11 نوفمبر 2025

تسجيل

سايكس - بيكو جديدة للهلال الخصيب؟

15 ديسمبر 2014

حتى الآن لم تجب الدوائر الغربية التي تنشسط عسكريا وسياسيا في هذه الأيام ضد ما صار يعرف بتنظيم دولة الخلافة الإسلامية، لم تجب على السؤال المحير حول القدرات العسكرية والتنظيمية واللوجستية العالية التي ظهر بها هذا التنظيم الوليد. كيف تحصل هذا التنظيم على هذه القدرات العسكرية ذات الكلفة المادية الكبيرة. كيف نقلها من منشأها إلى مخبئها لدى التنظيم دون أن يلحظ أحد الحركة غير العادية التي لا بد أنها صحبت نقل هذا العتاد الحربي والعسكري واللوجستي الهائل رغم القدرات الاستخبارية التي تتمتع بها هذه الدوائر التي كان يظن أنها تلتقط رنة الإبرة في المريخ. من هي الجهة أو الجهات التي وفرت هذا الدعم الكبير والمتنوع لهذا التنظيم الوليد. وما هي أهداف من يقدم هذا الدعم الكبير الآنية والمستقبلية. كيف أمكن لهذه الجهة أو الجهات الداعمة تأهيل محاربي التنظيم في فترة زمنية يظن أنها وجيزة، لكي يستعملوا ما حصلوا عليه من عتاد وسلاح بالكفاءة التي أظهروها في ميادين القتال رغم أن هؤلاء المقاتلين بالأساس هم شتات قدم من عدة بقاع جغرافية لا رابط بين أعضائه غير كراهية متأصلة لا تصنع أهدافا أو تؤصل فكرة أو تجيّر منهجا مقنعا. غياب أي مؤشرات دالة تعين على تقديم إجابات مقنعة على هذه الأسئلة الكبيرة، تضع الجميع تحت دائرة التخمين والاجتهاد غير الجازم. صحيح أن هناك رذاذا يتطاير هنا وهناك باتجاه جهات بعينها يتهمها بالضلوع في مشروع مؤامرة كبرى في منطقة الهلال الخصيب لتقسيم المقسم أصلا وتجزئة المجزأ لصالح تلبية رغبات طائفية هنا. وشوفينيات قومية هناك لدى أكثر من جهة في الإقليم المنكوب أساسا بأمراضه التاريخية في هذا الخصوص. أكثر الهمسات ترددا خلف الأبواب المغلقة هذه الأيام تدور حول فكرة إعادة تجزئة وتقسيم دول الهلال الخصيب بحجة أن الخريطة التي رسمها الدبلوماسيان، مارك سايكس البريطاني، والفرنسي، فرانسوا جورج بيكو، لمنطقة الهلال الخصيب في محادثاتهما السرية حول مستقبل المنطقة والتي جرت في سرية شديدة ابتداء من الخامس عشر من مايو 1916 لتقاسم ممتلكات الإمبراطورية العثمانية التي تهاوت بسقوط السلطان عبد الحميد في عام 1908، لم تعد صالحة اليوم. في ذلك الوقت أخذت فرنسا سوريا ولبنان وأخذت بريطانيا العراق ووجدت روسيا القيصرية موقع قدم لها في الجغرافيا الآسيوية لأول مرة. إسرائيل احتجت على الاتفاقية لأن ديباجتها احتفظت بحقوق الدولة العربية التي ستنشأ مستقبلا في المنطقة (وعد وزير خارجية بريطانيا اللورد بلفور). بقية القصة معروفة ومطروقة. لبنان طاشت في الخضم الطائفي والعشائري ويتسيدها لوردات الحروب وحزب الله بلا مستقبل. سوريا والعراق لحقتا (بالشقيقة!) لبنان. واستأسد الملالي الإيرانيون والملالي اليهود في البرية. ومثلما جلس الدبلوماسيان مارك سايكس وفرانسوا بيكو في سرية تامة وتقاسما الأراضي العربية، لابد أن جهات ما تجلس الآن في سرية تامة لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ مرة أخرى: دويلة شيعية علوية في السواحل السورية. وأخرى سنية في ما تبقى من فائض القسمة. وثلاث دول عراقية شيعية وسنية عربية وسنية كردية. ونكون قد حصلنا على نظام شرق أوسطي جديد وكامل الدسم مما كان يحلم به المحافظون الجدد الجمهوريون على عهدي جورج ووكر بوش الأب وجورج بوش الابن. ودقي يامزيكا ربيع عربي!