10 نوفمبر 2025

تسجيل

اغتيال حضارتنا من داخلها

12 مارس 2014

لقد حقق الاستعمار الأوروبي هدفه في الاستفادة من المنشآت والإصلاحات المادية التي قام بها محمد علي، أما شعب مصر المسالم فقد سيطر عليه اليأس ودفع ثمناً باهظاً يفوق حجم كل إصلاح، وهو تحطيم هويته حضارته، التي صقلها الإسلام والتي ميزت دوره خلال العصور الإسلامية.وفتح باب الدعوة إلى الوطنية والقومية ومارس سياسة التضييق على دعاة الفكر الإسلامي من العلماء والمشايخ، فكان هذا الاتجاه مسايراً لمساعيه الرامية إلى الاستقلال بمصر، وبالتالي إبعادها عن الارتباط بدولة الخلافة الإسلامية، وقد وجد في اتجاهه هذا عونا من المحافل الماسونية التي يعتبر هذا الاتجاه من صلب أهدافها.ومن أبرز الذين عاونوه في هذا الاتجاه الشيخ حسن العطار سنة 1835م، الذي تشير الدلائل إلى انضمامه للمحفل الماسوني المصري، فقد كان العطار يرى أن البلاد (لابد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها)، وكانت وجهته في هذا التغيير هو الاتجاه الكامل إلى الثقافة الأوروبية بعد أن عجز - في رأيه - المشايخ والعلماء عن مواصلة جهود المسلمين الأوائل.واتبع العطار تلميذه رفاعة الطهطاوي، حيث ابتعثه إلى فرنسا محمد علي خمس سنوات، عاد بعدها 1831م، لنشر ما يزكي الفكرة الوطنية وغيرها من الأفكار الاجتماعية التي عايشها في فرنسا.لقد تأثر الطهطاوي بتيارات الفكر الأوروبي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بشكل فاق تأثره بالفكر الإسلامي، حيث في عديد من جوانب فكره، وفي كافة مراحل حياته، وإعجابه بأفكار الحرية والمساواة، وضرورة الاعتماد على العقل، لقد تبنى ما دعا إليه نابليون إبان حملته الشهيرة، وقد أظهر الطهطاوي تأثراً وإعجاباً بآراء مونتسيكو، وتشبعه بالفكر الماسوني.وتبع الطهطاوي كثيرون ممن واصلوا الدعوة إلى الوطنية وإلى ضرورة الاتجاه الكامل إلى الحضارة الغربية من أمثال: علي مبارك، وإبراهيم أدهم، وصالح مجدي، وعبدالله فكري، ومحمد عثمان جلال وغيرهم، وواصل الجميع هجومهم على التيار الإسلامي من كافة الجوانب.