواقعية واختيار المكان والمساحة والموقع المناسب لقيام تلك الجامعة وطرق الاستمرار في عملية التمويل كي لا تتعثر مستقبلا أو تكون في الحدود الدنيا من المستوى التعليمي استجابة لظروف التمويل. العاصمة الكينية نيروبي مكان نموذجي لتأسيس جامعة قطرية في القارة الإفريقية لكن مطلوب تحديد مساحة من الأرض تجعل إمكانية التوسع سهلة مستقبلا على أن يكون رؤساء تلك الجامعة من حملة الجنسية القطرية كما هو حال الجامعات الأمريكية التي أتينا على ذكرها أعلاه. هذا لا يعني أن يكون أعضاء مجلس الأمناء كلهم قطريون.  الأمر الثاني: إنني أدعو جميع الجمعيات القطرية الخيرية وكذلك مصلحة الزكاة وجميع المتبرعين وأصحاب الوقفيات الوقوف إلى جانب الشيخ ثاني بن عبدالله آل ثاني في تدبير ميزانية ضخمة لقيام مثل هذا المشروع العلمي المتميز في مكان هو في أمس الحاجة لتأسيس مثل هذا الصرح العلمي الكبير باسم قطر. أحب أن ألفت نظر مؤسسة " راف " أنه من الأمانة ــــ وهذا لا أشك بأنها متوفرة في جميع العاملين في هذه المؤسسة المرموقة ــــ، أن تؤسس لمبان شامخة للجامعة المقترحة في نيروبي تقف في وجه صولات الدهر بكل أنواعها، انظروا إلى مباني الجامعة الأمريكية في بيروت والتي مضى عليها قرابة 140 عاما لم تصاب بتشققات في هيكلها البنياني ولا تخترقها مياه الأمطار من السقوف أو النوافذ ولم تنقطع عنها الكهرباء والماء رغم كل الحروب الأهلية التي مرت على لبنان ووقفت تلك المباني شامخة علما بأن بيروت تقع على خط الزلازل في منطقة البحر الأبيض والحديث عن مستشفى الجامعة الأمريكية لا يغيب عن البال ولكن ليس هذا مكانه اليوم. إن الفائدة التي ستعود على قطر من هذا المشروع الحضاري كبيرة جدا أهمها أنها ستعمل على أن يكون خريجوها من أمهر الخريجين علما وثقافة وسوف يتولون مراكز قيادية في دول شرق إفريقيا وغربها حيث تواجد الإسلام هناك وسوف يكون ولاؤهم لمركز المعرفة كما هو خريجو الجامعات الأمريكية في دول متعددة خارج أمريكا إلى جانب فوائد أخرى كثيرة.  آخر القول: أتمنى من كل قلبي أن يطيل بي العمر حتى أرى هذا الصرح القطري حلم الشيخ ثاني بن عبدالله وقد تحقق ليكون مفخرة لقطر الشعب والأرض والنظام السياسي.