06 نوفمبر 2025
تسجيلتعاني المجتمعات العربية والإسلامية تحديداً من عنصرية الغرب اللامنتهية، ومنذ الأزل عامل الغرب العرب بفوقية ووضعهم في قالب نمطي واحد خاصة في الاعلام والافلام الغربية، وسعى صنّاع الاعلام على إظهار العربي المسلم بصورة مقززة فإما إرهابي أو غبي وسهل استغفاله وإما غني ويلهث وراء النساء والمحرمات، وتفننوا لعقود طويلة في تشويه صورة العربي لأنهم لا يتقبلون فكرة أن العرب متطورون ومفكرون ومخترعون ومخططون وقادرون على تحقيق الإنجازات وأنهم يعرفون كيف يصرفون أموالهم، وربما هذا ما شعرنا به خلال مونديال 2022 فكثير من الغرب لم يُصدق ما فعلته قطر خلال المونديال من تنظيم وفعاليات استمتع بها الكثير والتي لم تقتصر على المباريات والرياضة بل كانت تظاهرة ثقافية وترفيهية وسياحية متكاملة، ورغم مرور ما يقارب الشهر على انتهاء المونديال إلا أن الحديث مازال قائماً عن إنجازات قطر وإن كانت بعض القنوات الغربية تحاول تشويه صورة هذا الإنجاز بوصفه تشدداً دينياً أو عنصرياً من وجهة نظرهم مبررين ذلك بفرض قطر قوانينها الأخلاقية والإسلامية والتي كانت سبباً للأمان في الملاعب وعدم نشوء المشاكل وأعمال الشغب الذي طالما يطال المباريات الغربية بسبب شرب الكحول وغيره، ولكن مهما حاولت تلك القنوات والصحف الموجهة من تشويه صورة المونديال وقطر إلا أن الأغلبية العظمى من الذين زاروا قطر لديهم الخبر اليقين وشاهدوا بأعينهم تَطور قطر ومنافستها للدول العظمى في التنظيم والتعامل الراقي والأمان، ولن يستطيع أحد نكران ذلك. العنصرية التي نعاني منها كعرب ومسلمين يعاني منها طبقات أخرى من البشر، فقصص الاعتداء على الملونين وذوي البشرة السوداء منتشرة بل ومازالت رغم كل المنظمات الغربية الحقوقية التي تنادي بحقوق الإنسان والمساواة بين البشر إلاّ أن الغرب الاكثر عنصرية تجاه من يخالفهم العِرق أو اللون، ووصلت بهم العنصرية أن يستبيحوا دم المهاجرين العرب في حين يتحسرون على الشعب الأوكراني عندما بدأ ينزح بسبب حرب روسيا عليه وفي اللقاءات التلفزيونية كان التضامن معهم واضحاً لدرجة أن بعضهم كان يسخر بأن الشعب الاوكراني ليس السوريين أو العراقيين أو الفلسطينيين ليتم تهجيره من بلده بهذه الطريقة بل انهم شعب اوروبي ويشبهوننها، فوصلت بهم العنصرية لهذه الدرجة وأكثر فغرد أحد النازحين السود بأن بعض الدول الغربية رفضت دخول السود لبلادها أثناء النزوح من أوكرانيا وكأن الحياة حق للبيض والشقر واصحاب العيون الملونة وتَحرم على باقي الشعوب! وكلنا يعلم التاريخ الاسود المليء بالعنصرية تجاه الافارقة وتجارة الرق التي اعتمدتها الإمبراطوريات العظمى في القرون الماضية والتي للأسف ورغم انتهائها إلاّ أن بقاياها مازلت موجودة فدائماً ما تكون النظرة دونية وبها شكوك تجاه السود، وكان هذا أحد محاور المسلسل الوثائقي للأمير هاري وزوجته ميغان والذي بثته منصة النتفلكس مؤخراً، والذي بيّن المشاكل العنصرية التي عانت منها ميغان بعد زوجها من الأمير هاري سواء من القصر أو الصحافة الصفراء في المملكة المتحدة والتي بسببها قرر الامير هاري ترك المملكة المتحدة والذهاب للاستقرار في الولايات المتحدة الامريكية متنازلاً عن مكانته وصفته الاعتبارية كأمير وابنا للملك لعيش بهدوء وتواضع وسلام مع أبنائه وزوجته ذات الأصول الأفريقية بعيداً عن التوتر والضغط النفسي، وطرح في الوثائقي مجموعة من الافكار العنصرية التي مازال الغرب يعتنقها والتي كانت سببا لمعاناة زوجته كما تطرق لدور الصحافة في تأجيج الرأي العام واختراق خصوصياته واتهمها بالسبب الرئيسي لمقتل والدته الاميرة ديانا. ويؤسفني الاعتراف بأن العنصرية المنبوذة ليست مقتصرة على الغرب تجاه العرب، بل هي بيننا أيضاً كعرب ومسلمين رغم أننا نؤمن بكتاب الله القرآن الكريم وما أتى به من آيات توصف لنا الحياة وتخططها لنا فمثلاً يوصف الله تعالى البشرية في هذه الآية: ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير ) سورة الحجرات، وفي هذه الآية يحدد عز وجل أنه خالقنا، كما يحدد النوع ذكرا وأنثى لا ثالث لهما، وبين أن الكثرة التي خلقنا عليها والتنوع لنتعارف وأن الاكرم والافضل من اتقى الله تعالى، ولم يميز لا النسب ولا العرق ولا غيرها من الأمور التي للاسف يتباهى بها البعض ويتقربون لفلان وينبذون علانا بسبب نسبه وقبيلته متجاهلين أعمال الشخص نفسه وصفاته وأخلاقه، فنحن أيضاً نعيش هذه العنصرية بشكل وبآخر وكثير منّا لا يتبع كلام الله تعالى وتعاليمه الإسلامية رغم انتمائه للاسلام ونجد التنابز بالالقاب والتعالي بين عامة الناس على بعضهم وعوضاً أن يكون العالم العربي المسلم قدوة في نبذ العنصرية يمارسها هو أيضاً داخلياً بين شعوبه وطوائفه وقبائله! العنصرية سم قاتل للإنسانية، فإذا ما تعرض لها الأطفال في صغرهم ولدت لديهم مشاكل نفسية لا حصر لها، وإذا ما تعرض لها الكبار خلقت من بعضهم مجرماً - خاصة إذا كان مهزوز الشخصية - لا يتردد في أذية الاخرين، فالحل يكمن في اتباع كتاب الله وسنته في تربية الأبناء على المساواة والتسامح مع الجميع وعدم زرع مفاهيم عنصرية لدى النشء تجعلهم يعاملون الاخرين بفوقية وطبقية في الكبر. عندما تتراضى مع نفسك وتكون قنوعاً بقضاء الله وقدره ستتسامح مع نفسك ولن تشعر بالعنصرية تجاه الغير!