05 نوفمبر 2025

تسجيل

قبل أن يُسدل الستار

15 أكتوبر 2016

حين يتحكم اليقين بالموقف ويدعمه بالحجة والبرهان فإنه ومن الطبيعي بأن ينقشع الشك ويتبدد حضوره؛ لينتهي قبل أن يبدأ ويكون، وهو ما يحصل وعلى الدوام لحظة انتصار الحق، الذي يصل إلى تلك المرحلة بعد رحلة طويلة من المعاناة، ومحاولة فرض الرأي مقابل الرأي الآخر المعارض، الذي يقف من خلفه الكثير، في حين أن من يقف خلف الرأي المنتصر (في الأخير) هو أنت، وأعني كل من يملك من لأفكار ما يتميز به ويدرك ومن أعماقه بأنه الأفضل لتطوره وتقدمه هو وجماعته، وكل ما يتطلبه الأمر هو اقتناع الطرف الآخر بذلك، غير أنه ما لا يكون بسهولة، ويأخذ وقتاً طويلاً قبل أن تقتنع تلك الجموع الغفيرة بالمُراد، وتُزيح أقدامها عن حدود تلك البقعة التي انحازت إليها من قبل؛ كي تعلن عن انضمامها إليك، في مشهد يُعد الأخير قبل أن تنتهي المسرحية، ويُسدل الستار. أحبتي: لقد اعتدت ومنذ زمن لكتابة مقالاتي على قالب الهرم المعتدل الذي يبدأ بالأقل أهمية إلى أن يصل إلى ذاك الذي يحمل كل المعاني القيمة في جوفه؛ كي يُدرك ولكن بمجرد أن نبلغ النهاية، والهدف من ذلك هو مرور المتلقي بكل ما أريده خطوة خطوة حتى يصل إلى الفائدة الأكبر في نهاية المطاف ويخرج بها؛ كي يدخل على حياته بشيء يُذكر يُقدم له الكثير، ولأن في التغيير (حياة) فلقد رغبت وبشدة كسر قالب المألوف، والتقدم بجديد من خلال الاعتماد على قالب الهرم المقلوب هذه المرة، حيث تأتي الفائدة الأكبر في البداية المُطلقة ضمن مشهد يُعبر عنها، ويُجبر المتلقي على التفكير بالآلية التي ستُحقق له ذلك فيتبعها؛ معتمداً على ما قد ورد بين السطور، وما لديه من خبرات، ستصل به حيث يريد. إن ما أحاول تسليط الضوء عليه هو التركيز على الفائدة التي ذكرتها آنفاً وظهرت في البداية بحسب ما يتطلبه بناء الهرم المقلوب، ألا وهي ضرورة معايشة لحظة الانتصار الحقيقي الذي سيبدأ من خلال تصوره مع المشهد الذي سبق كجزء نظري سيتبعه الجزء العملي، الذي سيكون حين تُقرر فعل ذلك، والكلام لمن يفهمه. والآن ما الذي نتحدث عنه؟ عدم الاتفاق ينجم عن الاختلاف الذي يُعد كظاهرة صحية للعلاقات التي تصل لزوايا مسدودة في بعض الأوقات وتحديداً حين يتعلق الأمر بضرورة غرس ما فيه من الفائدة ما يكفي؛ لخدمة الجميع وعلى خير وجه، ويكون من الفرد الذي يواجه معارضة شديدة يتأزم معها الموقف ويتورم، ويتطلب تدخلاً جراحياً يحتاج لمشرط يساعدنا على معرفة الطرف الآخر، وإدراك ما في رأسه، وكي يتم الأمر ويُكشف المستور، الذي ستظهر معه كامل الخطط، فنحن بحاجة لذاك المشرط ولتلك العملية، التي ستنقسم فيها الجماعات لجماعات همها الأول والأخير إثبات صحة ما تقول؛ كي يتم الأخذ به وهو ما يبدو صائباً في النهاية وله حق أن يكون، غير أن بلوغ تلك المرحلة ليس بالأمر اليسير ومن الممكن بأن يخلق خلافات حادة وجادة لا خوف منها طالما أننا نقف مع الجماعة التي تُدرك الصواب فعلاً، وتعرف ما تقوم بفعله.وأخيراً قد لا يتقبل العقل فكرة مُحاربة المرء لمجرد أن أفكاره مختلفة ولا تتفق مع جماعته، ولكن وحين يأتي الأمر للواقع الذي نعيش فيه فإن مشاهدة ذاك العرض مستمرة، بل ومفروضة علينا وبأشكال مختلفة، لابد وأن تتوقف متى عرفنا الطرف الذي يحمل راية الحق معه. من همسات الزاوية لا يعني اتفاق الجميع على رأي واحد أنهم على صواب، فالصواب هو ذاك الذي يكون لأنه يستحق بأن يكون؛ لذا وإن وجدته لا تتخلى عنه ولا تخلع ثوب إصرارك على التمسك به أبداً مهما كانت الظروف، التي وإن رحلت بسببها فيكفي أن يكون ذلك بشرف.