04 نوفمبر 2025
تسجيلاقتربت ساعة الوداع، وشدَّ الشهر الكريم رحاله، تاركاًًَ في نفوسنا آثارا وذكريات من الحنين إليه، ورجاء رحمة الله لنا بالقبول ومغفرة الذنوب، والإشفاق على أنفسنا خشية التقصير والتفريط، فريق يستحضر ما أسلف من أعمال يرجو بها وجه الرحمن مؤملاً ثوابه، مستجيراً به من عقابه، مستذكرا الصيام والقيام وتلاوة القرآن والاعتكاف، وتفطير الصائمين وسائر العبادات.. تفيض العيون بالدموع على ايام ولياليَ طيبة مباركة، مرت علينا سراعاً، وتخفق القلوب شوقا لمرضاة الله وغفرانه.. تجول الخواطر بين اجواء ومشاهد شهر الخير، وقد دنت لحظات الوداع، تتراءى في مخيلتي نبرات أبي يرحمه الله، وتضرعه في إشفاق؛ مناجياً ربه الرحمن، وهو واقف تجاه القبلة في فِناء بيتنا القديم، يسأل الله القبول، ويعوذ به من حرمان الأجر، ويبتهل للمولى أن يعيد علينا شهر رمضان أعواماً تالية، وهناك فريق آخر باتوا مستثقلين ايام الشهر ولياليه، نفوسهم متذمرة، وقسماتهم عابسة، يتعجلون فراق شهر الرحمات، كي يعودوا لسابق عهدهم مع اللهو والغفلة، والانغماس في مستنقعات المعاصي والذنوب، لم يعرفوا للشهر الفضيل قدره ومزاياه، قضوا ايامه ولياليه بين إكثار من الطعام والمنام، والسهر في محراب فضائيات المجون والآثام، أو سحاب أدخنة المقاهي تحت قباب الخيام، اللهم احفظنا وأجرنا يا ذا العفو والإحسان.ياليت شعري من هذا المقبول منا فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه؟! أيها المقبول هنيئاً لك، أيها المردود، جبر الله مصيبتك. نداءً معبراً.. يُروى عن أميري المؤمنين الراشدين عليٍ وعمرَ رضي الله عنهما، عند حلول آخر ليلة من رمضان، وأوصي نفسي وإخواني الذين امتلات بهم مصليات المساجد، منذ بدء الشهر المبارك، والذين التزموا المساجد مع جماعات المعتكفين، بأن يستمروا على الطاعة وعبادة الله والانتظام في صلاة الجماعة، في كافة الشهور، فإننا نتعامل مع الله.. وهو إلهنا الواحد المعبود، في كل زمان ومكان. ومما يجدر التأكيد عليه في هذا الشأن، الاهتمام العملي باستعادة الدور الحيوي البناء للمساجد، في حياة الامة، إذ إن تاريخنا يشهد بأن عصور الازدهار والفتوحات، والتقدم العلمي والحضاري للمسلمين، ارتبط بتوظيف المسجد واتخاذه مدرسة وجامعة، وديوانَ حكم ومجلس شورى، ومنطلق بعثات الدعوة، ونشر الخير والنور في مشارق الأرض ومغاربها. اللهم اجعلنا ممن صام رمضان وقام لياليه إيماناً واحتساباً، واغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا، وما تأخر، واعتق رقابنا من النار، واكتبنا في عِداد المقبولين الفائزين. بطاقة تهنئة تقبل الله منكم صالح الأعمال، وعيدكم مبارك وعساكم من عواده.