14 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكمحتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.» رواه البخاري ومسلم.المراد بنفي الإيمان هنا نفي بلوغ حقيقته ونهايته، فإن الإيمان كثيرا ما ينفى لانتفاء بعض أركانه وواجباته، كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن،» وقوله: «لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه».قال ابن عباس: الزاني يُنزع منه نور الإيمان.وقال أبو هريرة: ينزع منه الإيمان، فيكون فوقه كالظلة، فإن تاب عاد إليه.وكل هذا إشارة إلى الإيمان الكامل التام الذي لا ينقص من واجباته شيء.والمقصود أن من جملة خصال الإيمان الواجبة أن يحب المرء لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، فإذا زال ذلك عنه، فقد نقص إيمانه بذلك.وقد روي أن «النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة: أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما».وفي " صحيح مسلم " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتدركه منيته وهو مؤمن بـالله واليوم الآخر، ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه».وفي حديث النعمان بن بشير في الصحيحين: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».وهذا إنما يأتي من كمال سلامة الصدر من الغل والغش والحسد، فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير، أو يساويه فيه، لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله، وينفرد بها عنهم، والإيمان يقتضي خلاف ذلك. وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء.وفي الجملة، فينبغي للمؤمن أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، فإن رأى في أخيه المسلم نقصا في دينه، اجتهد في إصلاحه.وإن رأى في غيره فضيلة فاق بها عليه فتمنى لنفسه مثلها.وقال صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله القرآن، فهو يقرؤه آناء الليل وآناء النهار».«وقال في الذي رأى من ينفق ماله في طاعة الله، فقال: "لو أن لي مالا، لفعلت فيه كما فعل، فهما في الأجر سواء».وأما قول الله عز وجل: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}، فقد فسر ذلك بالحسد، وهو تمني الرجل نفس ما أعطي أخوه من أهل ومال، وأن ينتقل ذلك إليه، وفسر بتمني ما هو ممتنع شرعا أو قدرا، كتمني النساء أن يكن رجالا، أو يكون لهن مثل ما للرجال.ومع هذا كله، فينبغي للمؤمن أن يحزن لفوات الفضائل الدينية، ولهذا أمر أن ينظر في الدين إلى من فوقه، وأن ينافس في طلب ذلك جهده وطاقته، كما قال تعالى: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) ولا يكره أن أحدا يشاركه في ذلك، بل يحب للناس كلهم المنافسة فيه، ويحثهم على ذلك، وهو من تمام أداء النصيحة للإخوان.قال الفضيل: إن كنت تحب أن يكون الناس مثلك، فما أديت النصيحة لربك، كيف وأنت تحب أن يكونوا دونك؟! وينبغي للمؤمن أن لا يزال يرى نفسه مقصرا عن الدرجات العالية، فيستفيد بذلك أمرين نفيسين:1. الاجتهاد في طلب الفضائل، والازدياد منها،2. والنظر إلى نفسه بعين النقص، وينشأ من هذا أن يحب للمؤمنين أن يكونوا خيرا منه، لأنه لا يرضى لهم أن يكونوا على مثل حاله، كما أنه لا يرضى لنفسه بما هي عليه، بل يجتهد في إصلاحها.