09 نوفمبر 2025
تسجيلبما أن معنى العولمة: هو تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله؛ فإن معناها الثقافي هو تعميم ثقافة الدول الرأسمالية الكبرى. قال صاحبي: أرجو تفصيل القول في العولمة الثقافية. قلت: تعني العولمة الثقافية: بروز عالم بلا حدود ثقافية، فيه تتنقل الأفكار والمعلومات والقيم والأنماط السلوكية بحرية كاملة في اتجاه تكوين ثقافة إنسانية واحدة، على أساس أن طبيعة الإنسان واحدة، واحتياجاته واحدة، أينما وجد على هذا الكوكب. قال صاحبي: أرجو أن تبرز لي أهم مظاهر العولمة الثقافية. قلت: حبا وكرامة؛ يمكن إيجاز أهم مظاهر العولمة الثقافية في الآتي: * سيادة الصورة السمعية والبصرية التي أضعفت الثقافة الشفوية والمكتوبة ولا سيما لدى النشء والشباب، وتولت العديد من أدوارها بسرعة وكفاءة عالية لتشكيل شخصياتهم. * انتشار أساليب الحياة الجديدة للدول الغربية في مقدمتها أمريكا في كل البلاد العربية وأنماط العلاقات وخصوصا بين النشء الجديد. * التوسع المذهل لأنماط الحياة الغربية في اللبس والمأكل والمشرب، وفي الاحتفالات في المناسبات العامة والخاصة وسواها. * تغلغل الثقافة الاستهلاكية بين مكونات المجتمعات العربية وشرائحها، حتى وصلت إلى أقاصي المناطق الريفية النائية، وما يتبع ذلك من تنميط متزايد لسلوك المحكوم بالقيم المادية وملذاتها، والمدفوع بشهوات. * اختفاء العديد من التقاليد والعادات العربية والإسلامية الحميدة في البلاد العربية ولا سيما في مناطق الحضر. * ضعف التزام مجاميع عن المجتمعات العربية بالقيم الإسلامية العربية والمقاييس الاجتماعية وفضائل الأخلاق في الحياة الخاصة والعامة. * تراجع دور الدول وقوى المجتمعات العربية في المحافظة على أنماط الثقافات الوطنية والتزام السكان بها. * انتشار مظاهر الفردية والأنانية والغربة وما يترتب على ذلك من تراجع صور الانتماء للأسرة والجماعة والقبيلة والمنطقة والمجتمع. * ضعف انتماء النشء والشباب العربي إلى أوطانهم وأمتهم، لأن تلاشي الزمن والمكان الناتج عن تقنية الإعلام والاتصالات والمعلومات أضعف ارتباطهم بالأرض والأهل والواقع وهمومه. * تزايد اندماج أجيال البلاد العربية في المواطنة العالمية. * تكون ثقافات فرعية متميزة متناقضة بين ثقافة النخب وثقافة الجماهير، وبين ثقافة سكان الحضر وسكان الريف وبين الثقافة الأصيلة والثقافة المعاصرة. * بروز تناقضات وصراعات اثنية بين هويات أجيال المجتمعات العربية، وبين الجيل القديم والجيل الجديد، وبين قوى المجتمع وشرائحه. * تباين هويات نظم ومؤسسات في البلاد العربية، بين تعليم وتعليم حديث، وبين تعليم حكومي وتعليم خاص، وبين تعليم نظري وتعليم مهني وتقني... إلخ.