06 نوفمبر 2025

تسجيل

سعد الحريري والأداء المتناقض

13 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يصرّ النائب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل على تذكير اللبنانيين أنه "فهمان اللعبة غلط". فهو يحرص في كل مناسبة على نفي الطابع الطائفي والمذهبي عن نفسه وعن تياره، محاولاً إقناع العالم أن مشروعه هو لبنان كل لبنان على اختلاف مكوّناته وطوائفه. تكرار الحريري لهذا الأمر يدفع للاستغراب إذا لم نقل الاستهجان، فهو ينكر معلوماً من الوضع اللبناني بالضرورة. لأن القاصي والداني يدرك أن أنه لولا التركيبة الطائفية للبنان، لما كان الحريري زعيماً ولا حتى نائباً، بل كان مجرد رجل أعمال ورث المال عن والده. يستطيع الحريري أن ينكر الطابع الطائفي عن نفسه من اليوم وحتى يوم الدين، لكنه لا يملك إنكار أن الزعامة التي نالها جاءت بصفته ممثلاً للمسلمين السنّة -فقط لاغير-. يستطيع أن يجمّل الواقع كما يشاء، لكنه لايستطيع إنكار أن كتلة المستقبل أكبر كتل مجلس النواب غالبية أعضائها من المسلمين السنّة، وأن أعضاءها من غير السنّة وصلوا إلى الندوة البرلمانية بفضل أصوات المسلمين السنّة، وهم انضموا للكتلة ليس اقتناعاً بمشروع الحريري السياسي، ولا إعجاباً بأدائه الخطابي، بل فقط لأنهم يدينون لقاعدته الشعبية -السنّية- وصولهم للندوة البرلمانية. فعلى من يضحك الحريري حين يتحدث عن طابع وطني عابر للطوائف، وما هي هذه التهمة الخطيرة التي يتهرب منها بأن يكون زعيماً لطائفته، ولماذا يريد أن يعيش وهماً لا وجود له على أرض الواقع؟ لماذا يتبرأ الحريري وكأن الطابع الطائفي هو تهمة أو نقيصة يتبرأ منها؟ لماذا زعماء الطوائف الأخرى يفخرون بتمثيل طوائفهم، بينما هو يخجل بذلك ويرفض الإقرار به؟ لماذا على المسلمين السنّة في لبنان أن يواصلوا تأييدهم المطلق له حين يستعرّ هو منهم.يمكن لنا أن نفهم ثقة الحريري الزائدة بنفسه، وطموحه ليكون زعيماً وطنياً لو كان الوضع الداخلي لطائفته على خير ما يرام، في حين أن الواقع نقيض ذلك. فليس سراً أن أبرز أسباب عودة الحريري إلى لبنان بعد غربته الاختيارية الطويلة هو التشرذم داخل الطائفة وتراجع شعبية تياره فيها، واستئساد الطوائف الأخرى على مكتسبات المسلمين السنّة التي أقرّها اتفاق الطائف. ألا يدرك الحريري أن من أراد أن يكون زعيماً لكل اللبنانيين عليه على الأقل أن تكون زعامته داخل طائفته متماسكة ثابتة؟المستغرب في أداء سعد الحريري أنه في مقابل حرصه على نفي الصفة الطائفية عن نفسه، فإنه يصر على احتكار تمثيل طائفته، ويرفض إفساح المجال للآخرين من مكوّنات المسلمين السنّة أن يكونوا حاضرين إلى جانبه. ساعده في ذلك قانون انتخابي جائر، يقوم على هيمنة الأقوى وتغييب الأضعف. المفارقة أن القانون الانتخابي نفسه يسري على جميع الطوائف، لكن زعامات الطوائف الأخرى لا تسعى لاحتكار تمثيل طوائفها. فعند المسيحيين يوجد التيار الوطني الحر إلى جانب القوات اللبنانية وحزب الكتائب والمردة، وأيضاً بعض الشخصيات المستقلة، ولدى الشيعة تقوم ثنائية صلبة بين حزب الله وحركة أمل، حتى الدروز الذين يعدّون أقلية عددية، فإن زعيمها النائب وليد جنبلاط يحرص على إبقاء فسحة للآخرين لتحقيق مصلحة الطائفة وحمايتها. قبل أن يطمح الحريري ليكون زعيماً وطنياً عابراً للطوائف، عليه فتح القفص الذي سَجَن طائفته داخله، وأن يفسح المجال للآخرين من مكوّنات طائفته ليكونوا إلى جانبه ومعه. وفي حال إصراره على نفي زعامته الطائفية عليه أن يحزم حقائبه ويبحث عن بلد آخر أو كوكب آخر.