16 نوفمبر 2025

تسجيل

قطر: الريادة في مكافحة الفساد وإقرار الحكم الرشيد

14 ديسمبر 2020

كان يوم التاسع من ديسمبر (اليوم العالمي لمكافحة الفساد كما أعلنته الأمم المتحدة) يوما قطريا تونسيا بامتياز في المستوى الوطني والدولي، توجه احتضان عاصمة تونس لحفل توزيع جوائز حضرة صاحب السمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو الذي أسدى توجيهاته السامية منذ توليه الحكم إلى تأسيس جائزة عالمية تمنح سنويا لدول أو شخصيات أو منظمات ثبتت بصماتها في مجال مكافحة الفساد وإقرار الحكم الرشيد، وتركيز الشفافية وحسن إدارة الدولة والتصرف في المال العام. كانت وما تزال عقيدة دولة قطر أن الفساد هو الرحم الأول الذي تترعرع فيه كل الجرائم الخطيرة الأخرى، والتي تهدد السلام والأمن؛ مثل سرقة خزينة الدولة والثراء على حساب المال العام والإتجار بالبشر، وممارسة المافيات المنحرفة وتنظيم الهجرات السرية، وإشاعة المخدرات وتضليل العدالة، وتسويق أنواع الفاحشة، أي إن الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة هي عناصر تخريب المجتمعات، وهذا هو ما اتفق على تسميته بالفساد، تلك الدودة الخبيثة المدمرة التي تدخل التفاحة وتخربها من الداخل حتى لو بدت للناظرين سليمة من خارجها، ولهذه الأسباب توجهت عناية القيادة القطرية لدعم جهود منظمة الأمم المتحدة، فانخرطت بحماس، ومنحت التمويلات لبرامج المنظمة الأممية الخاصة بمكافحة الفساد وتوطيد أركان الحكم الرشيد، بل وجعلت دولة قطر يوم 9 ديسمبر من كل عام يومها المحتفل به، بل وتقوم قطر بتوسيع مبادئه العليا ومثله السامية الى الدول الشقيقة والمجتمعات الصديقة، وهنا جاء تشريك الجمهورية التونسية في رمز من رموز هذا اليوم، وهو احتضان تونس لحفل انتظم يوم الأربعاء الماضي تكريما للفائزين بجوائز حضرة صاحب السمو الأمير حفظه الله. وفي هذا الصدد أكد سعادة الدكتور علي بن فطيس المري النائب العام والمحامي الإقليمي للأمم المتحدة لمكافحة الفساد، في تصريح خاص لـ"الشرق"، على هامش الاحتفال بتسليم جائزة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في محاربة الفساد، أن المحطة الخامسة لجائزة سمو الأمير أقيمت مراسمها في تونس، لما تكتسيه هذه القضية من أهمية بالغة، لا على الصعيد الوطني فحسب، بل باعتبار أن تونس المضيفة للجائزة هي دولة مؤثرة في محيطها، وعندما تقتنع بفكرة أو قضية ما فهي تتجاوز كل الحدود التقليدية للتأثير على الآخرين، ومن يريد أن يعرف تونس اكثر يجب عليه أن يقرأ التاريخ القديم والحديث، وهي تستحق أن تكون أول بلد عربي تقام فيه هذه الجائزة. وبهذه المناسبة أعلن النائب العام توقيع خطة عمل ثنائية واتفاقية شراكة بين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التونسية ومركز حكم القانون ومكافحة الفساد الذي مقره الدوحة، تتضمن تبادل خبرات وإجراء لقاءات بين الطرفين، وتدعيم اختيار مكونين في كل مجالات مكافحة الفساد. وأضاف: إن دولة قطر جادة في مكافحة الفساد وطنيا، أما على المستوى الدولي فإن جائزة صاحب السمو أكبر دليل على التعاون مع الأمم المتحدة لتحقيق أهداف الألفية، وعلى وجه الخصوص الهدف السادس عشر للتنمية المستدامة، على اعتبار أنه لا يمكن تحقيق تنمية في ظل تفشي الفساد الذي هو المعطل الأول والأكبر للتنمية المستدامة، والإخوة في تونس يعرفون أن مستقبل الأجيال القادمة لن يكون آمنا، ما لم تكن هناك حرب حقيقية على الفساد، فالفساد إذا نخر في اقتصاد أي دولة يمكن اعتبارها انتهت مهما كانت قوتها الاقتصادية. ونحن نلفت أنظار الرأي العام العربي إلى دولة رواندا التي كان رئيس جمهوريتها (السيد بول كاغامي) حاضرا لتسلم جائزة الأمير باسم دولته الأفريقية التي حققت أعلى نسب النمو في ظرف عشرية واحدة، خاصة على إثر حرب أهلية مدمرة اندلعت في التسعينات بين قبيلتي (الهوتو) و(التوتسي)، وذهب ضحيتها حوالي مليون مواطن رواندي، ثم جاء الزعيم (كاغامي) ليشرع في مكافحة الفساد وإحلال السلام المدني، ثم بلوغ أعلى درجات التقدم، وتعتبر عاصمة رواندا (كيغالي) اليوم أنظف وأكثر العواصم الأفريقية أمانا ونهضة. ومن جهة أخرى كافأت جائزة حضرة صاحب السمو شخصيات ومنظمات نشيطة من مختلف القارات دون اعتبار انتماءاتها الفكرية أو الدينية لما انعكس على مجتمعاتها من خير وسؤدد، بفضل التصدي الشجاع لظاهرة الفساد والخروج عن القانون. خلاصة قولنا أن الجائزة العالمية كرست مرة أخرى الصبغة الدولية لرسالة دولة قطر الحضارية والأخلاقية، مما زاد من تألقها وأعلى رايتها في المحافل الأممية، وهو ما ألحت عليه التحية الصادقة التي وجهها للحفل وللقيادة القطرية، السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وكذلك التحية التونسية التي وجهها الى قطر السيد رئيس الجمهورية التونسية يوم الأربعاء في كلمته بالحفل. كاتب تونسي [email protected]