09 نوفمبر 2025
تسجيلفي تسعينيات القرن الماضي، أدركت مؤسسة قطر أهمية الحاجة لتزويد أبناء دولة قطر بالمعرفة والمهارات وأفضل الممارسات التي تساعدهم في صياغة رؤية وطنية تخدم قطاعات المتاحف والمعارض والمكتبات والأرشفة؛ حرصًا منها على حماية التراث الثقافيّ القطريّ المتنوع وإدارته والتعريف به وإتاحته للناس كمصدر مفتوح للجميع. ووفقًا لهذه الرؤية، تشرَّفت كلية لندن الجامعية بالدخول في شراكة مع مؤسسة قطر لتنضم إلى مجتمع المدينة التعليمية من أجل تقديم برامج دراسات عليا متخصصة في التراث الثقافي. كانت الرؤية التي تتمتع بها مؤسسة قطر تحمل في طياتها نداءً استثنائيا ودعوة قوية للعمل، وقد انسجمت هذه الرؤية مع فلسفتنا المتمثلة في التعاون مع غيرنا من الشركاء للتوصّل إلى حلول عادلة للتحديات العالمية. وفي عام 2010، بدأ تفعيل الشراكة التي شهدت إطلاق برامج لنيل درجتيّ الماجستير والدكتوراه في التراث الثقافي وإدارة المعلومات، واستندت الدراسة في هذه البرامج الى بحوث جديدة، وأثمرت عن العديد من المبادرات المجتمعية وتنشيط القطاع الثقافي. وفي ظلّ ما تشهده البلاد من تحوّل سريع إلى مجتمع معرفيّ منفتحٍ على العالم، يظل الحفاظ على التراث الثقافيّ الفريد لدولة قطر في صدارة الأولويات الوطنية. وتفخر كلية لندن الجامعية بمشاركتها في تعزيز دور قطر الفعَّال في المجتمع العالمي والمساهمة في حماية هويتها وتراثها الثقافي؛ فهذا التراث هو المصدرُ الذي تستند إليه قطر لطبع منظومة الحداثة ببصمة عربية فريدة. البحوث والمشاريع المؤثِرة على مدار عقد من الزمن، أطلقنا في كلية لندن الجامعية 100 مشروع بحثي، وحافظنا على أكثر من 500 قطعة تراثية في مختبراتنا العالمية لحفظ المقتنيات، واستقطبنا 30 عالمًا زائرًا من المرموقين دوليًا ينتمون لـ 19 دولة؛ حرصًا منا على أن تظل الجهود البحثية في مقدمة أولوياتنا دائمًا، وقد كان لهذه الجهود بالفعل دور في تعزيز الاقتصاد المعرفي لدولة قطر. ومن بين مشاريعنا البحثية التي أطلقناها في بداية عملنا في قطر مشروع "أصول الدوحة وقطر"، المموَّل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، حيث أجرينا في إطار هذا المشروع عددًا من مهام التنقيب البارزة في مواقع مختلفة في الدوحة القديمة بالتعاون مع متاحف قطر؛ سعيًا لصياغة حاضر أفضل عبر استلهام الماضي وسبر أغواره. ومن أبرز الأمثلة الأخرى مشروع "قانون التراث الثقافي" الذي يحظى برعاية كريمة من سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر. في إطار هذا المشروع، تعاونت كلية لندن الجامعية مع متاحف قطر لمراجعة التشريعات الحالية الخاصة بالتراث الثقافي وتعديلها بهدف توسيع نطاق حماية التراث الثقافي وإدارته والتعريف به وفق أعلى المعايير الدولية. ونهدف من وراء هذا المشروع إلى توفير المزيد من الحماية للمكونات التاريخية والثقافية في البلاد مثل المباني القديمة والملابس التقليدية، وغيرها من المكونات، إذ نأمل أن نساعد أفراد المجتمع في إدراك مدى القيمة التي تحملها قطعة فنية يشاهدونها في متحف، أو مسجد يرتادونه أو عرضة تقليدية أو أغنية زفاف، وأن يعلموا بأن هذه الأشياء جميعها هي جزء من النسيج الثقافي الثري الذي تتمتع به دولة قطر. التواصل مع الناس والمجتمع والمؤسسات البارزة من بين أهدافنا الأساسية التي سعينا لتحقيقها هي إتاحة ما نملكه من معرفة وخبرات أمام أفراد المجتمع والناس كافة. ومن خلال الشراكات التي عقدناها مع مؤسسات بارزة. استطعنا إطلاق العديد من المبادرات والبرامج التي استهدفت جميع الأعمار والفئات المجتمعية، ومن