09 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); توجد هجرتان بحياة الإنسان تحددان مصيره، وهو مخـيّر أمامهما، وليس مسيراً، وهذا القرار يحدده العقل والعاطفة، كلاهما أو أحدهما، وهما هجرة تحدث خارج الجسد وأخرى بداخله، والأولى هجرة الجسد بأكمله من أرض ما كالوطن. فالإنسان وعلى مر التاريخ، قام بعدة هجرات في مواكب الأرض، وتاريخ المآثر والملل والنحل مليء بالمحافل والقصص، ومعظمها هجرات البحث عن الرزق والأمان، أما الهجرة الثانية التي بداخله ويقصد بها هجرة الفكر والعقيدة، أي بداخل الإنسان وعالمه الفكري، وهي الانتقال بإيمان واقتناع بشيء من حالة إلى أخرى نقيضة ومختلفة، كهجرة من عالم الظلام إلى عالم النور، أو هجرة طريق الباطل نحو جادة الحق، أو ربما يحدث العكس.ولنأخذ مثالا على الهجرات الجسدية والفكرية معاً، وأشهرها هجرة النبي محمد، صلى الله عليه وآله وصحبه الكرام، وجمع من المؤمنين لإيجاد عاصمة انطلاق لنبوته ورسالته، وهي هجرية جسدية وفكرية، أي لتتم الهجرة الجسدية تم عرض الهجرة الفكرية أولاً والتصديق بالرسالة الإسلامية، وبعد أن تمت، والحمد لله، وقعت الهجرة الجسدية تكليفاً من السماء، وكانت أساساً لنجاح الانطلاقة السماوية، وجوهرها الابتعاد من واقع الظلم والطغيان والسواد إلى أرض النور والفكر والإنسانية.بداخل كل إنسان نبي عظيم، ويطلق عليه النبي الداخلي، وهو العقل الذي أودعه الله في جسم الإنسان، وهو المحاسب، ومهمته طرح الأمور أمام كفتي الميزان، ثم يتم الخيار بقانون التفكير بين التزاحم أو التضاد بين المحورين، فتحاول نزعة الشر بقيادة إبليس وهواه التغلب على نزعة الخير، وهنا يأتي دور الأنبياء والمصلحين من البشر كي يوقظوا النبي الداخلي بالإنسان، وهو "العقل" ووضعه أمام البرهان كي لا يُهزم أمام نزعة الشر التي يقودها الشيطان وهوى النفس.نستخلص مما قلنا، أن للنبي والمصلحين دعوتين للهجرة، الأولى هجرة بداخل الإنسان كي يغادر بفكره ساحة الباطل نحو ساحة الحق، ثم بعدها يقرر وحسب الحاجة الهجرة من أرض أجداده نحو أخرى أكثر أماناً، وكلا الهجرتين تمثلان انتقالا، سواء بالفكر أو بالجسد، فيا حبذا أخي الإنسان ذا العقل أن تحكم عقلك وبصيرتك وقرار نبيّك الداخلي، وتقرر الهجرة نحو الطريق الصحيح.