06 نوفمبر 2025
تسجيلوعادت مآذن آيا صوفيا لتصدح بجملة الله أكبر في سماء مدينة إسطنبول الجميلة منذ أن حول مؤسس الدولة التركية أتاتورك هذا المسجد إلى متحف، وظل هكذا حتى جاء أردوغان واستطاع أن يكسب تأييدا برلمانيا وشعبيا لإعادة المسجد الكبير والعريق والذي شيد في القرن الثالث على شكل كنيسة ثم تحول إلى مسجد مع دخول القائد العظيم محمد الفاتح إلى القسطنطينية في القرن الخامس عشر. ثم أعاد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة المسجد إلى متحف يحمل الطابع الإسلامي والمسيحي معا حتى هذا العام 2020. حيث وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرسوما يقضي بإعادة آيا صوفيا إلى الهوية الإسلامية الأصيلة باعتباره مكان عبادة وإقامة للصلوات الخمس بعد أن قضت المحكمة العليا التركية هذا القرار الذي اعتبره أردوغان بأنه شأن تركي داخلي لا يحق لأي كائن من كان أن يقحم أنفه الكبير به لا سيما بعد أن تعالت صيحات الاستهجان والاستنكار من الاتحاد الأوروبي الذي عبرت دول فيه عن استغرابها لما أسمته عودة تركيا إلى ستة قرون مضت نتيجة هذا الفعل الذي وصفته بالمشين والذي لا يتلاءم مع صحوة العالم الحديث نحو الحفاظ على الموروثات التاريخية (المسيحية ) متناسية هذه الدول أن هذه التحفة المعمارية ظلت وحتى قبيل إصدار هذا القرار التاريخي الذي يحسب للزعيم التركي جرأته في تحدي الغرب الذي يحيط بجمهوريته الممتدة والمشتركة معه في حدودها مكانا مقدسا للمسلمين، ولا يمكن لأي زائر كان مسلما أو مسيحيا إلا أن يدخله بلباس محتشم ودون حذاء في إشارة لقدسية المكان الإسلامية ولقد حظيت شخصيا بدخوله العام الماضي واُجبرت نساء أجنبيات رأيتهن على لبس الحجاب والملابس الطويلة الساترة قبل دخوله احتراما لما يمثله المكان من قيمة دينية للمسلمين وما يتضمنه من زخارف إسلامية وآيات قرآنية كثيرة تتزين بها أسقف وجدران هذا المسجد. واليوم يعيد أردوغان المكان لأصله ومكانه الطبيعي في قلوب المسلمين، حيث أعلن بأن أول صلاة ستقام فيه ستكون بتاريخ 27 يوليو الجاري وسيتعالى الأذان على مئذنته لأول مرة في صورة تؤكد بأن هذا البلد إنما هو من إرث آل عثمان الفاتح، وأن الرئيس المسلم رجب طيب أردوغان إنما يعيد بهذا الفعل الجليل صيحات الإسلام العالية في قلب أوروبا حتى وإن كان الثمن هو رفض الاتحاد الأوروبي إدخال جمهورية تركيا ضمن عضويته التي ما عادت تهم الرئيس التركي وشعبه المتطلع إلى أكبر من هذا والساعي بلا شك إلى بناء دولة قوية راسخة تسعى كل الدول لبناء علاقتها معها وليس العكس. وأمام هذا المشهد الذي حياه الملايين من المسلمين في كافة دول العالم كانت هناك بعض الصيحات ( الخليجية والعربية ) تنافس مثيلاتها في العالم الأوروبي والأمريكي المسيحي التي انتقدت توجه تركيا لإعلان آيا صوفيا مسجدا إسلاميا يضم الصلوات الخمس في البلاد واستصغرت فرحة المسلمين في إعلاء كلمة التوحيد ونشرها، وقالت إنها مبالغة سخيفة كما وصفها مستشار ابن زايد الدكتور عبدالخالق عبدالله على تغريدة له في تويتر معتبرا أن هذا القرار ما هو إلا فرقعة صوت داخل تركيا أراد أردوغان من خلالها تغطية فشله في الخارج وتحديدا في ليبيا. ورغم أنني لا أعدها تغريدة موفقة لشخص يحب أن يناديه العالم بكلمة بروفيسور إلا أنني عذرته نوعا ما على تخريفاته التي يبدو أن سنه الكبير قد بدأ بالتأثير على أبراج مخه التي لم تعد تستطيع التقاط ما يمكن التغريد به أولا، لأنه يعلم بأن الإمارات التي تحتوي على أكبر معبد لا يمكن فعلا أن تفرح لتحويل آيا صوفيا إلى مسجد وتقام فيه الصلوات وتعلو كلمات التكبير على مئذنته، وأن المسؤولين بدءا من ولي العهد فيها ومرورا بوزير خارجيته ومستشارين ووزراء ينحنون احتراما لتماثيل ويتباركون بأقدام الكهنة في هذه المعابد، فهل يُرجى بعد هذا كله أن تبارك أبوظبي اعتلاء مسجد إسلامي إلى صدر هذه الأمة ويكون البلد الحاضن له هي تركيا ؟!. والأمر سيان لدى بعض جامية السعودية ومصر من الذين تعالت صيحاتهم وزاد بكاؤهم في الوقت الذي زاد المسلمين إصرارا بأن هناك من القادة من لا يزال يعمل لأجل الإسلام ولا يأخذ بالإسلام ذريعة ويطوعه لفعل ما لا يجوز فالحمد لله. [email protected] @ebtesam777