بينها: •ورش عمل حول الآثار مرتبطة بمشاريعنا البحثية وتستهدف أطفال المدارس القطريين – بالتعاون مع متاحف قطر. •ورش عمل فنية بالتعاون مع فريق خدمات دعم الأطفال في مستشفى حمد العام – وهو مشروع لإبداع أعمال فنية على حوائط وأسقف وحدات الأطفال بالمستشفى. •مجموعات تركيز لذوي الاحتياجات الخاصة بمتحف الفن الإسلامي بالتعاون مع المتحف. •برامج توعية للأطفال والمدارس – تطوير مجموعة من الأدوات لدعم البرامج التعليمية في المدارس وربطها بالتراث الثقافي القطري. مساعدة الجيل المقبل من قادة الثقافة كانت استدامة التراث الثقافي القطري على المدى الطويل من أبرز أولوياتنا، مع التركيز تحديدًا على المساهمة في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030. وأهم إنجاز حققناه للوصول إلى هذا الهدف هو تخريج 330 طالبًا من حاملي الماجستير والدكتوراه الذين يسهمون بدورهم يوميًا في تحقيق هذه الرؤية، فكثير منهم يعمل في مؤسسات مرموقة مثل متاحف قطر ومكتبة قطر الوطنية ومنظمة اليونسكو. ومؤخرًا نشر خريجونا بالتعاون مع أساتذتنا كتابًا بعنوان "دراسة المتاحف داخل قطر وخارجها" وهو كتاب يوثِّق مجموعة مختارة من أعمالهم، ويمكن مطالعته عبر قاعدة بيانات الوصول المفتوح لـ "UCL Discovery ". وهذا الكتاب هو أفضل تأكيد على هدف كلية لندن الجامعية قطر المتمثل في دعم البحوث التي يقودها الطلاب في مجالات التراث الثقافي. وتعزيزًا للارتقاء المهني في مجال التراث الثقافي وإدارة المعرفة، قدمنا 230 دورة تدريبية حضرها أكثر من 2500 مشارك من بينهم العديد من اختصاصي التراث الواعدين وذوي الخبرة. كوفيد - 19: تجاوز التحديَّات بالعمل المشترك عندما وصل وباء كورونا إلى قطر، اضطررنا لتعديل مقرراتنا الأكاديمية وفعالياتنا وجميع الأنشطة الأخرى لتنسجم مع الواقع الجديد، مثلنا في ذلك مثل العديد من المؤسسات التعليمية حول العالم. تعاونا معا في تحقيق ما يلي: •وضع مجموعة من التدابير الشاملة لخدمة العملية التعليمية وتوفير الدعم لضمان تخرُّج طلابنا في الوقت المحدد. •تهيئة البرامج التعليمية كي تُقدَّم عبر الإنترنت وتهيئة مهام العمل لكي تُنجَز عن بعد بشكل كامل. •تنظيم معارض طلابية عبر الإنترنت واستضافة مؤتمرات أكاديمية بارزة مثل المؤتمر الدولي الرابع والعشرين حول النشر الإلكتروني والمؤتمر الدولي الثاني حول البيانات الكبيرة للمتاحف. •إعادة إطلاق مجموعة من الموارد الإلكترونية التي تساعد أولياء الأمور في التعامل مع دراسة أبنائهم من المنزل. قطر - بلد تتعلَّم عنها ومنها، لقد أُتيحت لكلية لندن الجامعية خلال فترة تواجدها في قطر فرصة للعمل والتدريس وإجراء البحوث في المدينة التعليمية بالتعاون مع مؤسسة قطر، وقد كانت هذه الفرصة مصدر إلهام تعليمي هائل لنا، تمامًا مثلما كان تعاوننا مع العديد من الشركاء ملهمًا ومثمرًا أيضًا. وبالرغم من أن عام 2020 لم يكن عامًا ختاميًا مثاليًا كما تمنيناه، إلا أننا نشعر ببالغ الفخر بالجهود التي بذلها طلابنا وأساتذتنا لإنجاح هذا العام. نتطلع لحفلنا الختاميّ الافتراضي الذي سيقام يوم 13 ديسمبر تحت عنوان "تمكين الحاضر وإطلاق إمكانيات المستقبل" والذي سنتأمل فيه بصحبة أولياء الأمور وشركائنا وأصدقائنا السنوات التي قضيناها معًا في قطر، ونحتفل بتخريج الدفعة الأخيرة في الكلية (2019-2020) التي سينضم طلابها للمئات من زملائهم السابقين الذين تخرجوا في كلية لندن الجامعية قطر وأصبحوا جزءًا من مجتمع خريجي كلية لندن الجامعية الذي يبلغ عدد أعضائه 330,000 ألف خريج حول العالم. مدير كلية لندن الجامعية - قطر