09 نوفمبر 2025
تسجيليشكل الانخفاض الاستثنائي لأسعار النفط في غضون 20 شهرا الماضية مع عدم وجود نهاية في الأفق لهذا الانحدار التاريخي.. يشكل القوة الدافعة وراء الأنشطة المطردة للإصلاحات الاقتصادية في مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك الكويت. وشملت الخطوات في بعض الدول مثل البحرين رفع الدعم عن اللحوم والحد من الدعم المقدم للمشتقات النفطية، وقريبا رفع تعريفة الكهرباء عن بالوافدين والمؤسسات التجارية. بل يلاحظ تأخر الكويت عن الركب لأسباب لها علاقة بالتركيبة السياسية للبلاد في ظل وجود برلمان حيوي. فلا مناص من تحقيق توافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لضمان تنفيذ إصلاحات اقتصادية قابلة للتحقيق. يوجد توجه لإعادة هندسة أسعار المشتقات النفطية، لكن إصرار أعضاء مجلس الأمة بالحفاظ على رفاهية المواطنين وتأكيد الحكومة المحافظة على الازدهار في البلاد الأمر، يؤكد ذلك صعوبة الوصل لتسوية مرضية عند صنع القرار. حقيقة القول، باتت الحاجة لإصلاحات اقتصادية في الكويت ضرورية من خلال النظر لإحصاءات السنة المالية 17/2016 والتي تبدأ في شهر أبريل. تبلغ الإيرادات المقدرة 24.4 مليار دولار مقابل مصروفات بنحو 62.2 مليار دولار. ويترجم هذا إلى عجز متوقع قدره 40.2 مليار دولار، وذلك بعد إضافة مبلغ لحساب الأجيال القادمة وهي ظاهرة تتميز بها الكويت.وهذا يعني بأن العجز يساوي 60 بالمائة من حجم النفقات المقدرة، وهي نسبة غير عادية في كل حال من الأحوال، الأمر الذي يتطلب معالجة عبر تعزيز النفقات وتقليص المصروفات أينما كان ممكنا. بدورها، لا تغطي الإيرادات سوى 71 بالمائة من رواتب العاملين بالدوائر الرسمية والمؤسسات التابعة والتكاليف ذات الصلة، والتي تفوق كلفتها 34 مليار دولار. وعلى هذا الأساس، لا بد من توفير التمويل لتغطية النفقات الرأسمالية.كما تم تخصيص 9.5 مليار دولار أي 15 بالمائة من إجمالي إنفاق الموازنة الجديدة لمسائل الدعم، وهي نسبة كبيرة في الظروف العادية فضلا في ظل عجز مالي ضخم.كما تقل إيرادات الأرقام المتعلقة بالموازنة الجديدة عن تلك التي تم إقرارها لبعض الموازنات السابقة، فقد تم إقرار موازنة السنة 16/2015 وموازنة 15/2014 بدخل يزيد عن 41 مليار دولار و71 مليار دولار على التوالي. ويعود الأمر بشكل جوهري إلى مسألة أسعار النفط السائدة في الأسواق الدولية.أمر لافت مدى اعتماد الاقتصاد الكويتي على القطاع النفطي، والذي يشكل 88 بالمائة من إيرادات الخزانة العامة و85 بالمائة من الصادرات، فضلا عن 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وربما قلّت الأهمية النسبية للقطاع النفطي مؤخرا في ظل تراجع أسعار النفط. من الواضح أن رفاه الاقتصاد الكويتي واقع تحت رحمة التطورات في سوق النفط الدولية وهذا واقع غير مريح. يتطلب الأمر من صناع القرار في الكويت تقليص الاعتماد على القطاع النفطي، فقد تبين بعض تداعيات ذلك حديثا. لحسن الحظ، لا يعد تمويل العجز المالي مدعاة للقلق، إذ تتمتع الكويت بظروف مالية إيجابية من خلال احتفاظها بثروة سيادية قدرها 592 مليار دولار، أي في المرتبة السادسة عالميا والثالثة خليجيا وعربيا بعد الإمارات والسعودية. كما تصنفها الجهات الائتمانية الدولية مثل وكالة موديز ومؤسسة ستندارد آند بورز ضمن خانة "ايه" ومنحها نظرة مستقبلية مستقرة.ختاما يخشى أن بتسبب الواقع غير المريح لإحصاءات موازنة السنة المالية 17/2016 إلى جملة تطورات تشمل الحد من التوظيف في القطاع العام ما يعد تطورا حساسا نظرا إلى أن المؤسسات التابعة للدولة هي المصدر الرئيسي لتوظيف المواطنين.