09 نوفمبر 2025

تسجيل

قطر ليست الـ "جزيرة".. ولم نتوقعها من إخوانا هَلْ البحرين

15 أغسطس 2011

لقد آلمني وآلم الشعب القطري جميعه الخلط الذريع وتجاوز لغة الخطاب في الإعلام البحريني الرسمي الشقيق للنيل من دولة قطر والتطاول على رموزها وسياساتها ودبلوماسيتها المشهود لها في العالم جله.فقد تابعت عن كثب عددا من المقالات في الصحف البحرينية الرئيسة خلال الأسبوع الماضي التي جاءت على غير عشمنا وتوقعنا، من بعض إخوة لنا هناك ضاقت صدورهم وأقلامهم وضاق طرحهم عن نقد ذات الموضوع وذات المصدر، وهو الفيلم الوثائقي او الجزيرة، بنقد موضوعي ومهني وهو مشروع... إلى أن ينبروا وباستماتة منقطعة النظير بدلا من ذلك بالتطاول والنيل من دولة قطر ورموزها.حقيقة لم نتوقعها من أهل البحرين وكأن الإعلام البحريني الرسمي قد نذر نفسه لحملة شعواء على دولة قطر بتوجيه سهامه واتهاماته، وهذا ما لا نقبل به على كافة المستويات والأصعدة كما لا نقبل بالإساءة الى مملكة البحرين ورموزها.إن وجود قناة حرة بمعايير عالمية في دولة قطر قد جلب الكثير من المتاعب لها، نظرا لعدم وجود الوعي الكافي لدى الشعوب العربية بالإعلام الديمقراطي الحر، في وطن عربي اعتاد على قنوات رسمية جل اخبارها "استقبل" و"ودّع" فإما التعظيم أو التعتيم، علما بان دولة قطر منذ تدشين القناة تحملت كافة تبعات حرية الطرح وزوابعها التي باتت تضربها الواحدة تلو الأخرى، ورغم قيام العديد من الحكومات العربية والاجنبية بإنشاء محطات تنافسية لمجابهة الجزيرة ومنافستها في ذات المنهج الاعلامي الحر، كالعربية والحرّة وال بي بي سي العربية، إلا انه لم تطل دول انشائها او مموليها يوما تبعات تغطيات قنواتها وزوابعها واتهاماتها.لقد ذكر بعض الكتاب في البحرين ان كل تلك الهجمة لا لسبب إلا لان القناة تبث من قطر بينما تساءل البعض عما إذا كانت قناة الجزيرة.. قناة قطرية؟"نستهجن حيد الكثير عن الجادة والخلط الذريع بين سياسة تحرير برنامج أو القناة الانجليزية وسياسة الدبلوماسية القطرية، التي اتهمها عدد من الأقلام البحرينية بالعمالة والموالاة والخيانة والتأليب والابتزاز السياسي والعمل مع أذرع أخرى في مؤامرات ضد أمن البحرين... فضلا عن إثارة الفتن المغرضة بنسف الغبار عن قضايا طويت صفحتها بسلام ودبلوماسية لم نتوقع أن تثار حاليا، وهي التي لا تشكل لقطر أدني قلق او هاجس في ظل انطلاقة قطر الدولية بحجم أفعالها لا بحجم مساحتها الجغرافية.هذا ولا نعلم من يريد الاصطياد في الماء العكر بتحوير أو تدليس أفلام او مقالات او حتى بزج مقولات عن قطر أو حكومتها او باسم رموزها سواء في الإعلام او على اليوتيوب او على أدوات التواصل الاجتماعي للتأليب وإشعال الفتن بين الدولتين دون وجه حق ولا نعلم لماذا؟! نعود لمهنية الإعلام وللوعي الجمعي للشعوب العربية التي تعي تماما في هذا العمر الثوري في الإعلام والمعلومات وتكنولوجيتها قبل ثورات الشعوب السياسية والفكرية، مدى أهمية وجود قنوات ووسائل اتصال تضعنا في مصاف العالمية وتنبذ تخلفنا السابق في السير خلف ركب الإعلام الدولي ذي التدفق الأحادي القطب، الوعي الذي يحتم علينا ان نسابق الزمن في أدوات الإعلام العصرية التي رحبنا بها في مجال الفيس بوك وتويتير كشعوب وربما بمفارقة عجيبة وغريبة لم نستوعبها أو ضاق البعض بها ذرعا في قناة عملت بمعايير الحرية الدولية حتى ولو كان تمويلها من قطر، ولنا في "بي بي سي العربية" المعروفة الأهداف والممولة من الخارجية البريطانية مثال، دون ان تسول لأحد نفسه بان يطول بريطانيا بأدني أذى او تراشق إعلامي سواء من قبل الزملاء في البحرين او العرب كتلك التي أمطروا بها قطر هجوما بدعوى الجزيرة.