12 نوفمبر 2025
تسجيلخطابُ سموِّ الأميرِ الـمُفدى، في افتتاحِ الدورةِ السابعةِ عشرةَ لـمنتدى الدوحةِ، كان بياناً ناطقاً باسمِ شعوبِ أمتينا العربيةِ والإسلاميةِ، نقلَ فيه سموُّهُ إلى العالمِ نَبضاتِ قلبِ الإنسانِ العربيِّ والـمسلمِ الداعيةِ للسلامِ، والـمناديةِ بالـمَدنيةِ والتحضرِ، والـمؤمنةِ بالـمُواطنةِ في دولٍ تحترمُ إنسانَها، وتعملُ حكوماتُها لضمانِ حرياتِـهِ وحقوقِهِ.في حديثِ سموُّهُ عن الإرهابِ، كان واضحاً في عباراتِـهِ التي حَـدَّدَ فيها أسبابَ نشوئِـهِ، و هي: الاستبدادُ، والتهميشُ، والإفقارُ، وإرهابُ الدولةِ ضدَّ مواطنيها، وعَجزُ الشبابِ عن مجردِ الحلمِ بغدٍ أفضل. وهذه هي الحقيقةُ التي لا يريدُ كثيرونَ رؤيتَها لأنهم يسعونَ دائماً إلى القفزِ عنها بهدفِ إلصاقِ الإرهابِ بالإسلامِ الحنيفِ، و هم لا يدركونَ مدى خطورةِ ذلك على النسيجِ الاجتماعيِّ في بعضِ دولِنا العربيةِ التي تتمتع بفسيفساءٍ دينيةٍ رائعةٍ أفسدها الطغيانُ، وصار الدينُ فيها عَصباً حساساً لا ينبغي الـمَسُّ به بسفاهةٍ كما يفعلون. وكان لسوريا الذبيحةِ نصيبُ الأسدِ في حديثِ سموِّهِ عن الـمُهَجَّرينَ بسببِ الجريمةِ الأسديةِ الهائلةِ التي دمرتْها، وقتلتْ مئات الألافِ من أبنائها، وجعلتْها ساحةً لقوًى طائفيةٍ تُشاركُ بحماسةٍ في ذَبْحِ السوريينَ وتشريدِهم. وهنا، نجد أنفسنا أمام الواقعِ كما هو، بعيداً عن محاولاتِ الإعلامِ الأسديِّ والإيرانيِّ بخاصةٍ لتحميلِ الضحايا الـمسؤوليةَ عنْ ذبْحِـهِم وتهجيرِهم. وكم كانتْ رائعةً إشارةُ سموِّهِ إلى تهافتِ الادِّعاءاتِ بأنَّ هجرةَ السوريينَ سببُها الفقرُ وضيقُ العيشِ، لأنَّ هذه الادِّعاءاتُ تصبُّ في خانةِ التغطيةِ على الأسبابِ الحقيقيةِ، و هي الجريمةُ الأسديةُ. أما حديثُ سموِّهِ عن تهجيرِ العراقيينَ الـمسيحيين، فهو تأكيدٌ على السياسةِ الإنسانيةِ الكليةِ لبلادِنا في تعاملِها مع أشقائنا العربِ دون تمييزٍ بينهم في دينٍ أو مذهبٍ أو عِـرْقٍ. فقطرُ ترى في العربيِّ إنساناً أولاً وآخراً، و له الحقُّ، كلُّ الحقِّ، في أنْ يعيشَ في وطنِـهِ مُكرَّماً، آمناً، مُرفَّهاً لأنَّهُ مواطنٌ وليس لشيءٍ آخرَ. وبالطبعِ، فإنَّ غيابَ تلك السياسةِ من قواميس الأنظمةِ الاستبداديةِ وبعضِ وسائلِ الإعلامِ، أسهم في الحالةِ الـمأساوية التي جعلتْ النسيجَ الاجتماعيَّ هشاً في دولٍ تُشكِّلُ ركيزةً في وعينا التاريخيِّ كسوريا والعراق. إنَّ الإنسانَ العربيَّ الـمُتحضرَ، الـمُتمدنَ، الطيبَ الذي رآه العالَمُ في خطابِ سموِّهِ، هو الذي تسعى بلادُنا إلى الإسهامِ في تنميةِ بلادِهِ، والتخفيفِ من معاناتِـهِ، والسعيِ إلى إيجادِ البيئةِ الحضاريةِ التي تؤمِّنُ له حياةً حرةً كريمةً واعدةً بالأفضلِ في مستقبلِـهِ، مُستندةً في ذلك إلى الأخلاقِ والقيمِ النابعةِ من الإسلامِ الحنيفِ والعروبةِ الإنسانيةِ. عندما نقولُ إنَّ سموَّ الأميرِ الـمفدى، شخصاً وشخصيةً اعتباريةً، ركيزةٌ في صُنْـعِ الدورِ والتأثيرِ لبلادِنا في أوساطِ أشقائنا العربِ، فإننا نتحدثُ عن واقعٍ حيٍّ. فسموُّه رجلُ دولةٍ وسياسيٌّ من الطرازِ الرفيعِ، وإنسانٌ ذو حضورٍ فيه مهابةٌ ومودةٌ، مما يجعلُنا نتطلعُ دائماً إلى دورٍ أعظمَ تأثيراً لبلادِنا في الـمنطقةِ والعالمِ.كلمة أخيرة : تحيةُ احترامٍ وتقديرٍ للمنظمينَ والـمشرفينَ على منتدى الدوحة، لأنهم ينقلونَ بحُسنِ تنظيمِهِم وإشرافِهِم الصورةَ الحقيقيةَ لبلادِنا كوطنٍ متقدِّمٍ حضارياً، يقبلُ بالرأي والرأي الآخر، ويعملُ جاهداً لإثراءِ مسيرةِ الإنسانيةِ نحو التعايشِ والعدالةِ بالحوارِ الهادفِ البنَّاء.