07 نوفمبر 2025
تسجيلنحن هنا لسنا في مقام الرثاء، ولكن في مقام التهنئة وبشرى الاستشهاد والشهادة "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يُضيع أجر المؤمنين"، بإذن الله إنها فرحة وأية فرحة بهذا الاستشهاد، الذي يتمناه كل إنسان مسلم، لقد رزق أبو عبدالله رحمه الله هذه النعمة والفضل من الله سبحانه وتعالى بخاتمة طيبة في ميدان الشهادة والتضحية على أرض ليبيا الإسلامية العربية الحرة الأبية. عرفنا أبا عبدالله رحمه الله الأخ في الله علي حسن الجابر منذ زمن الطيبة والخير والبساطة، والإخلاص والتفاني في العمل، والجرأة في الطرح لا يجامل ولا يُداهن، لا تقابله إلا ويرحب بك مبتسماً لك بدون تصنع وتكلف، متواضعاً للجميع، يسأل عنك وعن أحوالك إذا قابلك أو قابلته، أو إذا تواصلت معه بالهاتف يبادرك بالترحيب والتحية. لم يكن الأخ الشهيد علي الجابر رحمه الله من طلاب المناصب اللاهث والراكض وراءها، ولم يكن من أهل الأهواء، بل تربى في مدرسة التضحية والتجرد والعمل والإخلاص والفهم الصحيح للإسلام، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا. ولا ننسى أن الشهيد، رحمه الله، كان على متن أحد قوارب أسطول الحرية التي توجهت لكسر الحصار الظالم المفروض على أهل غزة الصابرة الصامدة، لأن قضية فلسطين كانت من أعمق اهتماماته لأنها قضية المسلمين الأولى. ضحى بنفسه ووقته وأهله من أجل بيان وإظهار الحقيقة للعالم رحمه الله. قتله الخونة المرتزقة يوم السبت السابع من ربيع الآخر 1432 من الهجرة الموافق الثاني عشر من مارس 2011 من الميلاد في بنغازي ليبيا الصامدة المنتفضة الحرة برصاصات الغدر والخيانة والكذب ممن باعوا أنفسهم، هذا إذا كانت لهم أنفس وأرواح لطاغية مجرم حقود وجبان بكل ما تحمله هذه الكلمة من مترادفات ومعان كريهة، قال تعالى: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون"، وقال تعالى: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"، وقال تعالى: "إن ربك لبالمرصاد". انتظر يا طاغية... وما ذلك على الله بعزيز... أنت وأشياعك ستكونون في زبالة التاريخ النتنة ولأمثالكم، فأنت منذ زمن في مزبلة التاريخ. وهنيئاً لقطر الخير والعطاء والوفاء بما يقدمه أبناؤها البررة المخلصون من تضحية وعمل في نصرة القضايا الإسلامية والعربية والإنسانية، لا يريدون من أحد جزاءً ولا شكوراً إلا من الكريم المتفضل بالنعم سبحانه وتعالى. لقد صلى على الشهيد علي حسن الجابر رحمه الله أهل ليبيا بنغازي عشرات الألوف في مشهد مؤثر ومعبر عن صدق ووفاء هذا الشعب المتدين المجاهد الصابر أحفاد المجاهدين الفاتحين، أحفاد الشهيد عمر المختار رحمه الله يوم أن ساقه المجرمون الطليان إلى ساحة المحاكمة، وتلا عليه الكولونيل مارينوني المجرم قرار الاتهام، لم ينكر الشهيد عمر المختار رحمه الله تهمة واحدة، وإنما قال لهم بكل وضوح وصراحة ( إنكم معتدون على أرضنا وبلادنا، وإن الإسلام أوجب علينا الجهاد ضد الغاصبين المعتدين، وإنني لم أفعل شيئاً إلا تنفيذ تعاليم الإسلام، فالإسلام يأبى الخضوع لأهله، والذل لمعتنقيه..). هكذا هم الرجال.. رجال المواقف والثوابت والقيم أينما كانوا. وصلى عليه أهل قطر ومن يقيم على هذه الأرض الطيبة في موقف كذلك مؤثر ومعبر، فنسأل الله الكريم أن يؤجر الجميع ويعظم لهم الأجر والمثوبة في الدنيا والآخرة، ولأسرة الشهيد رحمه الله الصبر والسلوان، " إنا لله وإنا إليه راجعون". لقد لحق الأخ الحبيب في الله الشهيد علي حسن الجابر أبو عبدالله بأخيه الدكتور محمد عبدالله قطبة أبي عبدالله رحمهما الله تعالى، وبإذن الله تعالى "إخواناً على سرر متقابلين". وقبل الختام نتوجه إلى قناة الجزيرة وصحيفة الشرق بإصدار كتاب عن الأخ الحبيب في الله الشهيد علي حسن الجابر يتضمن حياته ومسيرته العملية وكل ما قيل عنه وكتب عنه وبالصور، ففي حياته الكثير والكثير من المواقف لا بد أن تسطر، ليكون هذا الإصدار ذكرى حية ووفاء للشهيد ودروساً وعبراً للأجيال، ويكون ريعه في صالح أهل ليبيا وشهدائها. وصدق الشاعر عبدالرحمن العشماوي حفظه الله: هم أكسبوك من السباق رهانـــا... فربحت أنت وأدركـــوا الخسرانا هم أوصلوك إلى مُناك بغدرهم... فأذقتهم فـــوق الهــــــــوان هوانا إني لأرجو أن تكــــون بنارهم... لما رمـــوك بها، بلغـــــت جِنانا اللهم اجعل ما كتبناه عن الأخ الحبيب في الله شهيد التضحية علي حسن الجابر أبا عبدالله رحمه الله خالصاً لوجهك الكريم، واجعله "مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً". اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار. اللهم إن الشهيد علي حسن الجابر أبا عبدالله في ذمتك وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم اللهم إن عبدك وابن أمتك علي حسن الجابر احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، إن كان محسناً، فزد في حسناته وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه. اللهم اغفر لحيّنا وميّتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده.