04 نوفمبر 2025

تسجيل

من سجون المدارس إلى سموم الصيف

13 مارس 2014

اقترب فصل الصيف بحرارته ورطوبته، وما يزال طلبة المدارس يقضون ساعات طويلة من النهار ليؤذن لهم بالانصراف الى بيوتهم وما يزال قلق الأهالي على عيالهم مستمرا، بعد ان تجاهل مسؤولو التعليم نداءات ومناشدات اولياء الامور بتقليص نصاب الحصص المدرسية وتقديم موعد الانصراف ساعة او نصفها لتخليصهم من هذه المعاناة غير المبررة؛ حيث يجبرون على المكث في المدارس الى ساعات متاخرة من النهار بعد جلوس طويل ومرهق على مقاعد الدراسة وتحت قصف اجهزة التبريد المركزية وتعريضهم لكم هائل من المعلومات والتعليمات التي تشتت تركيزهم وتصدع رؤوسهم وتنحو بعيدا عن تلبية مطالبهم النفسية والاجتماعية، فلا هم يستوعبون علما ولا هم يقبلون نصحا، ثم يصرفونهم خارج اسوار المدرسة الى اجواء ساخنة ورطوبة عالية، مع غياب البرامج والانشطة المناسبة لطبيعتهم النفسية والبدنية.. كل ذلك يجعل من المدارس بيئات طاردة ومثيرة للكراهية والرفض لدى التلاميذ نظرا لما يتسمون به من رغبة في الحركة والنشاط، فما جدوى احتجازهم كل هذا الوقت ثم دفعهم لمواجهة سموم الصيف وشمسه الحارقة، انهم بذلك التعامل يجعلون الطلبة مساجين محكوما عليهم بحبس طويل الاجل يتبعه تعريضهم للسموم اللاهبة تلفح وجوههم، في عقوبة تتكرر يوميا ولا يعرفون اسبابها !! ويبدو ان مسؤولي مجلس التعليم وهيئاته المتراشقة يستلذون بهدلة الطلبة واهلهم واثارة سخطهم في كل فصل دراسي،وليس من مبررات مقنعة تجيز احتجاز الطلبة الى اوقات متأخرة من النهار وفيهم تلاميذ صغار يصابون باعياء شديد ، فيرجعون الى منازلهم بنفوس كسيرة وافكار حائرة واجساد خائرة، مما يفقدهم الرغبة في التعلم ويرسخ في اذهانهم صورة سلبية عن المدارس والعاملين بها، فكيف نطالبهم بعد ذلك باستذكار الدروس او اداء الواجبات او التجاوب مع توجيهات المعلمين وهم يشعرون بانخفاض الدافعية نحو التعلم؛ جراء كثافة الحصص وطول زمن اليوم المدرسي وجمود البيئة المدرسية المفرغة من الانشطة المشوقة البناءة التي تخاطب ميول الطلبة وتنمي مواهبهم، ورغم ذلك يقضون في المدارس زمنا طويلا ويتاخرون في العودة الى البيت، اضافة الى تجشم عناء حرارة الصيف وزحمة الطرق، علما بان تعارض وتزامن مواعيد انصراف الطلبة من مدرسة الى اخرى في المراحل الثلاث، تشكل ازمة فعلية لأولياء الامور الذين يضطرون لاحضار ابنائهم من المدارس، مما يفاقم من حالة الازدحام الشديد الذي نشهده يوميا، اما الطلبة الذين يستخدمون الحافلات فيصلون بيوتهم قبيل غروب الشمس!! فلا تسأل بعد ذلك عن استعدادهم النفسي والذهني والبدني ايضا لاستقبال يوم دراسي جديد، او استكمال اداء الواجبات والتكاليف المدرسية فما جدوى ساعات التمدرس في ظل هذه الأوضاع؟! وكلنا نؤكد ان جودة التعليم ونوعيته اهم من كثرة المعارف وحشر اسماع الطلبة بدروس مراكمة تشتت تركيزهم، ويخرجون منها دون استفادة عملية تحقق ما نصبو اليه من مخرجات تعليمية عالية المستوى..ولذلك تغدو المطالبة بتقديم موعد انصراف الطلبة من المدارس ضرورة تربوية وتعليمية قصوى، بحيث يكون موعد انتهاء اليوم المدرسي لطلبة الابتدائي عند 12.30 ظهرا ، والواحدة لطلبة المرحلة الاعدادية والواحدة والنصف ظهرا لطلبة الثانوية، وهذا التعديل المنطقي يستجيب للاحتياجات ويراعي العوامل النفسية والوجدانية للطلبة وخصائص المجتمع القطري، بما يسهم في زيادة دافعية التلاميذ نحو التعلم وحبهم للمدارس وتغيير الانطباع السيئ عنها باعتبارها بيئات جاذبة وليست طاردة، وهذا المطلب يمكن تحقيقه بسهولة تامة بقرار يراعي المصلحة العامة لن يكلف خزينة مجلس التعليم مبالغ طائلة، ولن يعرض المسؤولين للمحاكمة ولن يوقف قطار تطوير التعليم، بل انه سيلاقي ترحيبا واسعا من اولياء الامور ، واملنا بعد الله كبير في معالي الشيخ عبدالله بن ناصر وهو يتولى مهام هذاالقطاع الحيوي الحساس ، سائلين المولى عز وجل ان يعينه على اداء هذه الامانة الجسيمة.