15 نوفمبر 2025

تسجيل

من يجمع الطوابع؟

13 أبريل 2015

في فترة زمنية ماضية كان الشخص إن وجد وقتاً لنفسه، استثمره في ممارسة هواية نظم الشعـر مثلاً، ثم مع الوقت بدأ يغني ما أشعره، وتطور الى أن يهوي العزف على آلة موسيقية ما.. وهكذا مع الوقت تطورت الهواية معه وتنوعت.ومع انفتاح العالم على بعضه، بدأ البعض بممارسة هوايات متنوعة كجمع الطوابع مثلاً أو جمع عملات الدول التي يسافر إليها، أو قراءة الكتب مع انتشار الطباعة ونشاط في التأليف.. حتى كانت من الأسئلة الشائعة حينذاك أن يسألك أصدقاؤك الجدد أو حين التقدم الى وظيفة ما، أن يسألك أحدهم عن هوايتك!مع استمرار تطور العالم في اتصالاته وتقنية معلوماته، بدأت تلك الهوايات بالاندثار وبشكل سريع، فما عاد أحد يسألك ما تقوم به وتمارسه من هوايات أثناء أوقات فراغك، لأنه لم يعد المرء منا يدرك معنى الفراغ، رغم أن الوقت الذي نسميه بالفارغ قد زاد وطال، ولكن لأن انشغال الكبير والصغير بتقنيات العصر المتنوعة، لاسيما الهواتف الجوالة، صار أحدنا يمضي كل وقته معه، حتى لم يعد المرء منا قادراً أن يعرف إن كان عنده وقت فراغ أم لا.لاحظ مرتادي المقاهي مثلاً، وهي الأماكن التي اعتاد الناس الذهاب إليها وقت فراغهم ليتقابلوا ويتسامروا ويعرف هذا أخبار ذاك وهكذا.. لاحظهم الآن، وكيف أن المقاهي مليئة بالناس ولكن الكل مشغول بهاتفه، على الرغم من أنهم ربما جاءوا ليتقابلوا.. قد يتحدثون بعض الوقت، ويصمتون أكثره لمتابعة ما فاتهم من دردشات و"انستغرامات" و"سنابات" وتغريدات وهلم جرا.هل سيأتي يوم يقدر أن ييختلي أحدنا بنفسه ويخلق وقت فراغ لنفسه، يتأمل فيه ويتفكر دون أن يزاحمه إنسان أو حتى آلة مهما صغرت؟ ربما نعم، قد يقدر على الانزواء والاختلاء بالنفس بعيداً عن البشر، لكن سؤالي الأهم: هل يمكنه بالمثل التخلي عن هاتفه تحديداً ليوم واحد فقط لا أكثر؟ قد يقول البعض نعم وبثقة شديدة، ولكن ظني كذلك أن هذه الثقة في الإجابة بنعم قد تهتز مع الأيام، لأن التقنية لم تقف بعد ولم تهدأ، فإن هاتفك اليوم تحمله وقد استهلك وقتك كله، فما بالك في مستقبل قريب حين يتحول هذا الهاتف الى شريحة تُزرع تحت جلد معصمك وترى معلوماتك في نظارة تلبسها أو ربما شريحة شبيهة بالعدسات اللاصقة؟! فما أنت فاعل حينها؟