08 نوفمبر 2025
تسجيلبذل سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت جهوداً كبيرة من أجل إيجاد حل للأزمة التي وضعت دولةَ قطر تحت حصار جائر من قبل " الأشقاء" في دول مجلس التعاون، ثم لحقت بهم مصر، في محاولة لتوسيع دائرة الحصار وجعله خليجياً – عربياً دون مبرر. وكانت آخر جهود سمو أمير دولة الكويت زيارته إلى الولايات المتحدة ولقائه الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، وأعقب ذلك المؤتمر الصحفي الذي عقده الزعيمان في البيت الأبيض يوم الخميس 7/9/2017. ولقد تطرَّق سمو أمير دولة الكويت لأزمة الحصار، وأشار إلى أن حل الأزمة الخليجية ما زال قائماً ولم ينته، وأضاف:"إن البنود ال 13 ليست مقبولة جميعاً، إلا أن الحل في الجلوس مع بعضنا والاستماع للنقاط التي تضرُّ المنطقة ومصالح أصدقائنا الآخرين". واستدرك " أن كل ما يمسّ السيادة غير مقبول لدينا"!. ولقد علّق سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية – في لقاء له مع قناة الجزيرة حول هذا الموضوع – مؤكداً موقف دولة قطر فيما يتعلق بحل الأزمة، "والذي يجب أن يمر عبر الحوار، ووفقاً لمقتضيات القانون الدولي، ودون المساس بسيادة الدول" ، كما أشار سعادته إلى أن " أي حوار يجب أن يكون مسبوقاً بإلغاء الإجراءات غير القانونية المفروضة على قطر". نعتقد أنه لا خلاف بين وجهة النظر القطرية ووجهة نظر الوساطة الكويتية في هذه القضية، أي التمسك بمبدأ عدم المساس بسيادة أية دولة!. المثير في المؤتمر الصحفي ما أشار إليه سمو أمير دولة الكويت، وهو إعلانه وقف استهداف قطر عسكرياً، وهذا المثير يُطرح لأول مرة، حيث قال سموه: " المهم عسكرياً أوقفنا أن يكون هناك شيء عسكري"!؟ وهذا دليل واضح على النية المُبيتة لدول الحصار للجوء إلى القوة، في مخالفة واضحة لروح ميثاق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والنظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولقد أعلن سعادة وزير الخارجية عن أسفه للمعلومات التي أشارت إلى وجود نية سابقة لدى دول الحصار باستهداف قطر عسكرياً، مشيراً إلى أن ذلك " يخالف مبادئ منظومة مجلس التعاون الخليجي الذي أقيم على مبدأ الأمن الجماعي والتحالف المشترك في وجه أي استهداف خارجي"!؟ وفيما يتعلق بالسيادة، فإن الشروط ال 13 التي تقدمت بها دول الحصار الأربع، كلها تخالف مبدأ السيادة، ونحن لا نعلم لماذا لا تدرك هذه الدول نص القانون الدولي في هذا الشأن، بل ولم تلتفت إلى اتفاق الرياض الذي وقعته؟. وخصوصاً المادة (1) من ذلك الاتفاق!. بل ولا تقوم وسائل الإعلام في تلك الدول بقراءة هذه المادة، وتطبيقها على المطالب ال 13 ؟. ذلك إن كان الحوار على الطاولة – كما يتردد – إن كان "مُسيَّجاً" بشروط مسبقة لا يتيح حرية النقاش، بل تتحول الطاولة إلى إملاءات، وهي مرفوضة من دولة قطر، لأن بيئة النقاش لن تكون صالحة للتوصل إلى حلول ناجعة للقضية، كما أشار لذلك سعادة وزير الخارجية. وبعد المؤتمر الصحفي لسمو أمير دولة الكويت والرئيس الأمريكي ، أصدرت دول الحصار الأربع بياناً أكدت فيه أن " الحوار حول تنفيذ المطالب يجب ألا يسبقه أي شرط، كما أسفت الدول الأربع لما قاله أمير الكويت عن نجاح الوساطة بعدم التدخل العسكري، وشدَّدت على أن الخيار العسكري لم ولن يكون مطروحاً بأي حال، وأن الأزمة مع قطر ليست خلافاً خليجياً...." كما فسّر البيانُ تصريحات سعادة وزير الخارجية القطري، بعد المؤتمر الصحفي، بأنه رفض للحوار قبل رفع إجراءات المقاطعة التي اتخذتها الدول الأربع..." ويبدو من خلال الموقفين، أن هنالك تبايناً واضحاً حول مسائل الخلاف!؟ فدولة قطر ترى أن تنفيذ المطالب ال 13، إنما هو أمر يمسّ السيادة ويخالف القانون الدولي، ودول الحصار ترى ضرورة تنفيذ تلك المطالب قبل الشروع في الحوار! وقال الوسيط الكويتي أن " كل ما يمس السيادة غير مقبول لدينا"! ونستنتج من هذا أن دول الحصار تمارس الضغط حتى على الوسيط الكويتي، وتحاول فرض أمر واقع على مسار الأزمة، بغية استمرارها لأمد بعيد. السؤال المهم هنا : هل رجعنا إلى المربع الأول في أزمة حصار الشعب القطري؟ وهل نوايا "العدوان" سوف تمر برداً وسلاماً على الحوار، وعلى مشاعر الشعب القطري؟ وهل لن تَصُبّ تلك النوايا في أزمة " الثقة" التي حصلت بين الدول الخليجية؟ وهل ستمرُّ تلك النوايا مرور الكرام على الذاكرة الخليجية؟ تلك الذاكرة التي ما زالت تستحضر غزو العراق لدولة الكويت وتشريد شبعها وتخريب منجزاتها الوطنية عام 1990؟ ترى ماذا كان سيحدث لو لم يتم " توقيف ذاك الشيء العسكري"؟؛ والذي قد يقوده "حديث" عهد في السياسة!؟ لقد أشار الرئيس (ترامب) في المؤتمر الصحفي المذكور إلى أنه سوف يتدخل بنفسه لحل الأزمة ، مبدياً أنه " يمكن إبرام اتفاق سريع جداً حال تدخله شخصياً"، وقال: "إذا لم يتم حل أزمة قطر بسرعة، سأكون أنا الوسيط هنا في البيت الأبيض، بإمكاننا أن نلتقي كلنا سريعاً، لدينا شيء يتطلب الحل". (موقع البيت الأبيض- واشنطن)؛ أتكون هذه مداعبة سياسية، أم تحذير مبطن لضرورة حل الأزمة بأسرع وقت؟ وكانت وكالة أسيوشيتد برس قد اعتبرت موقف (ترامب) مثار دهشة نظراً لمواقفه السابقة التي بدت تميل إلى جانب المملكة العربية السعودية، بينما أعطى تعليمات لوزير خارجيته (ريكس تيلرسون) لدعم جهود الوساطة الكويتية، وقوله: "سأدعوهم وأحلُّ الأزمة هنا في البيت الأبيض". ولئن كان ذلك موقف الولايات المتحدة، والذي لا يختلف عن موقف دولة الوساطة، فلماذا التأجيل وحرق المراحل؟ لماذا لم تتم دعوة جميع الأطراف إلى واشنطن، ووضع كل الأوراق على الطاولة، وحل الأزمة بصورة حضارية وأمام العالم بكل شفافية؟ وهذا ما أكده حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أل ثاني أمير البلاد المفدى خلال تلقيه اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي عشية المؤتمر الصحفي، حيث أطلعَ سموه على نتائج مباحثاته مع سمو أمير دولة الكويت! وأعرب سمو أمير البلاد المفدى عن " تقديره للجهود الكريمة لسمو أمير دولة الكويت وحرصه ومتابعته لحل الخلاف القائم، وكذلك جهود الرئيس الأمريكي وموقفه المتمثل في ضروة حل هذه الأزمة من خلال الجلوس إلى طاولة الحوار، لضمان وحدة واستقرار دول مجلس التعاون". وأكد سموه موقف دولة قطر الثابت من حل الخلافات بالحوار البناء الذي لا يمس سيادات الدول. وأخيراً ، نحن نأمل أن تزول هذه الغمة عن السماء الخليجية، وتُحفظ حقوق وسيادات جميع دول المنطقة، بما يضمن أمنها واستقرارها، كي تتوجه الجهود نحو بناء هذه الدول بما يحقق الرفاه والاستقرار لشعوبها. ونتطلع لحل هذه الأزمة قريباً؛ كما يتمنى كل المخلصين الرافضين لا ية تجاوزات غير حضارية على أي من شعوب الخليج، وأن تُصفّى القلوب من أدرانها، وتختفي علائمُ الحقد والحسد والكراهية، وتسود العقلانية والشفافية في علاقات هذه الدول، وأن يبتعد من يريدون الشقاء والضرر لهذه المنطقة عن دائرة القرار، ويتركوا لأهل المنطقة تسوية أمورهم دونما وصاية أو "توجيهات ليل" كما مثله ذلك اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وبث شريط لحديث ملفق على حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى كانطلاقة للحصار الغاشم، في تجاوز جليّ لقدسية ومهنية الإعلام.