07 نوفمبر 2025

تسجيل

المرأة والعمل

13 ديسمبر 2020

يقوم معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية (SESRI) بجامعة قطر بعدة بحوث في عدة مجالات وذلك لقياس الرأي العام والوصول إلى نتائج تعكس الفكر الثقافي للمجتمع ومدى احتياجاته وتسليط الضوء على نقاط الضعف فيه، ومؤخراً دارت حلقة نقاشية افتراضية كانت تحت عنوان أثر البعد الثقافي على مشاركة المرأة في القوى العاملة، وقد تضمن النقاش مجموعة من المحاور منها الفجوة الفكرية بين الأجيال والمشاكل الأسرية والعادات والتقاليد، السّلطة الذكورية، معايير وسياسات العمل وأخيراً دعم المجتمع القطري لعمل المرأة، وشارك في النقاش مجموعة من الأساتذة الرجال الذين يشغلون مناصب مختلفة في القطاع العملي وتتفاوت أعمارهم، وبلاشك أن الجميع أتفق على أهمية عمل المرأة في المجتمع، وأشاد بدورها في نهضة البلاد، إلاّ أن البعض أعطى الأسرة وتربية الأبناء أولوية عن العمل لأهمية دور الأم في خلق جيل صالح بعيداً عن الاعتماد على المربيات اللواتي قد تكون لديهن الكثير من المشاكل، وتم التطرق لبعض الدراسات التي أثبتت أن الجيل القديم من الرجال أكثر تقبلاً ودعماً لعمل المرأة من الجيل الحالي الذي يفضل تفّرغ الزوجة للأسرة وتربية الأبناء، وتم النقاش مطولاً في ذلك وتباينت الآراء، فقد أكد أكثر من مشارك أن عمل المرأة مهم خاصة مع متطلبات الحياة وارتفاع الأسعار واحتياجات المرأة الكمالية لذلك فعمل المرأة وحصولها على راتب خاص بها يخفف من الأعباء على الرجل، ومن هذا المنطلق تم طرح فكرة اعتماد بعض الرجال على راتب زوجاتهم، وعوضاً أن يكون ذلك الراتب لكماليات الزوجة نجدها تتحمل مصاريف البيت والعاملين فيه، بل وتلعب في كثير من الأحيان دور الرجل المهم في الأسرة نظراً لانشغالاته وعدم وجوده في المنزل، وربما كثرة سفراته، فنجدها تتحمل أعباء المنزل وتصليحاته ولوازمه بشكل عام وليس مادياً فقط والتي هي من اختصاص الرجل! البعض علّق بأن ذلك غلطة المرأة التي تقوم بدور الرجل في المنزل وبعض الرجال يبحث عن الراحة فلا يمنعها من أخذ دوره، فتبدأ المرأة بتحمل المصاريف ومن ثم تعمل كسائق للأبناء وتوفر احتياجات المنزل، وقد تذهب بأحد أبنائها للمستشفى والرجل في المجلس، كما تستقبل العّمال في المنزل للصيانة وتتفاوض معهم والرجل يجّهز لوازم العّنه والتخييم، نعم أعتقد أنها غلطة المرأة التي ستدفع ثمنها طول فترة زواجها، في المقابل استغلال هذه النوعية من الرجال لمرونة المرأة و(سّنعها) وحبها لإنجاز أمورها وأمور بيتها وبهذا يتشارك الطرفان في الخطأ! كما تم مناقشة محور مهم يختص بتحديد ساعات عمل المرأة الأم بشكل عام وليست المرضعة فقط، فعندما تعود الأم من عملها بعد الساعة الثالثة عصرًا ويكون الأبناء سبقوها للمنزل وجلسوا مع المربية وتناولوا غداءهم لوحدهم فكيف يتحقق الأمان والتماسك الأسري، وفي حين عودة الأم فستكون تعبة من العمل وبحاجة إلى طاقة لتجلس مع أبنائها وتتحمل طلباتهم وقصصهم وتدريسهم، وعليه فإن تجربة العمل عن بُعد لبعض الوظائف كانت ناجحة في بداية أزمة كورونا كوفيد-19، ويمكن دراستها على الأمهات العاملات لتحظى بوقت أطول مع أبنائها وتشرف على تربيتهم بنفسها عوضاً عن الاعتماد على العاملات في المنزل اللآتي يحملن مفاهيم وعادات غريبة عنّا! نعم الدولة تساند المرأة وتثق بها وتمنحها الفرص للمشاركة في صنع القرار ولدينا نماذج مشّرفة في قطاع العمل في كل التخصصات، ولكن مازال بعض الرجال يتحفظ على عمل المرأة وإذا ما وافق مجبراً فإنه يحدد مجال العمل الذي ربما لا يتناسب ورغبة المرأة أو طموحها، بل ربما قد تخسر راتباً مجزياً وتحصل على راتب أقل من أجل إرضاء رغبات الرجل الذي تحركه أفكاره وعاداته التي لا يريد التحرر منها! أعتقد أن موضوع عمل المرأة وممانعة بعض الرجال له يجب تجاوزه ونحن في القرن الواحد والعشرين، فالمرأة نصف إن لم تكن كل المجتمع، كما أن عدد الإناث يفوق الذكور وعليه فضروري مشاركة المرأة في قوى العمل وفي كل التخصصات طالما أنها تحافظ على هويتها وعاداتها وحدودها سواء كانت متزوجة أم عزباء، كما أن طموح الكثير من النساء لا حدود له، وإن كانت تحرص على أبنائها وتربيتهم فهي تطمح للمشاركة في صنع القرار في بلدها وأن تتقلد مناصب قيادية تثبت فيها قدرتها وتفّرغ طاقتها العملية وتترجم ما درسته أكاديميًا طوال فترة الدراسة، ودور الرجل تشجيعها على ذلك والافتخار بها، كما أنها في المقابل تساند الرجل دائماً وتتمنى له الأفضل! • لكل زوجين ظروفهما ومعتقداتهما وعليهما أن يخططا لحياتهما بشكل صحيح متساوٍ ومتوازٍ ويوزعان الأدوار فيما بينهمن فلا يتحمل الرجل فقط، ولا تتحمل المرأة أكثر من طاقتها سواء مادياً أو إجتماعياً! • بعض الرجال بحاجة إلى تفسير دقيق لمعنى القوامة لأنه يرددها دون وعي لمعايير قوامة الرجل وما يترتب عليها من مسؤوليات! [email protected] @amalabdulmalik