11 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الجدران أشبه ما تكون بهايد بارك العقول لبعض الشعوب، فهي أحيانًا سبورة المحرومين والمستضعفين، أو تصبح لوحة استبيان لمن يخجل أو يخاف التصويت وإعطاء الرأي. فنجد إما بصمات رجل أو هرطقة طفل أو قلم مبدع أو ريشة فنان، أو صرخات مشجع رياضي لا يمتلك تذكرة دخول الملاعب. هنالك مطلب ضروري للترويح عن ضغوط الإنسان من كبت الحياة وتعبها، وهو التنفيس والترويح، فمع مرور الأيام يزداد معدل ضغط نفوسنا نحن معشر البشر بفعل الظروف المحيطة بنا، فيكبر جبل قلوبنا حتى يصبح كالبركان الحار، فنحتاج إلى فتح ثغرة لأرواحنا كي تـتـنفس وترتاح، ولكن الخطأ يقع دائمًا في الطريقة والتوقيت والمكان. بعضهم يتروى في التنفيس عن ضغوطه والبعض الآخر يتسرع ويبالغ، فنرى تارة قلم شاعر بكر يهجر الأوراق ويتخذ من الجدران ديوانًا، وتارة أصابع محب تكتب بحبر الدم عن معشوقة هجرته أو خانته. وتارة نلاحظ مراهق يكتب أراجيزه لترتاح نفسه العطشى، والمجانين لن ننساهم، فهم أيضا يتخذون من الجدران سبورة لطبع شعورهم تجاه الآخرين من عقلاء البشر. وقدم الدكتور مونيسي دووم من دولة جامايكا رسالته الجامعية بخصوص انعكاس كتابة الجدران على الجيل، فاكتشف أن الشعب ينقسم إلى ثلاثة أقسام، فمنهم من يحب الموسيقى ومنهم من يهوى الشعر والآخر يهوى الرسم، وأن عشرة بالمائة منهم مصاب بمرض نفسي، وأن بعد الحقبة التي تلت مقتل البطل القومي جيفارا انتحر العشرات بعد أن دونوا أسمائهم على الجدران، ولن ننسى جدار برلين الشهير، الذي يحمل ذكرى عظيمة بقدر ما هي حزينة في نفوس الألمان الشرقيين والغربيين، وإنه أرشيف لتاريخ ألمانيا القديمة. إذًا ستبقى الجدران أرشيفًا كبيرًا للشعـوب المغيبة، فهو سبورة للمجانين والعشاق والفنانين، وهو مسرح بدون ستائر لكومبارس من البشر وبدون مقص رقيب، وهو نشرة مفتوحة لتعبير عقول مدفونة خلف الكواليس، وأنا أعتقد أن بعض الشعراء أراد إلقاء شعره بطريقة تختلف عن كتب الدواوين أو بلاط القصور، فربما يستحقون لقب الشعراء المنسيون، إنها آهات وصرخات من عقولهم خطته أيديهم، وربما مسك الطباشير أسهل من الأقلام، أو ربما الجدران أحلى من الأوراق أو ربما بالجدران مكان يعطي الشعراء حرية للتعبير لإيصال رسالة.