لا شك أن المكاسب التي حققها نموذج الإعلام الحر في الوطن العربي ممثلا في الجزيرة لا يمكن تجاهله لأنه ثورة على الاحتكار الغربي للإعلام في وقت كنا فيه مستعبدين وأسرى لشاشة واحدة ومشهد واحد وناقل واحد بعين واحدة تنقل ما تريد وتخفي ما تريد، فكنا إبان حرب العراق لا نعلم من الحقيقة الا ما جاء لدى "بيتر ارنت" مراسل "السي ان ان" سواء كانت نصف الحقيقة او ربعها او ثلثها او ما لفق منها. مما حدا بالنقاد الإعلاميين الدوليين الى نقد تناول السي ان ان وقتها، وبعضهم قال كما بودريلارد الفرنسي في مقالات له في Liberation وضعها كتاب "Introducting Baudrillard" في تساؤل: Did the Gulf WarTake Placeمن ان حرب الخليج كانت حربا وهمية للمعلومات لا يعني انها لم تقع بل هي على حد قوله من صناعة السي ان ان"It was a virtual war of Information، electronics and images — not primarily of force. Most of the journalists at the "front" got their information from CNN.".الجزيرة اليوم كسرت الاحتكار القطبي للمعلومة والصورة وقلبت منظومة التردد والتدفق الإعلامي وهذا ما يجب ان يفرح به المواطن العربي لانها منبره وصوته بعد ان عاني الأمرّين من البكم والصمم..فمسألة نقل الصور والأخبار من مواقعها لا غبار عليها لأنها واجب ولا زعل فيها اما المسألة الأخرى في غياب الموضوعية في توازن طرح الصورتين في فيلم فقد تخون القناة حصافتها أو تخون المحررين مهارتهم في تقرير او فيلم كما يخون الفارس فرسه وهم كادر بشري معرض للصواب والخطأ.وقد وضح المدير التنفيذي للقناة في صحيفة الشرق يوم الخميس الماضي سبب غياب الرأي الآخر في هذا الفيلم معللا برفض" السلطات البحرينية السماح لفريق "الجزيرة" بالتصوير، ورفضت الظهور أو التعليق في البرنامج رغم الطلبات المتكررة والملحة من قبل إدارة قناة "الجزيرة" الانجليزية".وهذا يدفعنا الى ان نعي رسالة الإعلام الحقة في ضروره تيسير مهمة الصحفيين لأداء رسالتهم على الوجه المطلوب وفتح الأبواب لنقل ما يجري بحيادية وموضوعية، لان مغبة المنع جسيمة وضررها اكبر من نفعها كما يدفعنا الى ان نعي ان رسالة الاعلام عند تعذر الوصول للطرف الاخر تقتضي التريث في الطرح لحين اكتمال الصورتين.لقد تابعت كثيرا تغريدات إخواننا في قطر والبحرين على تويتر الذين عبروا عن روح الإخاء بين الحكومتين والشعبين وعدم رضانا جميعا على التطاول على دولنا ورموزها، تلك الروح التي يجب الا تعكرها بعض الصرخات الإعلامية النابية او بعض الردود المغرضة التي تعزف على إثارة الطائفية بين الجسد الواحد او الانتماءات الدولية لحدود جغرافية بيننا كشعوب.يجب ان يسعى الإعلام بيننا أيها الأخوة الى رسالة حق لا باطل، الى رسالة وئام وأخوة وحب تجمع كل الأطياف وكل الفئات ولا تفصلنا حدود جغرافية ولا خرائط سياسية أو مذهبية فالقلوب لا تعرف الحدود، ولنتذكر جميعا ما قاله عليه الصلاة والسلام يوم ان تصايح الأوس "يا للأوس...." وتصايح الخزرج "يا للخزرج....."بقوله صلى الله عليه وسلم: " أبدعوى الجاهلية وانا بين أظهركم"..فيجب الا نسمح لأي كائن من بيننا أن يحوّل الإعلام الى تراشق او يحول دعوى المطالب الحقوقية والمدنية التي لها منابرها المعروفة الى دعوات حق يراد بها باطل، فلكل الفئات في مجتمعاتنا حقوق ومنابر وألسن وآذان ويحق لهم ان يرفعوها لأهلها، كما لها في الجانب الآخر من يسمع ويحقق بكل تقدير واحترام على قاعدة "لا خير فيكم اذا لم تقولوها ولا خير فينا اذا لم نسمعها" ولكن دون فتن.وأخيرا....أشكر الكاتبة أماني خليفة في صحيفة "الوطن" البحرينية كما شكرتنا وشكرت شعب قطر وتناولت محك المهنية في مقالها موجهة نداءها للحدود التي يعلمها اصغر إعلامي.ولأنها ختمت بقولها: "لم نظنّ لحظة أنَّ الإساءة لنا ترضي أهل قطر ولا أيّ شعب من شعوب الخليج"نقول نحن ايضا: " لم نظن نحن ايضا ان الاساءة لقطر ورموزها واهلها ترضي اهل البحرين."فلنتحد معا لنخلق الوعي الكافي لدينا نحن كشعوب خليجية ذات لُحْمَة واحدة ومصير واحد لمجابهة ما يحيط بنا من أخطار وفتن واطماع تلبس ثوب المذهبية، تتربص بنا في الوقت الحاضر بأشكال شتى والتي يجب ان يتنبه لها كافة أهل الخليج من سنة وشيعة.حفظ الله أمن الخليج وسلمه... كاتبة وإعلامية قطريةTwitter: @medad_alqalammedad_alqalam @ yahoo.com