12 نوفمبر 2025
تسجيلالبنية التحتية في السعودية على موعد مع تنفيذ مشروعات تنموية نوعية من قبيل إنشاء مترو الرياض، وتشمل الخطوات الأخرى خصخصة الخطوط الجوية السعودية من قبيل بعض المؤسسات التابعة لها مثل صيانة الطائرات. الأمر الآخر هو قرب تنفيذ برنامج إفساح المجال لشركات طيران غير محلية بتشغيل رحلات داخل المملكة. لا شك، يأتي العمل بإقامة مشروع المترو متأخرا بالنسبة لمدينة عالمية مثل الرياض لكن كما يقال متأخر أفضل من عدم التنفيذ. مؤكدا، أن التأخير له كلفته حيث سيتم تشيد المشروع بكلفة مالية باهظة قدرها 22.5 مليار دولار. وربما كان من الممكن تنفيذ المشروع بكلفة أقل قبل عدة عقود كما هو الحال مع مدن عالمية أخرى. لكن يمكن تفهم الكلفة العالية للمشروع كونه يمتد لمسافة 176 كيلو مترا ويشتمل على عدة خطوط وعشرات المحطات. ومن حسن الحظ، سوف يتم استخدام آخر ما وصلت إليه التقنية الحديثة في مجال إقامة قطارات المترو. وتبين حديثا حصول ثلاث مجموعات بقيادة مؤسسات أجنبية على عقود بناء أجزاء مهمة من المشروع. طبعا، ليس من الصواب منح العقد بأكمله لمجموعة واحدة حيث من الأفضل خلق أجواء تنافسية بين المجموعات.. ومن المفترض أن يتم الانتهاء من مترو الرياض برمته في العام 2019 وربما قبل ذلك التاريخ وهي فترة قياسية بالنظر لضخامة المشروع. عموما، سوف يشكل مشروع المترو نقلة نوعية في طبيعة المعيشة في الرياض والتي يقطنها أكثر من 6 ملايين نسمة.. ويعتقد بأن نحو 2 في المائة فقط من سكان المدينة يستخدمون وسائل النقل العامة في الوقت الحاضر. بيد أنه يتوقع استقطاب المترو أكثر من مليون شخص يوميا عند انطلاقه على أن يقفز الرقم حاجز 3 ملايين بعد عشر سنوات من تشغيله. عموما، تبقى هذه الإحصاءات توقعات بحاجة لتأكيد. الشيء المؤكد هو أن مترو الرياض سوف يغير ملامح المدينة، إذ سيكون بمقدور المواطنين والمقيمين والزوار التنقل بين أرجائها مثل المجمعات التجارية والملاعب الرياضية والمراكز المالية دون الحاجة بالضرورة لاستخدام عرباتهم الشخصية. باختصار، سوف يحصل نقلة نوعية ايجابية في نمط المعيشة والعمل في مدينة الرياض. صحيح تعتبر السعودية أكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم لكن من شأن تدشين مترو الرياض تعزيز فرص التصدير بدرجة أكبر. حاليا، تخصص السلطات السعودية في المعدل قرابة نصف مليون برميل يوميا للاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية لتلبية الطلب في جميع أرجاء المملكة المترامية الأطراف. على مستوى مدن مجلس التعاون الخليجي، تعبر إمارة دبي رائدة في مجال تنفيذ شبكة مترو تربط بين مختلف مناطق المدينة بما في ذلك المطار. وقد تم فتح أبواب مترو دبي أمام الجمهور في شهر سبتمبر من العام 2009. وللتدليل على مدى نجاح المشروع، تشير الإحصاءات إلى قيام 110 ملايين فرد باستخدام مترو دبي في 2012. وحديثا، خطت قطر خطوة متقدمة نحو تنفيذ مشروع مترو الدوحة عبر منح مجموعة تضم شركات إيطالية وكورية وقطرية عقد تفوق قيمته عن 8 مليارات دولار لتنفيذ جانب من الخط الأحمر والذي سوف يربط بعدد من الأستاذات الرياضية لكأس العالم 2022 في قطر. ويمكن الزعم بأن تنفيذ مشروع مترو الرياض يعد بمثابة التوظيف الصحيح للفوائض المالية وخصوصا الموازنة العامة. فقد سجلت موازنة السنة المالية 2012 فائضا ضخما قدره 103 مليارات دولار. يعد هذا الرقم نوعيا كونه شكل قرابة 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في حينها. الجدير ذكره، يلزم مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ مطلع 2010 بتقييد عجز الموازنة عند 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. والحديث هنا بطبيعة الحال عن فائض وليس عجزا. إضافة إلى ذلك، ينسجم تخصيص أموال كبيرة لمشروع مترو الرياض مع قيمة الثروة السيادية للسعودية. فحسب تقرير حديث للمعهد الدولي لصناديق الثروة السيادية والذي يعد مرجعا لوصول القيمة المجتمعة للصناديق الخليجية، فاقت قيمة الثروة السيادية للسعودية حاجز 676 مليار دولار في شهر يونيه من العام الجاري. يعد هذا الرقم مميزا كونه يمثل قرابة 12 في المائة من قيمة الثروة السيادية على مستوى العالم. الرقم يختص بالثروة التابعة للسلطة، لكن لا بد من إضافة الثروات المملوكة للمليارديرات السعوديين من أمثال الأمير الوليد بن طلال وغيره. يقدر الوليد ثروته الشخصية بنحو 30 مليار دولار لكن أقل من ذلك حسب مجلة (فوربس) الأمريكية والتي ترصد ثروات الأثرياء. وفي موضوع آخر، بدأت السلطات السعودية عملية خصخصة أجزاء من شركة الخطوط الجوية السعودية في إطار إعادة هيكلة لقطاع الطيران. فقبل عدة أسابيع لا أكثر، تم تخصيص شركة تعمل في مجال صيانة الطائرات كانت مملوكة بشكل جزئي للسعودية. والأهم من ذلك، ينتظر السماح لكل من القطرية وطيران الخليج بتسيير رحلات مجدولة داخل السعودية قبل نهاية العام، وكانت الناقلتان قد فازتا برخصتي تشغيل رحلات داخل السعودية لكن مع غياب بعض التفاصيل الحيوية مثل المدن التي سوف تسير لها رحلات منتظمة ونبذة عن الأسعار.. يبلغ عدد المطارات داخل السعودية 27 مطارا موزعا بين مختلف مدن المملكة. حقيقة القول، يحسب للسلطات السعودية تقديرها للحاجة إلى وجود منافسة لشركتي السعودية وناس على الخطوط الداخلية. ويعتقد أن إفلاس شركة ساما في العام 2010 ساهم في قرار دعوة شركات أجنبية للمنافسة على رخص الحصول على امتياز تشغيل رحلات بين مطارات السعودية. في المحصلة، من شأن بعض التطورات اللافتة مثل إقامة مترو في الرياض إضافة إلى إفساح المجال أمام المنافسة في قطاع الطيران على المستوى المحلي تعزيز رفاهية الاقتصاد السعودي والمواطن والمقيم والزائر.