06 نوفمبر 2025
تسجيلكانت حياتنا الأسرية والثقافية والاجتماعية والمجتمعية قبل بوادر الانفتاح الاقتصادي والتكنولوجي يسودها الاستقرار بكل جوانبه وتحكمها القيم الاجتماعية والثقافية والدينية وتسودها العلاقات الإنسانية والاجتماعية رغم محدودية الدخل وضعف الموارد الاقتصادية وكانت المجتمعات رغم صعوبة التواصل الثقافي إلا أنها كانت تسير وفق معايير معينة لتلك المجتمعات تتسم بالهدوء والاستقرار في علاقتهم. وربما مع الانفتاح والتطور التكنولوجي وظهور العديد من وسائل الاتصال المتعددة جعلتنا نشعر أن العالم بأكمله عبارة عن قرية صغيرة النطاق وتستطيع التواصل بسهولة تشبه سرعة البرق وربما لهذا التطور مزايا متعددة لا نستطيع إنكارها ولكن ما نراه اليوم فقد أسيئ استخدامها بصورة أكبر من استخدامها في تطوير أنفسنا ومجتمعاتنا بالصورة التي كنا نأملها ولو ألقينا الضوء على الأسرة فقد اكتسحت وسائل الاتصال خصوصية الأسرة بصورة مؤلمة ولم نعتد عليها وأصبح كل فرد يعيش مع جهازه الخاص به واختلت طرق التواصل بينهم واخترعت طرق جديدة للتواصل وهي بعمل جروبات أسرية عن طريق هذه البرامج الحديثة حتى يكون أعضاء الأسرة ملمين بأخبار أبنائهم داخل وخارج المنزل وربما قتلت روح التواصل الاجتماعي والمباشر بينهم واختلت أشكال المسؤولية المفروضة على الزوجين وأتاحت الفرصة للغياب النفسي والاجتماعي رغم تواجدهم في مكان واحد وحتى العلاقات بين الزوجين بعد ما كان يسودها الحب والحوار المشترك حلت مكانها الحروب النفسية وغياب اللغة بينهم وأصبحت هذه البرامج تحتل الصدارة في أدق التفاصيل وإضافة إلى إدخال فيرس الشك بينهم وتربص كل منهما بالآخر من خلال فتح جهاز الآخر ووجود علاقات أخرى للطرفين مما أدى إلى التفكك الأسرى أو الانفصال ويليها حتى خصوصية حياتنا الأسرية وتحركاتنا داخل المنزل أو خارجه صورة مرئية ومباشرة للأصدقاء والمعارف والمجتمع الخارجي من خلال عرض خطوات الأسرة بنشر صور خاصة بها سواء بالمنزل أو بالمطعم أو احتفالات أسرية أو السفر والأجمل من ذلك التباهي بذلك من خلال عرض الصور الفاخرة والإبداع في طريقة النشر والعرض وربما أصبحت السعادة في عرض خصوصية حياتنا الأسرية وتفاصيلها أكثر من دعم العلاقات بينها وربما نجد حجم المشاكل التي حدثت لدى الكثير من الأسر بسبب سوء استخدام التكنولوجيا وغياب الوعي الفكري والنفسي الأسرى والمجتمعي وحتى أصبحت وسيلة الترفيه بين الأسرة سواء بالذهاب للمطاعم أو للسفر والإسراف المفرط فيها وذلك لعرضها بوسائل التواصل للآخرين من أجل التباهي والتفاخر أمام الأهل والأصدقاء ويعتقدون أنها من أجل المزاح والتفاخر بين الآخرين بأنه قد ذهب إلى هذا المطعم أو إلى هذه الدولة وذلك من باب اعتقاده بأنه سيأخذ مكانة اجتماعية واقتصادية في عيون المحيطين به، وبناء على ذلك الاعتقاد فقد أقبل المجتمع على باب الاستهلاك المادي والمظاهر الاقتصادية والذي قضى على عمق التواصل بين أفراد الأسرة والمجتمع وغابت مفاهيم السعادة الفعلية النابعة من داخل الفرد وأسهم سوء استخدام هذه البرامج في بث الفتن ونشر الشائعات بين الأفراد والمجتمعات وأصبحت أحد الأسلحة المستخدمة لأصحاب النفوس الضعيفة في إيذاء الآخرين سواء بتسجيل الأصوات أو أخذ مقاطع من الصور واستخدام أسلوب التهديد والردع مما أدى إلى دمار إنساني واجتماعي بمجتمعاتنا وانتهت العديد من العلاقات بسببها وهناك العديد من القصص والمواقف تسمعها من الآخرين بصورة واقعية تسلط الضوء على واقع مؤلم نعيشه بسبب سوء استخدام هذه البرامج ولذا فنحن بحاجة ماسة إلى توعية ثقافية وتعليمية تواكب المرحلة التي تعيشها مجتمعاتنا وإلى تثقيف بلغة العصر الذي نعيشه الآن حتى نتفادى أقل المخاطر الناجمة عنها ونتمنى عودة الدور الحقيقي للأسرة بالصورة التي تربينا عليها حتى لا تكون الأجيال ضحية الانفتاح ومخاطر استخدام التكنولوجيا ودور التربويين وأصحاب الفكر والثقافة في بث الوعي الثقافي الكافي حتى تحفظ مجتمعاتنا العربية من أضرارها ونستغل الجانب الإيجابي منها ونحن قادرون على ذلك .