10 نوفمبر 2025

تسجيل

سقطت مع الأفّاكين يا عائض

15 مايو 2019

وأنا أتابع لقاء الشيخ الدكتور عائض القرني في برنامج الليوان مع المديفر تذكّرت كلام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية عندما وصف حصار قطر بأن فيه مصلحة للمسلمين ومنفعة لمستقبل القطريين أنفسهم . ولولا هذه الأزمة ما كان لنا أن نعرف الأفاكين والمتلونين والمنافقين من قادة دول وسياسيين وعلماء ومشايخ دين وفنانين وكتاب ومثقفين وشعراء وغيرهم ممن بدّلوا جلودهم وكان أكثرهم ممن نالوا حظاً وكرماً وافراً من قطر وحكامها وأهلها لينقلبوا عليهم لاحقاً ويفتروا عليها زيفاً وبهتاناً عظيماً. بالفعل هذه الأزمة كشفت لنا الأقنعة وحقيقة زيف وحقارة من كانت قطر تُعلي شأنهم وترفع قدرهم وتُكرمهم معنوياً ومادياً دون أن يكون ذلك مقابل تآمر وغدر كما تدعيه دول الحصار، ليصل الأمر إلى أن تكون قطر هي ديدنهم في كل تفاصيل حياتهم ليصبح ثمن الولاء لأوطانهم والتقرب لحكامهم وأولياء أمورهم هو النيل من قطر والافتراء عليها قولاً وعملاً!. هو بالفعل يوم تاريخي لمن كان يغترّ بهذا الشيخ ويعود به شريط التاريخ والذكريات لحقبة الثمانينات من القرن الماضي عندما ذاع صيت الشيخ بخطبه الرنانة ودعواته للصحوة والجهاد وخطر العيش في غياهب الغفلة عن الخطر المحدق بالأمة وبعقيدتها، حتى استشعر الناس بأن الرجل لن يقف عند هذا الحد من حماسته وبلاغته في الخطابة، فلا يزال صوته المزمجر يرن في آذانهم قائلاً: "يا شباب الصحوة ما لكم إذا قيل لكم انفروا اثاقلتم إلى الأرض" حتى ظننا بأن الأرض مُهدت لنا وجُندت بعباده الصادقين لتحرير المسجد الأقصى!. سنوات طويلة والشيخ عائض يصدح بأعلى صوته الجهاد يا مسلمين، وانصروا إخوانكم، والحق أبلج والسيوف عوار، حتى خرج الآلاف من شبابها لأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين تلبية لدعواته هو وأقرانه من مشايخ الصحوة الذين هو الآن يتبرأ منهم ويصفهم بأصحاب الفكر المنحرف وأهل الضلالة، آلآن يا شيخ بعد أن قُتل من قُتل وسُجن من سُجن وفُقد أثر من فُقد جئت لتعتذر عن خطئك التاريخي؟ أتُراهم سيقبلون عذرك أهالي هؤلاء الشباب المُغرر بهم؟ أتعتقد بأن كلمة واحدة قلتها ستُنظف أرشيفك "المتلوّن" أمام معازيبك وستُعفيك أمام الملايين ممن اغترّوا بك وبخطبك وكتبك الحماسية؟. ولعل من تابع اللقاء يلحظ كيف يردد ضيف الليوان صاحب الاعتذار التاريخي اسم ولي العهد محمد بن سلمان أكثر من مرّة لاسيما عندما كررها بأنه يعتذر باسم الصحوة عما بدر منهم خلال الفترات السابقة وبأنه مع الإسلام الوسطي (المنفتح) على العالم الذي ينادي به ولي العهد، ومن الواضح أن الرجل تلقى تعليمات من بن سلمان ليكون أحد المنظرين والمروّجين لرؤيته وسياسته لإقصاء كل أشكال مظاهر الدين لصالح التغريب وعلمنة الدولة!. ومن المضحك أن الشيخ عائض يُدين نفسه بنفسه عندما أجاب على سؤال المذيع حول وضوحه الآن بالرغم أنه كان في السابق يضع نفسه في المنطقة الرمادية، فأجابه الشيخ أن هذه الليلة تاريخية ولن يكون فيها تدليس ولا تلبيس ولا مجاملة كما كان في السابق، أي إنه طوال السنوات الماضية كانت كل مواقفه وأقواله وكتاباته تدليساً وكذباً وضحكاً على ذقون الناس!. ومن المعيب على شيخ دين وعالم أن يفتري على حاكم دولة مسلم كأردوغان له مواقفه التي لا تُنسى في نصرة قضايا الإسلام والمسلمين ليدعي أن هذا الحاكم مراوغ وعدو للسعودية وأن بلاده أكرمته ومنحته جائزة الملك فيصل وأدخلته جوف الكعبة، ونقول له: بلادك يا عائض أكرمت الرافضة ودعمتهم في العراق رغم ما يحدث لإخواننا السنة من قتل وتشريد على أيديهم ولا زالوا يتحينون الفرصة للانقضاض على بلاد الحرمين الشريفين. فاصلة أخيرة بالفعل شهادة الدكتور عائض في قطر تاريخية لأنها كشفت كيف يُراوغ ويدلس ويفتري من أجل أن ينال "صك غفرانه" النهائي ويجنبه ما لحق بالعلماء والمشايخ الشرفاء كالدكتور سلمان العودة وابن عمه الشيخ عوض القرني!. فشتان بين عوض وعائض، فالأول نال كرامته وسُجن والثاني أهان نفسه فأذله الله وذل!. [email protected]