10 نوفمبر 2025

تسجيل

في العراق.. هلا أدركنا الباب قبل أن ينكسر!!

14 فبراير 2013

واضح أن رئيس الوزراء العراقي " نوري المالكي " وحزبه ومن يشايعهم يتوهمون أنهم في مأمن من الربيع العربي ؛ ربما لأن لهم حجما وثقلا من دعم طائفي كبير يتمتعون به في الشارع والبرلمان فيوهمهم ذلك بأنهم في مأمن من السقوط على طريقة الثورات العربية أو بالديمقراطية والانتخابات، وربما لارتكانهم للسطوة الإيرانية المتغلغلة في الحالة العراقية واعتمادهم على الحماية الأمريكية واستشعارهم بقوة التحالف معها وما ترتب على ذلك من قوة التواجد في الجيش والأجهزة الأمنية وإرهاب الخصوم فيوهمهم ذلك أن لا أحد يستطيع منازلتهم طائفيا أو سياسيا أو عسكريا، ولعل خفوت الروح الطائفية عند أهل السنة وما يتراءى في الظاهر من التجانس والتكامل الاجتماعي داخل البنية الوطنية طيلة عقود مضت يجعلهم يظنون أنهم في غفلة من التاريخ صار متاحا لهم ما كان ممنوعا لمئات السنين دون ضجة أو مقاومة تذكر.. وربما وربما.. لهذا وجدنا نوري المالكي وحزبه وأشياعه يتصرفون باستخفاف بل باحتقار للمكون السني خصوصا وتحديدا على مستوى العملية السياسية داخليا وعلى مستوى صورة نظام الحكم وعلاقاته الإقليمية والدولية.. رأينا ذلك يتجسد في عدم توازن علاقاته بإيران وحزب الله والنظام السوري في مقابل علاقاته بالمنظومة العربية والإقليمية، ورأيناه في كيفية ونوعية إدارته للحكم وارتكازه على طائفته خصوصا في الوظائف العامة وأجهزة الأمن والجيش، ورأيناه في استهدافه لمناطق السنة ورموزهم وشخصياتهم ورجالهم ونسائهم حتى لم يسلم من ذلك شركاؤه في العملية السياسية كالهاشمي والعيساوي.. كما رأيناه في موقفه تهريبه أموال العراق وبتروله وفي الفواتير الطائفية التي يدفعها لإيران وسوريا وروسيا.. ولعلنا لم ننس بعد تعليقات المالكي على مظاهرات واحتجاجات محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين التي لم يجد في كل حكمته الدبلوماسية وخبراته اللغوية ما يصفها به إلا " الارتزاق بمائة دولار " وأنها مظاهرات حقيرة ووسخة " وإلا وصف المحتجين بالغوغاء وأعداء العملية السياسية والتنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية وأزلام النظام السابق.. وأقول:  أولا وبداية: لا بد من تسمية الأشياء بأسمائها وتشخيصها بأوصافها لأن الحالة العراقية صارت قاب قوسين أو أدنى أن تلحق بحالات أخرى للأسف انساقت إلى التصعيد الطائفي في منطقتنا.. وإذن فلنشخص الحالة العراقية ولا نتحرج من تفصيل الكلام في الطائفية البغيضة التي تحوم حول العراق اليوم وتكاد تكسر بابه كما حامت حول غيره وكسرت.. وحتى لا يظن ظان أنني أتحدث بنفس طائفي أذكر بأنني طالما كتبت في الدفاع عن حزب الله اللبناني والنظام السوري وعن إيران وتحديدا عن برنامجها النووي في سياق الدفاع عن جبهة المقاومة ونصرة القضية الفلسطينية وإنصافا لما كنت أراه الحق والحقيقة وحتى لا تخلو الساحة من المقاومة وصرفت في سياق ذلك النظر عن اتجاهها الروحي أو مذهبها العقدي واعتبرت احتفاظها بالسلاح واستقطابها الدعوم حقا سياديا ومنطقيا لمواجهة عدو تحت يده - تقريبا - كل أنواع وتشكيلات ومخازن أسلحة العالم.. لذا فإن تحدثت عن الطائفية اليوم ومثلي كتّاب آخرون لا يتهمون في مصدرهم ولا في موردهم فلأننا نسعى للتحذير منها وحتى لا نكون كالمريض يتجاهل علته حتى تفتك به.. وليس لأننا عرفنا شيئا لم نكن نعرفه ولا لأننا لا نعرف ما صنعت أو ما هدمت الطائفية تاريخيا، ولا لأننا نجهل حجم وعمق الخلافات الفقهية والعقدية بين المذهبين.. ولكن من جهة الانشغال بالأهم عن المهم وبالممكن عن المستحيل ومن قبيل التسديد والتقريب ومن قبيل التصويب على الحرب الكبرى مع العدو المشترك والأخطر، ولأننا نأخذ الناس بظواهرهم ونترك سرائرهم ليوم تُوفّى فيه (كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)..  ثانيا: في هذا السياق التوضيحي والتصريحي لا بد من التذكير بحقيقة ليس من الموضوعية تجاهلها عند نظر هذه القضية مهما أعطت من انطباعات سلبية غير مقصودة ؛ هي أن الشيعة حققوا انتصارات منذ الثورة على الشاه وحرب الثماني سنوات مع صدام ثم إسقاطه والوصول للحكم في أكثر من بلد ما جعل المالكي كما النظم في إيران وسوريا ومعهم حزب الله اللبناني يحسون بأنهم قادرون على حسم كل مسائل الخلاف مع أهل السنة والثارات المتأخرة والمنتظرة التي يحدثون بها أنفسهم ويربون عليها أجيالهم ليل نهار منذ ألف وأربعمائة سنة.. فأعلنوا ما كان دائما تقية ومداراة وجاهروا بما كان مخبوءا من أحكام مذهبية خاصة جدا وعدائية جدا فخربوا الكثير من العلاقات مع الجوار.. في حين أن الأصوب كان في أن يزيدوا مطامنة وتواضعا ومجاملة للسنة وأن يتذكروا أن لكل نصر من تلك الانتصارات معادلاته ومتغيراته التي لا تحسم دائما بغفلة أهل السنة عن النوازع الطائفية ولا بالارتكان على احتلال أجنبي كالأمريكي مثلا..  ثالثا: السيد المالكي كان أعلن عشرات المرات في سياق الحديث عن الصراع بين الأمة والعدو الصهيوني أن العراق الجديد مكتف بحدوده الوطنية وأنه لن يتدخل في شأن أحد.. ومع أن هذا الموقف يعتبر تقصيرا جليا بحق القضية الفلسطينية ومقتضيات الأخوة الدينية والقومية والإنسانية، ويصنف في الانسجام مع المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وفي عراق ما بعد صدام تحديدا إلا أننا كنا نعول على أنها أزمة لا تلبث أن تمر ولا يلبث العراق أن يعود لمساره وحاضنته العربية والإسلامية.. ما فاجأنا هو أن المالكي وخلافا لما تعهد به عشرات المرات خرج عن حدود العراق ولكن ليس للقيام بدور وطني وقومي وإسلامي في الصراع الاستراتيجي للأمة ولكن لدعم نظام بشار أسد الطائفي البغيض المأفون الذي يدمر سوريا ويقتل شعبها ويهتك أعراض حرائرها، رابعا: على المالكي ومن يدعموه داخل العراق وخارجه أن يروا المشهد السياسي بالأخص في العراق من زوايا أربعة1- من زاوية أن أهل السنة بجملتهم لم يفطنوا بعد للصراع الطائفي ولم يغرقوا بعد في الفتنة المذهبية ؛ ولكنها الشرارة التي إن انطلقت فلن ينجو منها أحد ولن يقر قرار لا لمشروع شيعي ولا سني ولا لدول ولا لأحزاب حتى تأكل الأخضر واليابس.. جدير التذكير هنا بالمستشرق الصهيوني الأمريكي " برنارد لويس " الذي عاش حتى الآن أكثر من تسعين سنة ينظّر ويبشر بضرورة إشعال الحروب الطائفية في منطقتنا كضمانة 2- أن الشعوب لا تحكم بالحديد والنار وأن أي نظام تسقط قيمته الأخلاقية والوطنية بالمعنى الجامع هو نظام محكوم بالزوال مهما ظن أنه متأبد أو أنه آمن، ومهما اعتمد على معادلات بقاء خارجية أو داخلية رأينا ذلك في الاتحاد السوفييتي ثم رأيناه في نظم الساقطِين " علي، وابن علي، ومبارك، والقذافي حتى الآن " وما النظام السوري ببعيد لا عن الزمان ولا عن المكان ولا عن النوع وبالتأكيد ولا عن المصير.. وعلى المالكي أن يقرر في ضوء ذلك إن كان يريد حكما مستقرا أو سقوطا وتفككا.